محمد أنور السادات يكتب: إهداء إلي أم الشهيد

إرادة الشعب تصنع المعجزات، ، وقد بدأنا بالفعل نجني ثمار الثورة، حين خرجت جموع الشعب ليدلوا بأصواتهم في أول عرس ديمقراطي حقيقي طال إنتظاره ، كان مشهد المصريين في أول انتخابات رئاسية عقب سقوط الرئيس السابق حسني مبارك مشهداً أبهر العالم وعكس وعي الشعب المصري ، وحرصه علي الإختيار والتصويت حتي كبار السن والمرضي وذوي الاحتياجات الخاصة حضروا بأنفسهم لمقار اللجان الإنتخابية ، بما يؤكد وطنية الشعب المصري وقدرته علي صنع مستقبله الأفضل ، بكل ما يمتلك من قوة وعزيمة وإرادة.وفي غضون هذه النقطة الفارقة في تاريخ مصر، وهذا المشهد الديمقراطي الفريد، الذي لم نره منذ عقود ، أهدي هذا المشهد الجميل إلي أم الشهيد التي لولاها ما جنينا ثمار ثورة يناير، وخاصة الثمرة التي يقطفها الشعب المصري اليوم، وهي اختيار رئيس الجمهورية، وتحية من القلب إلي روح كل شهيد ضحي لأجل هذا الوطن .علي أننا لا يجب أن نغفل الدور الحيوي والجهد المشكور لرجال الشرطة والجيش والقضاء واللجنة العليا للإنتخابات وحرصهم علي أن تخرج المرحلة الأولي من الإنتخابات بهذا الشكل ، اللهم إلا بعض الإنتهاكات أو التجاوزات الطفيفة، التي لا تقارن أبداً بحجم الانتهاكات الصارخة التي حدثت في العهود السابقة ، وعلي المسئولين مراعاتها في المراحل القادمة.نعم لقد تغيرت أوجه الحياة في مصر مع انطلاق الشرارة الأولي لثورة الخامس والعشرين من يناير، وأصبح الشعب المصري علي مشارف مرحلة جديدة بأحلام كبري توجب علينا أن نضع من الآن لحياتنا ومستقبل مصر خطوطاً عريضة، وسياسات عامة وواضحة ومدروسة في ظل توافق تام من كل طوائف المجتمع، لنمضي عليها ويسير وفقاً لها أي حاكم، في طريق وهدف واحد نسعي إلي تحقيقه أياً كان قائدنا آنذاك.يذكرنا التاريخ دائماً بأنه حين تغيب روح الوحدة والتوافق والعمل الجماعي والهدف المشترك وتمضي المجتمعات بعشوائية دون آليات وبرامج، تتعرض بعد ذلك لمخاطر قد لا يحمد عقباها. وإننا أمام مرحلة من أدق المراحل التي تمر بها مصر سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا مرحلة اختبار صعب يجب أن نثبت من خلالها أنها مصر الحقيقية صاحبة التاريخ العريق والإنجازات العظيمة. بعيدا عن شبح الإتهامات وبإيمان كامل بحرية الإختيار ، وبدون أن نظل أسري للماضي ، حتي نتمكن من بناء وتعمير مصر.أتمني أن يأخذ كل المرشحين فرصتهم في الحوار وطمأنة المصريين علي المستقبل بعدالة ومساواة، وأن نستعيد روح الحب والإخلاص والإنتماء لمصر وأن يعمل الرئيس الجديد علي لم الشمل وإعلاء القيم وإعمال القانون ويعتمد منهجا واضحا ومحددا، وآلية قابلة للتنفيذ ومتفق عليها، تشمل جميع المجالات في مصر بحيث يأتي بعده من يأتي ليقود البلاد ويمضي في طريقه نحو تنفيذ هذا المنهج.إن آمال المصريين في التغيير لا يمكن أن تتحقق، إذا لم يكن هناك خروج عن المألوف، ومحو لسياسات سلبية قديمة ، وتبني أسس تنموية جديدة ، وإن مكاسب الثورة لم تصل بعد للفقراء ، ولم تختلف حياتهم كثيراً عما كانت عليه من قبل ، بما يحتم علينا فوراً أن نتكاتف مع رئيسنا القادم ، لنخرج جميعاً من أزمتنا، ويتحمل كل منا مسئوليته في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها مصر كي نتمكن من قيادة سفينة الوطن إلي بر الأمان.