النهار
الأحد 14 ديسمبر 2025 01:20 مـ 23 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الإسكندرية لتداول الحاويات تتلقى عرض شراء من بلاك كامبيان لوجيستكس هولدنج مواجهة نارية تنتهى بمصرع عنصر شديد الخطورة وضبط مخدرات بـ88 مليون جنيه بالقليوبية مصرع مُسن مجهول الهوية تحت عجلات سيارة نقل ثقيل بمحافظة كفرالشيخ السيطرة على حريق تريلا أعلى دائري بهتيم دون إصابات رئيس جامعة بنها : محو أمية 4312 مواطن خلال شهر نوفمبر محمد كامل لـ”النهار”: تقرير لجنة مناهضة التعذيب التابعة للامم المتحدة يكشف انتهاكات إسرائيل وهو ما أكدته صحيفة هآرتس المركزي المصري والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلقان سلسة ندوات تثقيفية حول تعزيز الابتكار بالقطاع المصرفي لدعم الشمول المالي الصحة تناقش التخصصات العلاجية والإسكان يبحث خطة عمله.. أجندة لجان الشيوخ البيت الفني للمسرح يحصد 4 جوائز عن عرض «يمين في أول شمال» بمهرجان المنيا «المصري-الأوكراني» يدعو إلي شراكة استراتيجية بين القاهرة وكييف وزير البترول يلتقي نظيره القطري لبحث تعزيز التعاون و فتح أسواق عمل للشركات المصرية بقطر إشادة بمركز التجارة الإفريقي بالقاهرة الجديدة: يُعزز بيئة الاستثمار ويفتح آفاقاً جديدة للشباب المصري والإفريقي

أهم الأخبار

شيخ الأزهر: يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء والسفر دون محرم

واصل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر، الحديث عن القَضايا التي خضَعَتْ للتوصيفِ الشرعيِّ، والاجتهادِ الفقهيِّ في أروقةِ الأزهرِ الشريف، وقال إن المرأةِ كان لها نصيبُ الأسد من مَكاسِبها؛ حيث دُرِست مُعظمُ قضاياها إمَّا بحُسبانِها فردًا مُستَقِلًّا، أو عُضوًا في الأسرة والمجتمع.

وأضاف فضيلته خلال الحلقة الخامسة والعشرين من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» أن من أوَّلِ هذه المكاسبِ موضوعُ" سفرِ المرأة"، ومعلومٌ أنَّ سفَرَها في تُراثِنا الفقهيِّ مشروطٌ -عندَ أغلبِ الفقهاءِ- بمُرافقةِ الزوجِ، أو أي مَحرَمٍ من مَحارِمها؛ لأنَّ سَفَرَ المرأةِ بمُفردِها في تلك العُصورِ-بدون مَحرَمٍ- كان أمرًا صادمًا للمُروءةِ والشرفِ، بل كان طعنًا في رُجولةِ أفرادِ الأسرةِ؛ نظرًا لما تتعرَّضُ له المرأةُ -آنذاك- من سَبْيٍ واختطافٍ واغتصابٍ، في الصحاري والفَيافي المُظلِمةِ ليلًا، وقد كان من عادةِ العربِ السَّفَرُ ليلًا، والكُمُونُ نهارًا، وحين قال النبيُّ ﷺ: "لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ -أي مَحرَمٍ- فإنَّه، وهو النبيُّ العربيُّ الذي بُعِثَ ليُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ، كان يَحمي حَقًّا أصيلًا للمرأةِ على أُسرتِها.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أنه في ظل تغيُّر نظامُ الأسفارِ في عصرِنا الحديثِ، وتبدّل المخاطرُ التي كانت تُصاحبُه إلى ما يُشبِهُ الأمانَ، وتوفُّر الرفقةِ المأمونةِ من الرجالِ والنساءِ، ولم يَعُد السفر يَستَغرِقُ لياليَ وأيامًا، فإنَّ الاجتهادَ الشرعيَّ في هذه المسألة لا مَفَرَّ له من تطويرِ الحكمِ من منعِ السَّفرِ إلى الجوازِ، بشرطِ الرفقةِ المأمونةِ كما هو الحالُ في الحج والعمرة والرحلات وغيرِها. وإنْ كان المذهبُ المالكيُّ، ومنذُ العصر الأوَّلِ للإسلامِ أباحَ للمرأة الخروجَ إلى الحج -بدون مَحرَمٍ- إذا كان معها رفقةٌ مأمونة، وقد انتهى رأيُ العلماء في هذه القضيَّةِ إلى تَبنِّي فقهِ الإمام مالكٍ -رضي الله عنه- في جوازِ سفرِ المرأةِ -اليوم- بدون محرمٍ متى كان سفَرُها آمِنًا، بصُحبةٍ تُرافِقُها، أو وسيلةٍ من وسائلِ السفر تمنعُ تَعرُّضَها لما تكرَهُ.

وبيَّن فضيلته أن من مَكاسِبِ المرأةِ أيضًا اتِّفاقُ علماءِ مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي على أنَّه يجوزُ لها شرعًا أن تتقلَّدَ الوظائفِ التي تُناسبها كافَّةَ بما فيها وظائفُ الدولةِ العليا ووظائفُ القضاءِ والإفتاءِ، وأنَّه لا يجوزُ الالتفافُ حولَ حقِّها هذا لمصادرتِه أو وضع العقبات أو التعقيدات الإداريَّةِ ممَّن يستكبرون أن تجلسَ المرأةُ إلى جوارهم، ويَحولُون بينَها وبينَ حقِّها المقرَّرِ لها شرعًا ودستورًا وقانونًا، وكلُّ محاولةٍ من هذا القَبِيلِ هي إثمٌ كبيرٌ، يَتَحمَّلُ صاحبُه عواقبَه يومَ القيامة.

وأشار إلى أنه فيما يَتعلَّقُ بأمر فَوْضَى الطلاقِ قرَّر العلماء، وربما لأول مَرَّةٍ، أنَّ الطلاق التعسفي، بغير سببٍ مُعتَبرٍ شرعًا، حرام وجريمة أخلاقية يُؤاخَذ عليها مُرتكبُها يومَ القيامة، سواء كان ذلك برغبةٍ من الزوجِ أو الزوجةِ، وذلك للضررِ الذي يَلحَقُ أُسرةَ كلٍّ منهما، وبخاصَّةٍ: الأطفال. وقد تَعجَبُون لو قلتُ لحضراتكم: إنَّني، وأثناءَ بحثي في فقهنا القديم، عن حكم الطلاق، وكيف يكونُ مباحًا مع الأضرارِ المترتبةِ عليه، وجدتُ من كبار الفقهاءِ الأجلاءِ مَن يقولُ: إنَّ الأصلَ في الطلاقِ الحرمةُ، وإنَّه لا يَصِيرُ مباحًا إلا للضرورة، وكادوا يحصرون الضرورةَ في نُشُوزِ الزوجة على زوجِها، والنشوزُ هو التعالي والتكبر على الزوج واحتقاره وإشعاره بأنَّه في منزلةٍ أدنى من منزلةِ الزوجة.. فهاهنا يكونُ الطلاقُ «مباحًا»، وأُكرِّر: «مباحًا» وليس واجبًا ولا سنةً ولا مستحبًّا، ثم يقولُ هذا الفريقُ من العلماءِ: وهذا هو الطلاقُ المباحُ الذي وُصِفَ في الحديثِ الشريفِ بأنَّه أبغض الحلال إلى الله، وليس كما تَفهَمُ غالبيَّةُ الأمَّةِ بأنَّ الطلاق حلالٌ مطلقًا وإنْ أبغَضَه الله تعالى.

وتابع شيخ الأزهر أن مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي عالَجَ كذلك مسألةً هامَّةً كثيرًا ما يَضطِربُ فيها أمرُ الأُسَرِ، وهي: ما يَتعلَّقُ بالشبكةِ التي يُقدِّمُها الخاطبُ لمخطوبتِه؛ هل هي جزءٌ من المهر فيجبُ رَدُّها معه إذا لم يَتِمَّ الزواج، أو ليس جُزءًا فلا يجبُ ردُّه؟ وقد انتهى رأيُ العلماء إلى أنَّه إذا كان فسخُ الخطوبةِ بسببِ المخطوبةِ فللخاطبِ حَقُّ استردادِها، وإذا كان هو السببَ فلها الاحتفاظُ بكلِّ ما قدمه لها كشبكةٍ، وفي كلِّ الأحوال لا تُعَدُّ من المهر، إلا إذا اتُّفِقَ على ذلك، أو جَرَى العُرْفُ به. وكذلك لا يُعَدُّ مجرَّدُ العدولِ عن الخطوبة ضررًا يُوجِبُ تعويضًا، لكنْ إذا ترتَّب عليه -فعلًا- ضررٌ أدبيٌّ أو ماديٌّ أو كلاهما، وبخاصَّةٍ للمخطوبةِ، فللمُتضرِّر حقُّ طلبِ التعويض.

وأكد فضيلته أن مؤتمر الأزهر راعَى النظر في بعض العادات المؤسفة التي تَلجَأُ إليها بعض الأسر، مثل: تعنُّت ولي أمر البنت وحرمانها من رغبتها في الزواج بشابٍّ مُناسب؛ انتظارًا لشابٍّ ثريٍّ أو من أسرةٍ ثريَّةٍ، أو من نفس عائلةِ البنت، كما يحدثُ في بلادِنا في الصعيد وفي دول أخرى، وقد انتهى الرأيُ في هذا الموضوعِ إلى أنَّه: «لا يحقُّ للوليِّ منعُ تزويجِ المرأة برجلٍ كفءٍ ترضاه، إذا لم يكن للمنعِ سببٌ مقبولٌ، وللقاضي إذا رُفع إليه أمرُها أن يُزوِّجَها».

واختمم شيخ الأزهر حديثه في الحلقة الخامسة والعشرين ببرنامجه الرمضاني لهذا العام أن من أهمِّ ما أكَّدَه العلماءُ في فقهِ المرأةِ إلغاءُ ما يُعرَفُ ببيتِ الطاعةِ إلغاءً قانونيًّا قاطعًا لا لبسَ فيه ولا غُموض؛ لما فيه من إهانةٍ للزوجةِ، وإيذاءٍ نفسي لا يُحتَمل، ومعاملةٍ غيرِ آدميَّةٍ لها كإنسانٍ تُحتَرم مشاعرُه وأحاسيسُه.. ولم ينسَ السادةُ العلماءُ أنَّ يُنبِّهوا إلى أنَّ ما يُسمَّى ببيتِ الطاعةِ لا وُجودَ له في الشريعةِ الإسلاميَّةِ التي كرَّمت النساءَ، وجعَلَتْهُنَّ شقائقَ الرجالِ، وهل ننتظرُ من مَقهورةٍ مسحوبةٍ على وجهِها أن تملأ بيتَ زوجها -بعد ذلك- ودًّا ورحمة.