الجمعة 29 مارس 2024 12:06 مـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: بابا الفاتيكان يسبح عكس التيار

تتصيد كل وسائل الإعلام وكبريات الصحف الأمريكية والبريطانية أى أخطاء لمصر بصفة خاصة دوناً عن بلدان العالم، وهذه حقيقة رصدناها فى العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، خاصة «نيويورك تايمز وإندبندنت وسى إن إن»، رغم الأحداث الجسام والمتتالية فى العديد من بلدان العالم، وآخرها تركيا، التى لا أحد يتحدث عن حقوق الإنسان أو الحريات أو تكميم الأفواه أو تأليه الحكام فيها، على عكس الفرقعات الإعلامية التى تتحدث عن كل صغيرة أو كبيرة فى مصر، حتى إن التفجيرات التى تحدث فى دول عديدة فى العالم، خاصة فرنسا وروسيا وألمانيا وبريطانيا، لا تؤثر على التدفق السياحى إليها، بعكس ما يحدث مع مصر، الأمر الذى يشير إلى تصيد واستهداف للرئيس السيسى وللدولة المصرية، بعد فشل الدعاوى المختلفة فى ملفات أخرى كحقوق الإنسان والحريات وغيرها.. كل ذلك فى سبيل حصار مصر وتشويهها، فلم يحدث  أن تدخل أحد وطالب بتأمين مائة فى المائة لمطارات دول مختلفة فى العالم، مثلما حدث مع مصر، بالرغم من أنه أمنياً لا يوجد ما يسمى بالتأمين المطلق أو التأمين مائة فى المائة. 
وجاءت الطامة الكبرى بعودة «ريما لعادتها القديمة» بعد حديث بعض الأصوات فى لجنة المساعدات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى عن ملف حقوق الإنسان والحريات فى مصر، وادعاءات وجود انتهاكات بهذه الملفات على عكس الحقيقة، إلا أنه التصيد والمزايدة المبالغ فيها. 
ولكن جاءت الصفعة الكبرى على وجه هؤلاء المتربصين بإصرار بابا الفاتيكان، فرنسيس، أحد رموز السلام الحقيقى فى العالم، بعيدا عن الشعارات الكبيرة، ليسبح ضد تيارات التصيد والاستهداف لمصر بلد السلام وبلد الأمن، لتؤكد أنهم لن يستطيعوا مهما كذبوا وزيفوا الحقائق أن ينالوا من مصر بلد الديانات السماوية، والأنبياء والحضارات والثقافات.. فمصر التى ولد على أرضها نبى الله موسى ولجأ إليها نبى الله عيسى المسيح وأوصى بأهلها خاتم الأنبياء محمد، صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، والتى قال عنها ربنا عز وجل فى قرآنه «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ"» لن تسقط أبداً فريسة لهذه العصابات. 
كما جاءت رسالة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عن مصر بلد الأمن والأمان والسلام واضحة ومباشرة، فنجده تحرك فى مصر بلا سيارة مصفحة، ورفض أن يقطن أحد القصور الرئاسية أو الفنادق المحصنة، ونزل فى سفارة الفاتيكان بالقاهرة، وتحرك فى سيارة صغيرة وسط الجماهير فى شوارع مصر المحروسة، ثم ذهب إلى الأزهر الشريف والتقى الدكتور أحمد الطيب، إمام المسلمين الأكبر على مستوى العالم، والأزهر إحدى المؤسسات الوسطية والتنويرية الحقيقية فى عالم يموج بالتطرف والإرهاب الذى تبتلينا به الدول الكبرى. 
وبهذه المناسبة فأنا كنائب بالبرلمان المصرى، أقولها من أعلى مئذنة فى قاهرة المعز، إن الاقتراب من مؤسسة الأزهر الشريف ومحاولة النيل منها، يعادل محاولة النيل من المؤسسة العسكرية، وإن كلتيهما خط أحمر.. فالجيش يدافع عن الأرض والوطن، والأزهر بهيئة كبار علمائه ورموزه ينشر الوسطية والاعتدال واحترام الآخر والمواطنة بمفهومها الحقيقى، أن الدين لله والأوطان لكل البشر وكل الديانات.
وهذا هو سر تقدير واحترام المسلمين على مستوى العالم، لرمز التنوير والاعتدال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. 
وعلى الضفة الأخرى، يعتنق البابا تواضروس الثانى، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نفس الاتجاه ليصبح أحد رموز الاعتدال المسيحى فى مصر والعالم، بعد أن كانت رسالته للعالم أن مصر آمنة مهما حدث من استهداف لبعض الكنائس، وأن هذه التفجيرات إنما هى نتاج عقول متطرفة تسعى لتفجير الأوطان. 
فلذلك كانت زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر رسالة فى كل الاتجاهات، رسالة تنويرية توضح التسامح والمحبة والاعتدال فى مصر، ورسالة إعلامية أن كل ما يكتب ضد مصر عارٍ تماما عن الصحة والحقيقة، ورسالة دينية وسياسية وأمنية واقتصادية وسياحية لدعوة مليارات المسيحيين فى العالم أن تعالوا إلى مصر فهى البلد الذى لجأت إليه العائلة المقدسة محتضنة يسوع المسيح، عليه السلام، وأمه مريم العذراء ويوسف النجار، وهى البلد الذى يضم عدداً ضخماً من الكنائس المستنيرة، وشعباً يقبل الآخر، ويعتنق المواطنة بمفهومها الحقيقى بعيداً عن أفكار التنظيم الدولى للإخوان  والميليشيات الإرهابية التى خرجت جميعاً من عباءة التنظيم. 
وتساؤلى الذى لم يجد إجابة حتى الآن: لماذا اعتذر داعش لإسرائيل عن إطلاق صاروخ بالخطأ على الجولان المحتل؟ ولم يعتذر لأسر آلاف المسلمين والمسيحيين فى العالم الذين قتلهم التنظيم فى كافة أرجاء العالم؟
فلذلك أعتبر أن زيارة بابا الفاتيكان فى هذا التوقيت، هى أهم حدث فى عام 2017، ليؤكد على خصوصية الشعب المصرى وتسامحه وأن مصر ستظل آمنة مهما كاد لها المتأسلمون والإخوان غير المسلمين.. وأن بابا الفاتيكان يسبح ضد تيار المتطرفين فى كل مكان.