النهار
الثلاثاء 20 مايو 2025 12:14 صـ 21 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
أسامة شرشر يكتب: هدنة غزة... انتصار لدور مصر وقطر فى مواجهة رغبات طائشة لشرق أوسط جديد! ”عطيه” يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل.. ويشدد على سرعة الإنجاز لخدمة المرضى محافظ القليوبية يبحث مع مساعد وزيرة البيئة تطوير منظومة إدارة المخلفات محافظ القليوبية يشهد حملة مكبرة لإزالة ”التراكمات التاريخية” أسفل محور الفريق العصار.. ويوجه بتحويلها لمشروعات خدمية حيوية محافظ أسيوط يضبط خبزًا ناقص الوزن ويوجّه بإجراءات قانونية فورية تحويل حركة الطيران من مطار سوهاج الدولي إلى مطار أسيوط الدولي اعتبارًا من أول يوليو لأعمال صيانة عاجلة ليفربول يتقدم 2-1 أمام برايتون في الشوط الأول ياسين العياري يدرك التعادل لـ برايتون أمام ليفربول شغالين بشكل غير قانوني.. إغلاق عدة مراكز طبية مخالفة خلال حملة تفتيشية موسعة في قنا رئيس جامعة السويس يفتتح المؤتمر الطلابي السابع لكلية العلوم ”العلوم التطبيقية من النظرية للإبتكار” المركز القومي للترجمة يحتفي بـ ”يوم إفريقيا” الأحد القادم 25 مايو إليوت يسجل هدف تقدم ليفربول في مرمى برايتون بالدوري الإنجليزي

عربي ودولي

في محاضرته بالمجلس المصري للشؤون الخارجية

ابو الغيط يدعو لاعادة احياء النظام الاقليمي العربي ويحذر من تداعيات ”القومية الاقصائية”

اكد الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط ان إعادة إحياء النظام الإقليمي العربي  يشكل اولوية كبيرة خاصة وان هذا النظام تعرض لهزات هائلة وشروخٍ غير قليلة، ولكنه ما زال قائماً ، محوره، من الدول الرئيسية، ولازال إلى حد ما سليماً، وما زال بالإمكان الإرتكان إلى هذا "العصب النابض" لتأسيس منظومة إقليمية عربية قادرة على مواجهة التحديات المُحدقة بالمنطقة، سواء من جوارها القريب أو من العالم الأوسع الذي يعيش لحظة تحول تاريخي غير مسبوقة.

جاء ذلك خلال المحاضرة التي القاها ابو الغيط بالمجلس المصري للشؤون الخارجية بحضور وزير الخارجية سامح شكري ،والسفير الدكتور منير زهران رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية. 

وقال ابو الغيط ان المنطقة العربية ، ولأسباب كثيرة، ستظل في قلب السياسات العالمية ، ولن يستطيع العالم أن يدير ظهره لها أو أن يتجاهلها، اما بسبب مُشكلاتها، وهي كثيرة ولا تخفى على أحد، وإما بدافع ما تُمثله من أهمية استراتيجية من زوايا مختلفة..
واضاف ابو الغيط ان سيل الأفكار الجديدة لإعادة ترتيب المنطقة لن ينقطع في هذه المرحلة بالذات، وجمعينا سمِع كلاماً عن نهاية سايكس بيكو والحاجة إلى ترتيبات جديدة تأخذ في الاعتبار الانفجارات التي عصفت ببعض دول المنطقة ، وقد استمعتُ لكلامٍ شبيه في مؤتمر للحوار المتوسطي شاركتُ فيه بروما أوائل هذا الشهر،  و تحدث البعض عن استلهام نموذج "هلسنكي" الذي تم تصميمه لتحقيق إنفراجة بين الشرق والغرب في زمن الحرب الباردة بهدف تحقيق انفراجة مماثلة للصراعات المُحتدمة في الشرق الأوسط اليوم..
كما اوضح ان المشهد الإقليمي ذاته ليس جاهزاً لترتيبات جديدة ،و العرب يبدون في وضع أضعف وأكثر انكشافاً أمام جوارٍ متربص ويتحين الفُرصة للانقضاض لملء الفراغات وتحصيل المكاسب والمغانم، وبالتالي ليست تلك هي اللحظة المواتية –من وجهة نظرنا.. نحن العرب - التي نؤسس فيها لوضع مُستقر أو لمنظومة إقليمية ممتدة وراسخة...
ونبه ابو الغيط الى ان العربُ بحاجة  –أولاً- إلى تعديل الاختلال الفادح في التوازن حيال دول الجوار الإقليمي التي صار بعضُها يتبنى سياسة تمزج بين الإجتراء والنهم غير المحدود محملا هذه السياسات الخبيثة   قسطاً من المسئولية عن الانفجار الذي نشهده في المشرق العربي، وهو انفجار غير مسبوق في مداه أو عمق تأثيره في حاضر هذه المنطقة ومستقبلها.

هدنة شاملة لالتقاط الانفاس 

وشدد ابو الغيط على ان المنطقة العربية في حاجة اليوم لهدنة شاملة لالتقاط الأنفاس... الأولوية الأولى هي أن يتوقف القتل وتصمت المدافع.. وتزول رائحة الدم التي تفوح من أرجاء المنطقة... الأولوية الثانية هي تثبيت الدولة الوطنية كما عرفها العالم العربي في القرن المنصرم ، موضحا ان هذه الدولة، على ما فيها من مُشكلات وعلى ما تسببت فيه من خيبات، تظل البديل الوحيد عن اللادولة ، وعن جماعات العنف والعصابات العابرة للحدود وايديولوجيات القتل على الهوية وسبي النساء..
وقال ان الدولة الوطنية التي ننشدها لابد أن تكون مقرونة بكل معاني العدالة وحُكم القانون والحكم الرشيد والمؤسسية.. ولكنها قبل ذلك كله، يتعين أن تكون دولة ، بحدود معروفة وإقليم مُحدد ، دولة ذات سيادة وجيش وطني وسُلطة شرعية تتمتع بقبول عموم المواطنين..
أما الأولوية الثالثة فهي إعادة إحياء النظام الإقليمي العربي الذي تعرض لهزات هائلة وشروخٍ غير قليلة، ولكنه ما زال قائماً
وفي اشارته للتطورات على الساحة العالمية قال  ابو الغيط ا أن منطقتنا ليست بعيدة عن هذه التطورات بل هي تقع في القلب منها موضحا أن تدفقات اللاجئين والمُهاجرين التي تسببت فيها الحرب الأهلية السورية وغيرها من نزاعات الشرق الأوسط توشك أن تُغير وجه السياسة في أوروبا.، موضحا انها أفرزت موجة من صعود اليمين القومي لا نعرف متى أو أين ستتوقف، كما ان عدداً من الدول العربية لا زال يلعب دوراً محورياً في تحديد اتجاه أسعار النفط العالمية، التي تمثل بدورها ركيزة رئيسية من ركائز استقرار النظام الاقتصادي الدولي...

ولفت الى ان لحظة القلق التي يعيشها العالم اليوم عبرت عن نفسها في أحداث كُبرى شهدت مسارات غير متوقعة، مثل اختيار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، وانتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر... وغيرها من التحولات التي يُمكن أن نمُيز فيها جميعاً خطاً مُتصلاً، واتجاهاً جامعاً، وهناك ردة فعلٍ عكسية رافضة للعولمة بمظاهرها المختلفة ، مليارات البشر يشعرون أن العولمة تهمشهم وتأتي على حسابه، وهؤلاء  البشر يُعبرون عن رفضهم بطرق مختلفة، بعضها يظهر في صناديق الاقتراع كما رأينا في بريطانيا والولايات المتحدة، وأخيراً في إيطاليا، وكما قد يحدث في مناطق أخرى في أوروبا وغيرها، وبعض هذه المظاهر ينعكس في تصاعد العُنف أو التطرف، دينياً كان أو قومياً..
كما اشار الى ان التطرف سِمة أخرى من سمات عصرنا، وان  التغيرات المُتسارعة تجعل الملايين فريسة سهلة لعمليات غسيل الأدمغة وتشكيل الوعي الرافض للمُجتمع والخارج عليه، كما ان الشبكة الدولية للمعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي تُسهل من مهام من يستهدفون نشر الخطاب المتطرف، سواء على أساس ديني أو قومي،  الجماعات الصغيرة- بل وحتى الأفراد- صارت لديهم من القوة والنفوذ والتأثير ما لم يتوفر في أي مرحلة تاريخية سابقة.
وصار العالم مكاناً أكثر خطورة.. مراكز التأثير فيه متعددة.. ومكامن القوة موزعة.. ومقومات السُلطة والهيمنة مُفتتة ومُشرذمة.. مفهوم السُلطة ذاته يتعرض للتآكل والذوبان..
​وفي اشارته للتأثير الاقتصادي في كل ما يجري اوضح ابو الغيط ان موجة الركود والتباطؤ، وسياسات التقشف في بعض الدول الغربية، أفرزت حالة من الاحباط والتململ والشعور بالظلم لدى جمهور واسع منبها الى ان الأخطر من التباطؤ هو اتساع الفجوة بين الدخول، فأصحاب الياقات الزرق يشعرون أن العولمة تُميز ضدهم ، وهذا  اتجاه أسهم في فوز ترامب.. ويُسهم في تنامي الشعور القومي المُعادي للعولمة والانفتاح في أكثر من بلد.
​ كما ان العولمة تُمثل حزمة واسعة من السياسات والأفكار والمنظومات الاقتصادية ، الأصل فيها هو الانفتاح الكوني وسقوط الحواجز بين الدول أمام الأموال والبضائع والبشر. تصاعد الهجرة، مع التباطؤ الاقتصادي، يُغذي بدوره الشعور المناهض للعولمة والرافض لها...
​لذلك كله فإن اللحظة المُرتبكة والقلقة الراهنة تشهد أيضاً مداً متنامياً في المشاعر القومية ، مداً مُعاكساً للاتجاه العالمي الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة في التسعينات، والذي كان عنوانه الأسواق المفتوحة والقرية الكونية الواحدة،  فاليوم نستمع إلى رئيسة وزراء بريطانيا "تريزا ماي" وهي تقول " أن تكون مواطناً عالمياً يعني ألا تكون مواطناً في أي مكان"
واوضح ابو الغيط ان هذا التصاعد في الشعور القومي لا يكاد يستثني قارة أو اقليماً، فهو ظاهرة تسري في المعمورة من أقصاها إلى أقصاها... وهي بالتأكيد تعكس حالة من القلق والترقب، بل والخوف والتحسُب لدى الشعوب على اختلاف ألوانها وثقافاتها.
ولفت ابو الغيط الى ان الشعور القومي، في حد ذاته، ليس شيئاً مكروهاً، بل هو مطلوبٌ وواجبٌ ولا غنى عنه لأي أمة ، ولكن القصود هو "القومية الإقصائية"  الرافضة للآخر.. المُشبعة بروح العداء والكراهية والميل إلى العُنف... هذا الضرب من القومية كان – في فترات تاريخية سابقة- وبالاً على العالم.. ومُقدمة لجولات من الصراع بين القوى الكبرى أفضت إلى مآس وويلات وحروب.