النهار
الخميس 11 ديسمبر 2025 05:54 صـ 20 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مطالب في الأهلي بتغيير سياسة تصعيد الناشئين والاعتماد على المواهب تعرف علي خطوات تسجيل حضور قداس عيد الميلاد المجيد 2026 بنك القاهرة يحصد جائزة أفضل حملة تسويقية – مصر 2025 منGlobal BrandsMagazine «تنظيم الاتصالات» يحذر من محاولات اختراق تستغل ثغرات جديدة على الهواتف المحمولة منى زكى تعليقا على أزمة محمد صلاح: ” ماقاله في وسائل الإعلام دليلًا على حبه لفريقه” عندنا براندات قوية وبتنافس أي مكان في العالم” .. دينا الشربيني تعلن عن مفاجأة مسلسل لاترد ولا تستبدل الأوبرا العربية بالدوحة يكرم الأوبرا المصرية ضيف شرف دورته الأولى ويهديها درع المهرجان وزير البترول كريم بدوي يلتقي رئيس شيفرون لتعزيز توريد الغاز القبرصي إلى مصر وتوسيع الاستثمارات في شرق المتوسط رئيس مدينة سفاجا يعقد اللقاء الدوري للمواطنين السجن المشدد 6 سنوات لبقال بالخصوص بتهمتي الإتجار والتعاطي في المخدرات انتهاك براءة طفلة يقود سائق التوك توك للمشدد 10 سنوات بالخصوص في حملة مفاجئة.. تموين القليوبية يكشف مستودعًا خفيًا للسلع الغذائية المجهولة

مقالات

د. محمود خليل يكتب: «موكب الرسول» والمجتمع الطارد

د. محمود خليل
د. محمود خليل

إنه اسم المركب الغارق قرب البحيرة، وتسبب فى وفاة عشرات المهاجرين من مصر، موكب الرسول.. الأرجح أن الاسم فيه نوع من التبرك بالنبى صلى الله عليه وسلم. وقد كانت الهجرة جزءاً من تجربته، لكنها كانت هجرة عبر البر، عندما انتقل من مكة إلى المدينة. وفى هذا المقام نزلت آية كريمة تلوم على بعض المكيين الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، لكنهم خشوا الهجرة معه، فكانت النتيجة أن دفعهم مشركو مكة دفعاً إلى المشاركة ضد النبى وصحبه فى غزوة بدر.

يقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً».

يندفع المهاجر -حين يهاجر- بإحساس يسكنه بالضيق، وأن المكان الذى شهد مولده وشبابه أصبح ينبذه، بعبارة أخرى يفكر أى إنسان فى الهجرة عندما يشعر أنه يعيش فى مجتمع طارد. كان ذلك جوهر فكرة الهجرة، فى التجربة النبوية، وهى كذلك فى كافة التجارب الإنسانية الأخرى للهجرة، مع اختلاف الأسباب بالطبع. فالإنسان الذى يعيش حالة من الضيق يبحث عن الهجرة من أجل السعة: «وَمَنْ يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِى الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً». وفى حالات الضيق يستوى ضيق الرزق مع ضيق الإحساس بالحرية، لكن يبقى أن ضيق الرزق، هو أشد أنواع الضيق ألماً، وهو العامل الأهم فى تحريكهم نحو الهجرة. فلا أبشع على أب من إحساس العجز عن توفير احتياجات من يعول، ولا أبشع على شاب من إحساس العجز عن بناء مستقبل، ولا أبشع على أم من إحساس العجز وهى ترى نظرة الحرمان فى عيون أبنائها. ليس ثمة إحساس يعادل فى مرارته الإحساس بضيق الرزق، خصوصاً إذا كان غياب العدل هو السبب فى ذلك. من الطبيعى جداً أن يصبر الناس على مرارة الفقر وشظف العيش، لكن عاقلاً لا يستطيع أن يطالبهم بذلك عندما يغيب العدل، ويصبح بؤسهم ثمناً لتمدد غيرهم فى الحياة المخملية!.

موقف النبى من الفقر معروف ومحفوظ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الكفر والفقر: «اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر». وكأن الفقر هو البوابة الطبيعية للكفر، خصوصاً الكفر بالواقع وبالمجتمع الذى يعيش فيه الإنسان. وقال على بن أبى طالب كرم الله وجهه: «إنّ‏ الله سبحانه فرض فى أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متِّع به غنى والله سائلهم عن ذلك». إنها معادلة. فالغنى الطافح لا بد أن يتوازى معه فقر يورث الكفر. ظنى أن غرق مركب «موكب الرسول» من أخطر الأحداث التى شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة. إنها إنذار واضح لا تخطئه عين بما وصل إليه حال البشر فى مصر، شعباً وحكومة وأجهزة، وهى رسالة متعددة الأبعاد إلى كل من يهمه الأمر فى هذا البلد الذين يرون ما أرمى إليه بعيداً.. وأراه قريباً!.

نقلا عن الزميلة الوطن