النهار
السبت 19 يوليو 2025 09:17 مـ 23 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
المجلس الأكاديمي بجامعة المنصورة الأهلية يناقش الاستعدادات للعام الجامعي الجديد رئيس جامعة المنصورة الجديدة يشارك في توقيع اتفاقية تعاون دولي مع جامعة لويفيل الأمريكية رئيس جامعة طنطا يتفقد لجان انتخابات ممثل العاملين بصندوق تحسين الأحوال فحوصات طبية شاملة داخل منشآت الغربية الرياضية لضمان صحة اللاعبين ”تعليم الغربية” يكرم أوائل الابتدائية بمدرسة الجيل المسلم بكفر الزيات أول تعليق من حماية النيل بسوهاج بشأن انتشار نباتات شبيهة بورد النيل «إعلام 6 أكتوبر» تحصل على الاعتماد المؤسسي جامعة حلوان: تعزيز ثقافة العمل التطوعي وفتح فصول لمحو الأمية الإثنين المقبل.. إغلاق كوبري الباجور في الاتجاه القادم من شبين الكوم للصيانة «عموية المعلمين» توجه التحية للرئيس السيسي: وضع «التعليم والمعلم» على رأس أولويات مصر الحديثة سباق بالدراجات النارية ينهي حياة مدير مدرسة بقويسنا بطاطس نصف مقلية بزيت منتهي.. ضبط مصنع مخالف في المنوفية

مقالات

د. محمود خليل يكتب: «موكب الرسول» والمجتمع الطارد

د. محمود خليل
د. محمود خليل

إنه اسم المركب الغارق قرب البحيرة، وتسبب فى وفاة عشرات المهاجرين من مصر، موكب الرسول.. الأرجح أن الاسم فيه نوع من التبرك بالنبى صلى الله عليه وسلم. وقد كانت الهجرة جزءاً من تجربته، لكنها كانت هجرة عبر البر، عندما انتقل من مكة إلى المدينة. وفى هذا المقام نزلت آية كريمة تلوم على بعض المكيين الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، لكنهم خشوا الهجرة معه، فكانت النتيجة أن دفعهم مشركو مكة دفعاً إلى المشاركة ضد النبى وصحبه فى غزوة بدر.

يقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً».

يندفع المهاجر -حين يهاجر- بإحساس يسكنه بالضيق، وأن المكان الذى شهد مولده وشبابه أصبح ينبذه، بعبارة أخرى يفكر أى إنسان فى الهجرة عندما يشعر أنه يعيش فى مجتمع طارد. كان ذلك جوهر فكرة الهجرة، فى التجربة النبوية، وهى كذلك فى كافة التجارب الإنسانية الأخرى للهجرة، مع اختلاف الأسباب بالطبع. فالإنسان الذى يعيش حالة من الضيق يبحث عن الهجرة من أجل السعة: «وَمَنْ يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِى الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً». وفى حالات الضيق يستوى ضيق الرزق مع ضيق الإحساس بالحرية، لكن يبقى أن ضيق الرزق، هو أشد أنواع الضيق ألماً، وهو العامل الأهم فى تحريكهم نحو الهجرة. فلا أبشع على أب من إحساس العجز عن توفير احتياجات من يعول، ولا أبشع على شاب من إحساس العجز عن بناء مستقبل، ولا أبشع على أم من إحساس العجز وهى ترى نظرة الحرمان فى عيون أبنائها. ليس ثمة إحساس يعادل فى مرارته الإحساس بضيق الرزق، خصوصاً إذا كان غياب العدل هو السبب فى ذلك. من الطبيعى جداً أن يصبر الناس على مرارة الفقر وشظف العيش، لكن عاقلاً لا يستطيع أن يطالبهم بذلك عندما يغيب العدل، ويصبح بؤسهم ثمناً لتمدد غيرهم فى الحياة المخملية!.

موقف النبى من الفقر معروف ومحفوظ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الكفر والفقر: «اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر». وكأن الفقر هو البوابة الطبيعية للكفر، خصوصاً الكفر بالواقع وبالمجتمع الذى يعيش فيه الإنسان. وقال على بن أبى طالب كرم الله وجهه: «إنّ‏ الله سبحانه فرض فى أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متِّع به غنى والله سائلهم عن ذلك». إنها معادلة. فالغنى الطافح لا بد أن يتوازى معه فقر يورث الكفر. ظنى أن غرق مركب «موكب الرسول» من أخطر الأحداث التى شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة. إنها إنذار واضح لا تخطئه عين بما وصل إليه حال البشر فى مصر، شعباً وحكومة وأجهزة، وهى رسالة متعددة الأبعاد إلى كل من يهمه الأمر فى هذا البلد الذين يرون ما أرمى إليه بعيداً.. وأراه قريباً!.

نقلا عن الزميلة الوطن