النهار
الثلاثاء 3 يونيو 2025 12:46 صـ 5 ذو الحجة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
محمد صلاح ينافس على ”أفضل مباراة” في البريميرليج لموسم 2024/ 2025 إحالة سايس جراج لمفتى الجمهورية لقتله شخصاً بسبب خلافات سابقة بالخانكة تأييد حكم الإعدام والمؤبد لـ3 متهمين باستدراج طفل وقتله لسرقة توك توك بالخانكة خلافات سابقة تقود نجار وزوجته للمفتى لقتلهم شخص بشومه في الخانكه لرد الدائرة.. تأجيل محاكمة المتهمين بقتل شخص بأعيرة نارية بالقناطر الخيرية تجارة المخدرات تقود ربة منزل وزوجها للسجن المؤبد والمشدد 15 عام بالقناطر الخيرية ندعم الابتكار في عالم كرة القدم داخل الملعب وخارجه OPPO تشارك في نهائي دوري أبطال أوروبا تموين الإسكندرية تضبط 100 كيلو سكر غير مرخص خلال حملاتها بحي العجمي ”تضامنًا مع مصيلحي”.. مجدي عبد العاطي يعتذر عن منصبه في تدريب الاتحاد السكندري رقمنة المخطوطات في مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي الهيئة العربية للتصنيع تطلق تعاونًا استراتيجيًا لتصنيع قطع الغيار بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد..تفاصيل الأهلي راحة الأربعاء لإراحة اللاعبين قبل رحلة السفر الشاقة لأمريكا

مقالات

د.محمد زهران يكتب: الأسطورة

محمد زهران
محمد زهران

كان يحارب الاستعمار الإنجليزي عن طريق الطب كما قال عنه عبدالمنعم شميس في كتابه الرائع "عظماء من مصر"! هذا الساحر صاحب الأصابع الذهبية كان يأتي بالأعاجيب، علماً وخلقاً. نحن الآن في العقد الثاني من القرن العشرين، مرض السلطان حسين كامل مرضا شديدا عجز معه كل الأطباء الأجانب عن علاجه، فأشار عليه أحد أفراد الحاشية بالدكتور علي إبراهيم، جاء هذا الطبيب العبقري وأجرى جراحة للسلطان شفي على أثرها! لم تنته القصة هنا فقد طلب هذا الطبيب، الناشئ آنذاك، ألف جنيه ذهب من السلطان كأجر! لا تنس أننا في عام ١٩١٥! ذاع صيت الدكتور علي إبراهيم ولكن الفقراء من الناس تهيبوا من الذهاب لهذا الطبيب الذي يأخذ ألف جنيه ذهب، و لكن.. فلنرى.

مرضت ابنة أحد الفقراء وكادت أن تموت، والرجل لا يملك شيئا ناهيك عن ألف جنيه من الذهب، ولكنه فكر أنه لن يخسر شيئا لو ذهب إلى الدكتور علي إبراهيم في سبيل حياة ابنته، فجمع كل ما يملكه، وكان لا يتجاوز الخمسة جنيهات، ووضعه في مظروف. الدكتور أخذ منه المظروف وأجرى الكشف على الابنة وقرر إجراء جراحة لها في اليوم التالي، بعد نجاح الجراحة و شفاء الابنة أعاد الدكتور المظروف لهذا الرجل وفيه خمسون جنيها فوق الخمسة!! كان قد أخذ منه المظروف في أول مقابلة حتى لا يجمع عليه حرجا فوق خوفه على ابنته! الروايات كثيرة للغاية عن هذه الشخصية الأعجوبة.. الذي كان يأخذ من الأغنياء ليعطى الفقراء.. في كتابه الرائع الذي أنصح الجميع بقراءته "عظماء من مصر" يحكي عبدالمنعم شميس أن أحد القضاة ذهب لعمل جراحة عند الدكتور علي إبراهيم، وعندما حان وقت الحساب سأل القاضي عن راتبه وأخذ منه مرتب شهر كأجر للعلاج، مرتب هذا القاضي في الشهر كان أقل من ثمن الدواء ناهيك عن أجر الجراحة نفسها!! كان علي إبراهيم واحدا من أشهر الجراحين في العالم آنذاك.

لا تظن أن الدكتور كان أحادي التفكير، العظمة لا تأتي إلا بسعة المدارك. علي إبراهيم كان واحدا من أعظم جامعي التحف الإسلامية والسجاجيد القديمة وكان من عشاق الطرب والغناء أيضا.

لم يكتف هذا الجراح بما قدمه لأهل عصره، بل أبى إلا أن يترك بصمته للأجيال القادمة، فهو من بنى القصر العيني الجديد كما أنه أول عميد مصري لكلية طب القصر العيني عام ١٩٢٩.. أتدري كيف بنى القصر العيني الجديد؟ مرض إسماعيل صدقي رئيس الوزراء وكاد أن يموت فجاءه طبيبنا وعالجه حتى شفاه الله ولما سأله رئيس الوزراء عن الأجر كان رد علي إبراهيم: مليون جنيه!! ورغم ضخامة المبلغ فقد دفعه إسماعيل صدقي الذي رأى الموت بعينيه.. أعلمت الآن كيف حصل علي إبراهيم على المال اللازم لبناء القصر العيني الجديد؟

أعتقد أن قشعريرة شديدة ستنتابني كلما مررت بحي عابدين حيث كان منزل وعيادة ومستشفى علي إبراهيم.. علي باشا إبراهيم.. وزير الصحة في بدايات الأربعينيات من القرن العشرين.. هذا النحيل الأسمر براق العينين الذي فاق فطاحل الأطباء الإنجليز وقتها.. كما قلنا في البداية: حارب الاستعمار بالطب.

الدكتور علي إبراهيم درس طوال حياته في مصر، درس في المدرسة الخديوية بدرب الجماميز ثم التحق بمدرسة طب قصر العيني عام ١٨٩٧.

قال عنه أحمد شوقى:

نال عرش الطب من أمحوتب و تلقى من يديه الصولجانا
خاشعاً لله، لم يزه، و لم يرهق النفس إغتراراً و افتناناً
لو يرى الله بمصباح لما كان إلا العلم، جل الله شانا
يا طرازاً يبعث الله به في نواحى ملكه آنا ... فآنا

و قال عنه حافظ إبراهيم:

هل رأيتُم موفقًا كعليٍّ في الأطباءِ يستحقُّ الثناءَ
أودعَ اللهُ صدرَهُ حكمةَ العلـمِ وأجرى على يديهِ الشفاءَ
كم نُفُوسٍ قد سلَّها من يدِ الموتِ بلُطفٍ منهُ وكم سلَّ داءَ
فأرانا لقمانَ في مصرَ حيًا وحَبانا لكُلِّ داءٍ دواءَ
حفظَ اللهُ مبضعًا في يديهِ قد أماتَ الأسى وأحيا الرجاءَ

فرحم الله الأسطورة .. علي باشا إبراهيم.

نقلا عن الزميلة الشروق