الرشاوى المادية والعينية تسيطر على الانتخابات المقبلة

مازالت الرشوة الانتخابية أحد أهم العناصر الرئيسية التى يراهن عليها بعض مرشحى الانتخابات البرلمانية، فالأمر ليس بجديد، إذ يعتبر نظام الحزب الوطنى الحزب الحاكم فى عهد مبارك وأيضًا جماعة «الإخوان»، من الذين ساهموا فى ترسيخ مفهوم الرشوة لدى الناخبين، فتجد المال السياسى لدى كبار رموز الحزب الوطنى، وتجد «الزيت والسكر» رمزا أصيلا لجماعة الإخوان، ولا يختلف الحال عند كبرى العائلات، إلا أنهم اشتهروا بتقديم الخدمات لأهالى دائرتهم فقط دون النظر للمواطنين، فالأصوات الانتخابية صاحبة الكلمة العليا فى الانتخابات، فيما يتوقع بعض خبراء السياسة استمرار استخدام الرشاوى الانتخابية، فالرشوة مرشحة دائمًا للعب دور البطولة فى أي انتخابات.
قال رفعت السعيد, مستشار حزب «التجمع»: «الرشاوى الانتخابية بدأت زمان بوعود لتقديم الخدمات للناخبين عن طريق تعيين أبنائهم, وبناء جامع أو مستشفى للمنطقة, أو من خلال انتخاب المرشح الذى يكون لديه نفوذ فى كل من الحزب الحاكم، الوطنى، والاتحاد الاشتراكى, وعن طريق هذا النفود تتحول هذه المسألة إلى رشوة انتخابية, وخلال الفترة الماضية تحولت الرشوة إلى هدايا عينية من أشياء لا تنتهى مثل الزيت والسكر واللحوم, خاصة من التيارات الإسلامية التى كانت تنفق بجنون, ما يعنى وجود جهات تمول وتدفع أموالا بلا حظر وبلا حدود».
وتوقع السعيد أن يصل ثمن صوت الناخب فى الانتخابات القادمة إلى 10آلاف جنيه, موضحا أن كبار الرأسماليين ينفقون أموالًا طائلة لكى يرسلوا محاسيبهم إلى البرلمان، وأيضًا المتأسلمون يقومون بإنفاق أموال أكثر لكى يرسلوا الإخوان وكل العناصر المتشددة والمتطرفة وضد التقدم لدخول البرلمان عن طريق استخدام الناخب الموبايل ليعلم العلامة المطلوبة للحصول على الرشوة المالية, ثم يقولون الانتخابات غاية فى النزاهة.
فيما أشار نبيل زكى, المحلل السياسى, إلى أن نوعية الرشوة التى كانت تقدم أيام مبارك، كانت مختلفة وقيمة عما قدمه «الإخوان»، وقال: «لأنه كان الحزب الحاكم فى ذلك الوقت وكان يهيمن على كل شىء من مقدرات البلاد مثل الصحة والتعليم وغيرهما, فكل مرشح فى الانتخابات كان يلجأ إلى وزير ليلقى خطابا فى الدائرة المرشح فيها لكى يعد أهالى دائرته الانتخابية بحل جميع مشاكلهم، فيما كانت أبرز أشكال الرشاوى التى قدمت فى الانتخابات الماضية من قبل حزب النور خدمات عينية من خلال تقديم العديد من أنواع السلع».
وتابع زكى: «دور المال السياسى وأصحاب الأعمال فى الانتخابات البرلمانية القادمة سيلعب دورًا كبيرًا جدًا, وبالتالى قد يؤدى إلى تشويه نزاهة الانتخابات, بالإضافة إلى أن حزب النور يستخدم شعارات دينية فى العملية الانتخابية حتى يتمكن من تزوير وخداع متعمد لإرادة الناخبين عن طريق الادعاء الدينى, وأيضًا لكى يؤثر على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية».
وفى السياق ذاته، قال وحيد الأقصرى, رئيس حزب «مصر العربى الاشتراكى»: «إننا مازلنا فى مرحلة استغلال المال السياسى ومازال يلعب دوره الرئيسى فى عمليات الانتخابات البرلمانية, فعلينا أن ننظر الى كيفية انضمام أحد الأعضاء فى القوائم الانتخابية خاصة قائمة فى حب مصر، وما دفعه المرشحون فى الدعاية الانتخابية فمازلنا تحت شعار الأغنياء يتقدمون والفقراء يتراجعون أو يمتنعون».
وأضاف الأقصرى: «المال السياسى يلعب دور البطولة فى الانتخابات البرلمانية, وإذا لم يكن الشعب المصرى قد كشف النقاب عن حزب النور, فإنه استخدم هو الآخر المال السياسى تحت ستار التدين الزائد, فلا فرق بين استخدام المال السياسى فى عهد مبارك والمجلس القادم, ولا اعتقد إطلاقًا أن اللجنة العليا للانتخابات تستطيع السيطرة كما تدعى على مدى توافق الناخب أو القائمة والتزامها بالسقف الانتخابى لأن هذا الأمر شىء عسير, فلابد أن تكون هناك انتخابات برلمانية تعبر عن إرادة الشعب, والشعب ليس من الأغنياء فقط، أصحاب المليارات يمثلون 1 % من المجتمع المصرى, والأغلبية العظمى تمثل طبقة الفقراء والكادحين».
من جانبه، أكد البدرى فرغلى, البرلمانى السابق, أن الرشاوى فى الانتخابات الماضية تختلف عن البرلمان القادم بحكم التطور, وقال: «مرشحو نظام مبارك كانوا يُمنحون المزايا المستقطعة من حقوق الشعب المصرى, بمعنى أن مرشحى الحزب الوطنى كانوا يحصلون على تقديم الخدمات للدائرة على حساب الدولة نفسها, وهذا لم يكن متاحا للمرشحين الآخرين, ولكن نستطيع القول إن مبارك كان قد قنن الرشوة, من خلال الإعلان للناخبين بأن تأخذ الأموال ثم تقوم بانتخاب من يريدون, وأيضًا كان التصريح مباشرا وقد حرض على أخذ الرشوة مباشرة، وبالتالى كانت الرشوة مباشرة وواسعة الانتشار».
فرغلى تابع تصريحاته قائلًا: «ما حدث فى الماضى أدى إلى دخول جماعة الإخوان المسلمين فى مزاد الرشاوى, وأصبحت تشتهر بالكرتونة التى كانت تحتوى على سلع تموينية, كما حاولت تقديم رشاوى طبية بعمل قوافل طبية تابعة لوزارة الصحة، وبالتالى أصبح الناخب لا يذهب إلى الانتخاب، ولكن هناك عملية الشراء المباشر للأصوات من خلال خدمات عينية أو مادية أو معنوية, وعلى الرغم من ذلك لم يستطع الحزب الوطنى أن يحصل على أغلبية برلمانية واحدة فى جميع انتخاباته السابقة, بل اعتمد على استقطاب المرشحين المستقلين بعد انتخابهم بيوم واحد والسيطرة عليهم».
وأوضح البرلمانى السابق أن البرلمان القادم سيعمل على إسقاط الطبقات الشعبية من الترشح, لأنه لن يملك حق الترشح, وأصبح على كل من يقدم أوراق الترشح أن يستوفى 20 ألف جنيه فى اليوم الأول، منها رسوم طبية وتأمين وفتح حساب بالبنك, وهذا لا يتناسب مع الطبقات الشعبية التى تمثل 90 % من الشعب المصرى, ومن ضمن الشروط أيضًا، على المرشح أن يصرف نصف مليون جنيه وأكثر فى الانتحابات القادمة, وبالتالى تم استبعاد وعزل الأغلبية العظمى من الشعب, وأصبح من يملك هو الذى سيحكم مهما كانت الظروف».