الثلاثاء 7 مايو 2024 12:16 صـ 27 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

هل يتم تعديل الدستور ؟

أثارت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن “دستور مصر كتب بنية حسنة والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة”، لغطا بين السياسيين وأعضاء الأحزاب، وعلت الأصوات التى تُنادى بالتعديل، وبدأت ائتلافات سياسية عدة الدعوة وقامت بحملات إعلامية مكثفة من أجل تعديل بعض مواد الدستور، فيما رأى البعض الآخر ضرورة اختيار الوقت المناسب؛ لإجراء تلك التعديلات حتى لا تسقط الدولة المصرية.
استطلعت جريدة “النهار” آراء الخبراء والسياسيين بشأن تصريحات السيسى، وهل يجب إجراء تعديلات دستورية فى الوقت الحالى أم تأجيلها لحين استقرار البلاد؟
فى البداية، قال الدكتور فؤاد عبدالنبى، أستاذ القانون الدستورى: “فكرة تعديل الدستور حق يراد به باطل، خاصة أنّ الظروف التى تمر بها البلاد حاليًا لا تسمح بإجراء تعديلات دستورية، فالتعديل سيؤدى إلى إسقاط الدولة المصرية، حيث سيستغل أصحاب النفوس المريضة هذه الفرصة للعبث فى الدستور، ولكن هذا لا يمنع أنّ هناك عددا من المواد التى بحاجة إلى إعادة نظر فى الوقت المناسب”.
وأضاف: “على سبيل المثال، المادة الثانية تنص على حقوق المسيحيين واليهود فى الدستور، ولكن الدستور فيما بعد أعطى حماية دبلوماسية ونيابية ومدنية للمسيحيين فقط؛ وأغفل اليهود، الأمر الذى يؤدى إلى هدم مبدأ المواطنة والمنصوص عليه فى المادة الأولى منه، فالضرورة تقتضى حذف النص أو إعطاء اليهود حقوقهم مثل المسيحيين، إذ إنّ النص قام بخلق تمييز عنصرى فى المجتمع المصرى وبالتالى وجوده كالعدم، ما قد يُثير إشكاليات عدة؛ فإذا حذفت الحكومة النص فستصطدم بالكنيسة المصرية، وفى حالة إغفال اليهود سنصطدم بالدولة العبرية”.
وفى السياق ذاته، أكد الدكتور ياقوت السنوسى أنّه حين تم تعديل الدستور لم يكن أحد يستطيع أن يرفضه، وقال: “نحن كنا فى عنق زجاجة فى ذلك الوقت، ولم نكن نستطيع رفض الدستور آنذاك، ولكن كل الدساتير فى جميع دول العالم قابلة للتعديل طوال الوقت من خلال الأطر القانونية لذلك، فالدستور كُتب بطريقة بها شىء من المواءمات للمرور من المرحلة، وإن وجدت بعض المواد المتضاربة فلا بأس من أن يتم تعديلها بعد وجود مجلس النواب، ولكن لا داعى للتسرع الآن فى تعديل الدستور”، واستبعد السياسى المصرى تأثير عدم تعديل مواد الدستور على استقرار البلاد، وتابع: “نحن الآن لدينا الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق يجب أن يتم فى ظروف ديمقراطية ومناسبة للجميع حتى يستفيق الشعب”.
وعارض ناجى الشهابى، رئيس حزب “الجيل”، فكرة تعديل الدستور، مؤكدًا أنّ الدستور المصرى يُحاكى نظيره الأوكرانى، وقال: “الدستور به الكثير من المواد الخطرة والتى تخلق الكثير من المشاكل بين مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزارء ومجلس النواب، ولكن لم يستمع أحد لهذه المشاكل، إلا أنّ السؤال الأهم الآن: هل هذا وقت الحديث عن إجراء التعديلات الدستورية؟ فالدستور بشكل عام يحتاج إلى إعادة نظر، ولكن فى الوقت الحالى يجب أن ننتبه إلى الانتخابات ثم تأتى التعديلات الدستورية، بعد ثلاثة مواضيع أساسية ستكون على طاولة مجلس النواب القادم، أولًا: مراجعة القوانين التى أصدرها الرئيسان عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى، ثانيًا: إعداد قانون مجلس النواب قبل أن يتم حله، وأخيرًا مراجعة قوانين العدالة الاجتماعية، ثم يأتى بعد ذلك موضوع تعديل الدستور”.
وعن المواد التى تحتاج إلى تعديل، قال الشهابى: “مواد نظام الحكم بحاجة إلى تعديل، فيجب إعطاء الرئيس سلطة إقالة الحكومة والوزراء، فالدستور الحالى لا يمكّن الرئيس من إقالتهم، كما أنّه أقر سلطة موازية للسلطة الرئاسية، الأمر الذى سيؤدى إلى شلل للبلد مثلما حدث فى أوكرانيا”، وفى ختام تصريحاته، أكد رئيس حزب “الجيل” أنّ الدستور لن يتم تعديله فى السنة الأولى من دورة انعقاد البرلمان.
وانتقد اللواء نبيل فؤاد، أستاذ العلوم الاستراتيجية، مطالبة البعض بتعديل الدستور، خاصة أنّه لم يتم العمل به حتى الآن، وبالتالى فإنّ المطالبة بتعديله ليس لها محل من الإعراب، فالدستور يجب أن يكون له قوانين مكملة ولكن لم تصدر حتى الآن هذه القوانين، وبناء على ذلك فلا يمكن التعديل قبل أن يأتى مجلس النواب القادم والذى من حقه أن يقوم بتعديل.
من جهته، أكد محمود عبدالله، المحامى بالنقض، أنّه هو وكثيرا من فقهاء الدستور لديهم الكثير من التحفظات على الدستور، التى أيدوها آنذاك، ولكنهم تجاوزوا هذه  التحفظات حتى تتم المرحلة، وقال: “المرحلة الماضية أثبتت أنّه لا توجد قوى اجتماعية أو سياسية فى مصر بدليل عدم إمكانية الأحزاب من القيام بعمل قائمة من 45 مرشحا طوال سنه كاملة، ما يعنى أنّ مجلس الشعب القادم يصلح معه النظام السياسى الرئاسى عن النظام البرلمانى أو النظام المختلط فلا يوجد حلف أو قوى تمتلك رؤية تقود البلد، فوفقًا للدستور الحكومة يتم تشكيلها من الأغلبية البرلمانية، وهذا لن يتحقق فى ظل القوى السياسية، ويبدو أنّ مؤسسة الرئاسة أدركت هذا فتم الحديث عن تعديل الدستور للحد من محاولات أعداء 30 يونيو وفلول نظام مبارك، الأمر الذى يُهدد مستقبل البلاد، لذا أصبح أمر تعديل الدستور ملحًا، وبالتالى يجب تعديله إذا كانت هناك رغبة شعبية فى ذلك، بشرط ألا يتم تمديد مدة رئاسة الجمهورية وأن تظل مده الرئاسة لفترتين فقط”.