النهار
الإثنين 28 يوليو 2025 11:42 مـ 2 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

هل تطيح «المجنونة» بوزير التموين؟

سادت حالة من الغضب والاستياء بين المواطنين في الشارع المصري على خلفية ارتفاع أسعار الخضراوات والسلع والمنتجات خلال الآونة الأخيرة، ورغم  هذه الزيادة في الأسعار سرعان ما أنكر وزير التموين خالد حنفي وجود أي زيادة في الأسعار، إذ أكد أن أسعار أغلب السلع الغذائية في مصر مستقرة ولكن ارتفاع تكاليف المعيشة للمواطن لا يجعله يشعر بها، منوهًا إلى أن هناك ثباتًا في أسعار الأرز والسكر وأغلب البقوليات والزيت وبيض المائدة مقارنة بأسعارها في العام الماضي، فيما شهدت أسعار الألبان ارتفاعات طفيفة، وأن المواطن يشعر بارتفاع في الأسعار نظراً لتدني حجم راتبه الشهري، ورغم تصريحاته بأنه لا ارتفاع في الأسعار سرعان ما أصدر قرارا بخفض أسعار الخضراوات والمنتجات بنحو 20 إلى 25 % بالمجمعات الاستهلاكية الأمر الذي يكشف تناقضه.

والجدير بالذكرأن الكثير من أسعار الخضراوات والمواد الغذائية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها خلال هذه الأيام وعلى رأسها البامية إذ يتراوح الكيلو ما بين 22 إلى 30 جنيها، وكذلك الطماطم التي وصل سعر الكيلو جرام منها نحو عشرة جنيهات، كما ارتفعت أيضاً أسعار الدواجن واللحوم بشكل لا مثيل له من قبل، ليصبح المواطن محدود الدخل الضحية في ظل تدني الأجور.

واللافت للانتباه أن ارتفاع الأسعار جاء بعد مرور أشهر قلائل من إلغاء وزير التموين لنظام التسعيرة الجبرية، الأمر الذي تزامن مع غياب الرقابة الحكومية على الأسواق، إذ تسبب كل هذا في ارتفاع معدل التضخم وهذا ما أكده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إذ كشف عن ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال شهر مارس الماضي إلى 11.8 بالمئة مقابل 10.7 بالمئة خلال شهر فبراير، وهو أعلى معدل سنوي تم تسجيله منذ يناير 2014 الذي سجل فيه 12.2 بالمئة.

وحول هذا الأمر، أكد الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق، أن وزير التموين خالد حنفي يسعي دائماً لخدمة التجار وذلك على حساب المواطن محدود الدخل وهذا ما يتضح بشكل كبير من محاولته الدائمة لتبرئتهم بأنهم لا يرفعون الأسعار، من خلال تأكيده الدائم بأن الأسعار لم ترتفع ولكن الناس دخولها انخفضت!، متسائلاً:» يعني الناس دخولها انخفضت فجأة في شهرين لكن التجار ملائكة لا يرفعون الأسعار».

وتابع نور الدين حديثه لـ» النهار» قائلاً:» إن الناس فجأة صوتها خرج بالصراخ لأن دخولها انخفضت ولكن الأسعار التي يرعاها الوزير للتجار الذين أقعدوه على كرسي لا يستحقه لم ترتفع لا سكر ولا زيت ولا خضراوات ولا فاكهة ولا زبدة ولا دقيق ولا فول ولا عدس، متسائلاً:» هل يستطيع هذا الوزير خداع الرئيس؟».

وأوضح نور الدين أن غياب الرقابة الحكومية على الأسعار تسببت في خلق مزيد من الجشع لدي التجار خاصة وأن هذا الأمر تزامن مع إلغاء التسعيرة الجبرية التي لا أحد يعرف حتى الآن السبب الرئيسي وراء إلغائها، إذ إن إلغاءها أدى لزيادة عبء التكلفة علي محدودي الدخل.

في حين يري الدكتور كمال القزاز، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن أسعار الخضراوات والفاكهة والمنتجات الغذائية ارتفعت خلال هذه الأيام بشكل جنوني لا مثيل له من قبل، إذ إن هذا الأمر يؤكد فشل وزارة التموين في التحكم بالأسعار داخل الأسواق، خاصة وأنها لم تضع أي خطط بديلة للقضاء على جشع التجار عقب قيامها بإلغاء التسعيرة الاسترشادية.

وأضاف القزاز أن قرار وزارة التموين بإلغاء الأسعار الاسترشادية أو الجبرية جاء بحجة أنها لا تأثير لها على خفض الأسعار، على أن تقوم الوزارة بطرح منتجات إضافية بالأسواق مع تفعيل الرقابة للحد من جنون الأسعار، إلا أن هذ الأمر لم يحدث حتى هذه اللحظة إذ انخفضت حجم المنتجات المعروضة بشكل أكبر من قبل، وكأن وزير التموين يسعي لخدمة التجار على حساب الغلابة، خاصة وأن قرار إلغاء التسعيرة سرعان ما عقبه احتكار التجار للسلع والمنتجات.

وتوقع القزاز استمرار موجة ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة خاصة وأنه لم يتبق سوي أيام قلائل على قدوم شهر رمضان المعظم، وطالب في الوقت ذاته حكومة المهندس إبراهيم محلب بسرعة إعادة تطبيق الأسعار الاسترشادية أو التسعيرة الجبرية للقضاء على موجة الغلاء التي لم يستطع المستهلكون على مواجهتها في ظل انخفاض الرواتب وعدم قدرة اقتصاديات الدولة على رفع الأجور خلال الفترة الراهنة،  كما أنه ينبغي على وزارة التموين أن تقوم بتنظيم حملات رقابية مفاجئة على الأسواق وتحرير محاضر للتجار الذين يتلاعبون بالأسعار يومياً.

بينما تري الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن إلغاء التسعيرة الاسترشادية هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني، إذ إنه لم يتم ضخ أي كميات إضافية من المنتجات في الأسواق كما وعد وزير التموين عقب إلغائها، خاصة فى ظل عدم تكثيف الرقابة على الأسواق.

وأوضحت شلبي أن الأسعار الاسترشادية كانت بمثابة دليل للمستهلك للتعرف على أسعار الخضراوات والفاكهة والسلع والمنتجات بالمجمعات الاستهلاكية أسبوعياً وكان لها دور إيجابي في حماية المستهلك من جشع التجار، وهذا ما تنص عليه المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك والتي تؤكد أن المستهلك لابد أن يكون على دراية تامة بالأسعار بصفة دورية حتى يتم مواجهة جشع التجار واحتكار الكبار للسلع والمنتجات.

وأوضحت شلبي أن وزير التموين لا يعترف للأسف بوجود أزمة في ارتفاع الأسعار، وهذا الأمر هو ما زاد من غضب المواطنين خاصة وأنهم باتوا يشعرون أن الوزير لا يشعر بهم وكل ما يهمه هو خدمة أهداف وزارته وحكومته، مشيرة إلى أنه لا علاقة على الإطلاق بين دخل المواطن وارتفاع الأسعار كما أكد خلال تصريحاته إذ إنه رغم تدني الأجور إلا أن المواطن لم يشتك من قبل من موجة الارتفاع الجنونية بالأسعار، إذ إن غياب الرقابة على الأسواق مع انخفاض حجم المعروض به هي السبب وراء ارتفاع الأسعار وليس كما يردد الوزير بأن تدني الأجور هي السبب  الرئيسي.

في حين عارضهم في الرأي يحيي السني، رئيس شعبة الخضر والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، مؤكداً أن ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة أمر طبيعي للغاية ويتكرر سنوياً نتيجة لموسم فرق العروات بين فصلى الشتاء والصيف، قائلاً إن الأسعار ستنخفض خلال الأيام القليلة المقبلة مع حصاد المحصول الجديد.

وأضاف السني أن نقص المعروض من الخضر والفاكهة، وقلة الوارد للأسواق، تسببا أيضاً في ارتفاع أسعارها خاصة بعدما انخفض معدل إنتاجية الفدان إلى الربع بعد تعرض المحصول للتلف جراء إصابته بالأمراض، موضحاً أن هذه الأزمة ستختفي نهائياً خاصة وأنه سيتم إنشاء مناطق لوجستية للخضراوات خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سيزيد بالضرورة من حجم المعروض بالأسواق من المنتجات سواء من الخضراوات أوالفاكهة.