الثلاثاء 7 مايو 2024 01:46 صـ 27 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

أهم الأخبار

مافيا السلع المهربة تشتعل علي الأرصفة.. والحكومة غائبة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
كتبت : هاله عبد اللطيف- علي رجببعدما نجحت ثورة 25 يناير من تحقيق أهدافها السياسية إلا أنها لم تضع في الحسبان الوضع الاقتصادي بعدها ، حيث سادت حالة من الفوضى داخل الأسواق المحلية والتي يقودها تجار الأرصفة ومافيا التهريب الأمر الذي يؤدي إلي تدمير الصناعة الوطنية والاقتصاد القومي.وبعيدا عن الرقابة علي الميادين العامة والأحياء الشعبية التي سرعان ما اختفت بعد الثورة ، أصبحت تجارة السلع المهربة علي مرآي ومسمع من أجهزه المحليات ورجال البلدية حيث تباع جميع أنواع السلع والمنتجات التي لايمكن لأحد أن يتخيلها علي الأرصفة .واللافت للإنتباه أن الأمر لم يقتصر علي زيادة حجم تجارة السلع المهربة وإنما تزايدت مصانع بير السلم التي تنتج منتجات مجهولة المصدر تضر بصحة المواطنين حيث أوضحت آخر الدراسات الاقتصادية بأن عدد القضايا المسجلة نتيجة المخالفات الغذائية يصل إلى ألف قضية سنوياً، وأن عدد المصانع المسجلة رسمياً نحو ثلاثمائة مصنع فقط تنتج 20 % من الإنتاج الغذائي في السوق المصرية وأن الـ80٪ الباقية تنتجها المصانع العشوائية.منتجات بير السلمفي البداية يقول دكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن انتشار السلع المغشوشة والرديئة تحول إلى ظاهرة في الأسواق المصرية بعد ثورة 25 يناير، خاصة في ظل غياب الرقابة والأمن من الشوارع، مضيفاً أنه بخلاف خطورة هذه السلع على الصحة العامة فهي أيضاً تنتمي إلى ما يوصف بأنه الاقتصاد السري الذي لا يخضع للضرائب أو الرسوم، وهو اقتصاد يتجاهل القائمون عليه معايير الصناعة ولا تخضع مخرجاته للرقابة الحكومية وتضرب عرض الحائط بالاشتراطات الصحية.وأكد الشريف أن منتجات بير السلم تضعف الاقتصاد القومي بالرغم من إقبال المواطنين على هذه السلع؛ لأنها منخفضة الأسعار، مؤكداً أن آخر الدراسات أثبتت أن حجم خسائر الاقتصاد من تلك الصناعات تصل إلى 80 مليون جنيه سنوياً.وأضاف الشريف أن آخر الدراسات الاقتصادية قد أوضحت أن عدد القضايا المسجلة نتيجة المخالفات الغذائية يصل إلى ألف قضية سنوياً، وأن عدد المصانع المسجلة رسمياً نحو ثلاثمائة مصنع فقط تنتج 20 % فقط من الإنتاج الغذائي في السوق المصرية وأن الـ80٪ الباقية تنتجها المصانع العشوائية.وشدد الشريف على أن الحكومة مطالبة خلال الفترة القادمة بضرورة الرقابة على هذه السلع عن طريق سنّ تشريعات واضحة لمعاقبة المتاجرين بها.غياب الرقابةمن جانبه أكد الدكتور حمدي عبد العظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الممارسات الضارة التي تحدث في الأسواق تأتي نتيجة لغياب الرقابة علي الأسواق والمنافذ الحدودية حيث أصبحت هذه الأجهزة في شبه غيبوبة ، الأمر الذي أدي لكثرة الفئات الانتهازية من مستغلي الظروف التي تمر بها البلاد وتداعيات الثورة في تهريب كميات كبيرة من السلع مثل الملابس والأجهزة للصناعات الهندسية وغيرها من السلع الأخرى خاصة ذات المنشأ الصيني.لذا طالب عبد العظيم الحكومة من وضع ضوابط رقابية علي السوق لمنع مثل هذه التجارات من السلع المنتهية للصلاحية والتي تحدث الكثير من حالات التسمم للمواطن الغلبان الذي يجري وراء ما هو الأقل ثمنا لكي يتلاءم مع متطلبات حياته اليومية .وفي سياق متصل، اعترف أحمد حمدي، مسئول بمباحث التموين بوزارة الداخلية، أن الفترة الماضية شهدت انتشار السلع المغشوشة بسبب عدم القيام بحملات لإزالة الإشغالات التي يضعها هؤلاء الباعة في الشوارع والطرق لعرض سلعهم، مطالباً في الوقت ذاته بضرورة تشديد العقوبة على بائعي هذه المنتجات، موضحاً أن القانون المعمول به حالياً في مصر وهو قانون قمع الغش والتدليس يستند إلى مواد هزيلة تحتاج إلى إعادة صياغة بما يكفي لردع مروجي السلع المغشوشة.وتوقع حمدي أن تشهد الفترة القادمة زيادة الحملات ضد هؤلاء البائعين ومصادرة السلع المغشوشة التي يتاجرون بها وهي سلع تهدد أرواح المواطنين، مشيراً إلى أن هؤلاء البائعين انتشروا في جميع الشوارع الحيوية في العاصمة المصرية القاهرة.تهريب السلع وراء خسائر الدولةبينما تقول مني عبد الراضي خبيرة اقتصاد إن ما يحدث الآن داخل الأسواق يعد بمثابة خيانة كبري من القائمين بالممارسات الضارة والتي تضر بمصلحة الصناعة الوطنية والاقتصاد القومي.وأضافت عبد الراضي أن التهريب والبيع علي الأرصفة يحرم خزينة الدول من رسوم كثيرة سواء في صورة ضرائب أو رسوم جمارك وغيرها من الرسوم الأخرى هذا بالإضافة إلي تكدس الإنتاج الوطني مع السلع النظيرة وفشل أصحابه في تصريفه لأن التهريب يضع هذه المنتجات في منافسة غير عادلة وتكون النتيجة النهائية إغلاق المصانع الوطنية واتجاه أصحاب هذه المصانع إلي العمل في الاستيراد بدلا من الصناعة.. قال إن ما يحدث الآن في الأسواق المحلية بمثابة ثورة مضادة لمكتسبات ثورة 25 يناير حيث يقوم هؤلاء بتضليل أجهزة الدولة بشكل ينال من اقتصادنا القومي وهذه جريمة يجب العقاب عليها.وأوضحت مني أن ظاهرة تهريب السلع بالأسواق، وإغراقها بالعديد من المنتجات مجهولة المصدر، وانتشار تجارة الرصيف، والسلع المغشوشة والمقلدة، تفشت في الأسواق المصرية أدي إلي شيوع ظاهرة الاحتكار لبعض السلع، والاتجاه إلى تعطيش السوق ، الأمر الذي أدي إلي زيادة غير المبررة في أسعار السلع والخدمات، ولم يعد أغلب المواطنين قادرين على مواجهة الارتفاع المتزايد في الأسعار.وقالت مني إن العلاج الوحيد للقضاء علي الممارسات الضارة بأسواقنا المحلية هو الإسراع في تنفيذ برنامج تطوير قطاع التجارة الداخلية فالتطوير لهذا القطاع هو الضامن الوحيد للقضاء علي الغش التجاري والتهريب والاحتكار وغيرها من الممارسات الأخرى مثل ضرب الفواتير وتقليد العلامات التجارية.70% حجم تجارة الأرصفةبينما حذرت الدكتورة نجوي كمال أستاذ الاقتصاد من أن يصل حجم تجارة الأرصفة إلي70% من حجم التجارة, وتستوعب65% من حجم العمالة ونسبة كبيرة منهم من أصحاب المؤهلات العليا .وبررت نجوي ارتفاع هذه النسبة إلي أنها رغم خضوعها لنوع من الرقابة من خلال البلدية إلا أنها لا تخضع إلي أي تأمينات أو إيجارات أو ضرائب وبذلك يكون عائدها مجزيا جدا لأصحابها وتوفر لهم ربحا كبيرا رغم انخفاض أسعارها, وبالتالي يقبل عليها المستهلك لأنه يبحث عن الأرخص رغم أنها تعتمد علي مصانع بير السلم التي لا تراعي أي مواصفات للجودة ، فإذا أعطت الحكومة فرصة لهؤلاء في العمل تحت رقابتها سيختلف الوضع تمام خاصة وأنهم مؤهلات عليا .لذا ينبغي علي الحكومة توفير الأسواق الحضارية الحديثة التي تشجعهم علي التعامل بالطرق الرسمية حتى لا يكونوا خارجين علي القانون ويطالبون بتسهيل الإجراءات لضم باعة الأرصفة والباعة الجائلين وجميع العاملين في هذا القطاع داخل الاقتصاد الرسمي دون تعرضهم للضرر.منافسة غير عادلةومن جانبه قال الدكتور رشدي عبد الله خبير اقتصادي إن تجارة الأرصفة ظاهرة خطيرة لأنها تضع المحلات التجارية المرخصة والمنتظمة في منافسة غير عادلة فهذه المحلات محملة بأعباء إضافية مثل قيمة الإيجار وتكلفة الخدمات من كهرباء وتليفونات وغيرها من الخدمات إلي جانب خضوعها للضرائب وكل هذه الأعباء ترفع قيمة السلعة عن مثيلتها علي الأرصفةوحذر رشدي من التوسع في تلك التجارة التي تؤدي إلي خسائر في الاقتصاد القومي ، مشيرا إلي أن ما يحدث الآن داخل أسواقنا تعد فوضي كبيرة وتحتاج إلي حسم خاصة تجارة الأرصفة والتي أصبحت ظاهرة داخل الأحياء الشعبية والراقية والتي تهدد حياة المواطن الصحية قبل المالية فأغلب السلع المتداولة رديئة وغير مطابقة للمواصفات والبعض الآخر منها معروض بأساليب بدائية يعجل إتلافها خاصة السلع الغذائية.وشدد رشدي علي أن الأمر يحتاج إلي اتخاذ عقوبات رادعة وتجريم تجارة الأرصفة ومطاردة مافيا التهريب قبل فوات الأوان مؤكدا علي ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية داخل الأسواق وعلي الحدود المصرية والمنافذ الحدودية.ومن جانبه حذر حسين الصالح خبير اقتصاد من انتشار السلع المغشوشة في الأسواق المصرية أخيراً نتيجة حالة الغياب الأمني التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة،مشير إلى أن هذه السلع انتشرت على الأرصفة وفي الأسواق وبداخل عربات مترو الأنفاق.وأضاف الصالح إلي أن خطورة هذه السلع تتمثل في إقبال المواطنين عليها؛ نظراً لرخص أسعارها، بالإضافة إلى تنوعها بين السلع الغذائية كالمأكولات والعصائر والأجهزة المنزلية والملابس وغيرها من السلع.وطالب الأجهزة الرقابية بشنّ حملات لمصادرة هذه السلع التي تصنع أغلبها في ما يعرف بمصانع تحت السلم وتهدد بإصابة المواطنين بأمراض خطيرة.تجارة مخالفة للقوانينأوضح يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة أن هناك قوانين تمنع التجارة علي الرصيف ، والمشكلة تتمثل في عدم تنفيذ تلك القوانين وعدم الاستقرار الحالي، والانفلات الأمني أدي إلي تفاقم تلك المشكلة، فعدم وجود رادع حالي ساعد علي انتشار أكثر لهذه التجارة أمام المحال التجارية في مختلف المناطق لاسيما منطقة وسط البلد مما شكل عائقا لتلك المحال بالإضافة إلي مضايقة المارة وشغل الأرصفة.وطالب الزنيري بتغليظ العقوبة وتنفيذ القانون والمتابعة الدائمة ليكون هناك رادع، وهناك تنظيم لهذه التجارة في دول العالم في أيام محددة ويتم تأجير أماكن عامة لهم وإعطاؤهم رخصة وتصريحا لسهولة السيطرة علي تلك التجارة، وإعطاء أماكن بديلة لهؤلاء الباعة حق لكفل وسيلة إعاشة لهم علي أن تكون تلك الأماكن بعيدة عن وسط البلد والأماكن التجارية، وهو مشروع يمكن نجاحه بالتنظيم وإنشاء أسواق خاصة بهم وخصوصا أن أعدادهم في تزايد مستمر وهم مسئولون عن رعاية اسر كاملة.أسواق بديلةأما جمعيات حماية المستهلك فتري أنه لا بديل عن العشوائية التي تسود أسواقنا وظاهرة باعة الأرصفة الذين أغلقوا شوارع بأكملها واحتلتها بضائعهم أو عربات اليد التي تقف في منتصف الشارع إلا بإقامة سوق في كل منطقة, فيؤكد الدكتور محسن عبد الوهاب رئيس جمعية حماية المستهلك انه طبقا لقانون حماية المستهلك رقم67 فإن حماية المستهلك غير مسئولة عن منع تجارة الرصيف وأن المسئولية تقع علي كاهل شرطة المرافق لمواجهتها وتسعي جمعيات حماية المستهلك إلي تطبيق نظام الفاتورة, ونشر الثقافة لدي المستهلك بعدم الشراء من منتجات الأرصفة نتيجة لما بها من أخطاء غير مطابقة للمواصفات ولا تملك علامة تجارية معروفة, وكثير منها سلع مغشوشة ولكن الملاحظ أن أغلب المستهلكين من محدودي الدخل لعدم قدرتهم علي الشراء من الأماكن المعروفة.ويؤكد أن المشكلة هي مصانع بير السلم غير المرخصة وهي التي ساعدت علي رواج منتجات الأرصفة لذلك فهي تحتاج إلي وقفة من الأحياء وشرطة المرافق للتصدي لها..فقد شدد نجاح مصطفى حافظ أستاذة الرقابة على الأغذية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، ومدير المركز القومي لسلامة وجودة الأغذية سابقًا على ضرورة بعد المستهلك عن شراء السلع الغذائية من أسواق مجهولة المصدر توجد على الرصيف، وأن يشتري من محلات موثوق بها، ومن تاجر معروف بشكل جيد.وأضاف أن جمعيات حماية المستهلك تفتقد الضبطية القضائية التي تمكنها من التحرك في الأسواق بشكل رسمي وتعطي لها السلطة وتمكنها من ضبط وعمل محاضر في حالة اكتشاف سلع رديئة وفاسدة وغير مطابقة للمواصفات الصحية.لذا ينبغي علي الحكومة أن تنسق مع الجمعيات الأهلية لتعمل سويًّا في مكافحة الغش وحماية المستهلك من الإصابة بالتسمم الغذائي لإخطار الأجهزة المختصة في حالة ضبط أي سلعة فاسدة سواء بالمحال ومنع تجارة السلع الغذائية علي الرصيف ، وهذا لم يحدث؛ لأن جمعيات حماية المستهلك يقتصر دورها على الجانب الإرشادي الذي ساهم إحداث بعض التعديلات على العديد من السلع الرديئة المعلن عنها ، وأدي ذلك أيضا لتوسع تجارة السلع الغذائية منتهية الصلاحية علي الأرصفة .المواطنون: الرقابة غائبةومن جانبه، قالت مروة تركي أن الفترة الأخيرة شهدت انتشارًا كبيرًا لهؤلاء الباعة الجائلين وسلعهم المغشوشة التي تهدد بإصابة المواطنين بالأمراض .وطالبت مروة بضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية على هؤلاء الباعة، مؤكداً غياب عنصري الضبط والرقابة من جانب الجهات المسئولة على هؤلاء الباعة، وقالت إنه ينبغي على السلطات المختصة في مصر أن تعطي مزيدًا من الاهتمام والأولوية لقضية أطعمة الشوارع وبائعيها باعتبار أنها تمسّ صحة المواطنين.بينما قالت مني الجوهري إن هناك إقبال من المواطنين علي تلك السلع نظرا لأنها أرخص ثمناً بخلاف السلع الأخرى التي تباع في المحال بضعف الثمن، علي الرغم من أن هذه السلع يتم تصنيعها من مصانع مجهولة الهوية لا يعرف مصدرها .وأضافت أن جميع البائعين الذين يفترشون على الأرصفة يهربون في حالة ظهور أي حملات مداهمة من البلدية عليهم؛ لأنهم يعلمون أن عملهم في الشارع مخالف للقانون.وتساءلت مني أين الجهات الرقابية علي ذلك ، لاسيما وأن حجم هذه التجارة يتزايد يوما عن يوم ، وطالبت بضرورة أن تسرع الحكومة بالتخلص من هذه الأزمة عن طريق توفير أماكن مرخصة لهؤلاء الباعة لعرض بضائعهم.