الجمعة 29 مارس 2024 01:49 مـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : شيكات الولاء

من أغرب ما عرفت أن النظام السابق كان يعطى للمسئولين فى أغلب المواقع وبعض الإعلاميين شيكات بمبالغ خرافية شهرياً تسمى شيكات الولاء تصرف مباشرة من رئاسة الجمهورية سابقاً حتى يضمنوا ولاءهم وكسر كبريائهم ويمثل نوعاً من أنواع الاذلال والخنوع والولاء بلا حدود للحاكم وللنظام وهذه كارثة بكل المقاييس والمعايير السياسية لتعطى مؤشراً ودليلاً على أن النظام فقد شرعيته وفى طريقه للهاوية والسقوط ولكن بعد ثورة الشعب المصرى فى يناير وظهور قوى وعناصر سياسية كثيرة جداً جداً على المسرح السياسى المصرى البعض يدعى أنه صاحب الطلقة الأولى للثورة والآخر يقول لولاه ما نجحت الثورة وأصبحت ظاهرة التخوين والاتهام والشائعات وتبادل الشتائم وتدنى لغة الحوار وظهور ائتلافات فى كل شىء وأصبح ميدان التحرير صك غفران للجميع ووسام على ثوريته وبطولته التى أسقطت النظام وهناك مقولة للإمام محمد عبده استخدام العقل قبل النقل وهنا تكون المقولة بمفرداتها ومصطلحاتها ومسمياتها تعبر عن الواقع الآن الذى تعج بها الفضائيات والصحف وكل وسائل الإعلام وأصبحت الآلة الإعلامية أداة ترهيب وتخويف وانتقام وليست وسيلة لطرح الأفكار والمبادرات للخروج من دوامة الصراعات حتى أصبحنا نعيش ليلاً نهاراً فى ظاهرة جديدة علينا فى تقسيم وتحديد بوصلة الولاءات السياسية وأصبح تحديد الأدوار والمصالح هو غايتنا الكبرى والبعض يتاجر باسم الوطن والآخر يتاجر باسم المواطن فنجد الاتجاهات الليبرالية والعلمانية تقاوم وتكافح لنشر فكرة ترسيخ الدولة المدنية المبنية على أسس وقواعد المؤسسات بسواء كانت دولة رئاسية أو برلمانية أو خليط من الاثنين ويقاوم ذلك القوى والتيارات الدينية سواء الإخوان المسلمين أو السلفيين معلنين أن الدولة المصرية لابد أن تكون مرجعيتها دينية إسلامية وبين حالات الشد والجذب السياسى وتقسيم الولاءات السياسية ليعيش الرأى العام المصرى فى حالة من انعدام الرؤية السياسية وحالة من فقدان الأمان الاقتصادى لأن ما يجرى فى الشارع المصرى من انفلات سياسى وأخلاقى وأمنى يهدد الجميع فالبعض يرتدى قميص عثمان ويطلق النار فى كل الاتجاهات السياسية والضحية هو المواطن المصرى البسيط الذى يتساءل باستمرار البلد رايحة على فين؟ولكن إطلاق الشعارات والمصطلحات لتخويف الجميع ينعكس بالسلب على الداخل والخارج فثقافة الحوار أو الاختلاف غير موجودة فى قاموسنا السياسى حتى ممارسة الخلاف والاختلاف مفقودة لسبب بسيط جداً وهو أننا لم نتربى سياسياً أو اجتماعياً سواء فى المنزل أو الجامعة والعمل على الاختلاف ولكن تعودنا طوال ثلاثين عاماً على اختزال الاختلاف فى شكل القرار الأحادى والفردى فى شتى مناحى الحياة للمصريين فاختزلنا مصر للأسف الشديد طوال ستين عاماً فى شخص الرئيس فهو المنقذ ولاصوت يعلو ويختلف فوق صوت وقرار الرئيس هذه هى ثقافتنا السياسية التى توارثتها الأجيال حتى جاء طوق النجاة الربانى واستجابة الرب لدعوات المقهورين والفقراء والذين عذبوا واستشهدوا داخل أنظمة الرجل الواحد فكانت ثورة الغضب الأولى فى السويس والإسكندرية ودفع شعب السويس والإسكندرية فاتورة نجاح الثورة فى أول يوم ولكن للأسف الشديد أين هؤلاء الأبطال الصامدون الذين واجهوا طلقات النظام بصدور عارية لاحد يستمع لقصص البطولة والتضحية والشهادة فى السويس والإسكندرية وجاءت موقعة الجمل لتجعل من التحرير فراراً سياسياً فى الداخل وللاحرار فى الخارج ولا أحد يستطيع أن يزايد على موقف القوات المسلحة والمجلس الأعلى العسكرى الذى كان سبباً مباشراً لانجاح ثورة الشعب وانحاز للمواطن المصرى حماية للوطن ولأول مرة فى تاريخ مصر القديم والحديث أن يتم محاكمة رئيس الجمهورية وأسرته ونظامه بالكامل فأين فلول النظام فالنظام القوى الذى يمتلك الآلة الأمنية وكل شىء يحاكم ومحبوس داخل زنزانة السجون وما جرى خلال يوماً فقط يعد انجازاً فعلياً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة على أرض الواقع فهو بكل المقاييس انجاز فى زمن الثورات فأنا مع التظاهرات السلمية والمطالب السياسية الواعية فمطلب تأجيل الانتخابات البرلمانية وتعديل الدوائر الانتخابية المفصلة لأباطرة العهد البائد والسابق لا يتصادم مع الإعلان الدستورى لأنه تأجيل وليس إلغاء والدعوة للحوار المجتمعى والموضوع قبل اتخاذ القرار شىء مطلوب ومهم فى المرحلة القادمة فنحن نريد مزيداً من الخطوات والانجازات مع وقف مسميات الوفاق والحوار الوطنى التى فشلت قبل أن تبدأ ونسميها بمسمياتها الحقيقية وهى اللقاء المصرى لكل أنواع الطيف المصرى بدون إقصاء فصيل أو جماعة ولكن أن يدعى طرف أحقيته فى وضع جدول أعمال النهوض بمصر فهذا هو الفشل بعينه والافتقار للحد الأدنى من قواعد اللعبة الديمقراطية وهى دعوة للعودة للمربع السياسى رقم صفر فالاستماع للآخر وأدب الحوار والاختلاف من ابجديات العمل السياسى أما لغة المصادرة والنرجسية والأحقية وأنه صاحب الطلقة الفيس بوك فهذا مرفوض فإذا نجح الفيس بوك فى فكرة انطلاق الثورة فالناس بوك هم وقود والسبب الحقيقى فى نجاحها فالطوفان البشرى للشعب المصرى كان هو العامل الحاسم لسقوط مبارك وأعوانه فبدلاً من ثورات الغضب والانتقام دعونا ندعو لثورات اللقاء والمتابعة فالضامن لهذه الثورة العظيمة هو الشعب والقوات المسلحة لأننى بمنتهى الصراحة أخشى من الافراط فى سقف المطالب وجمعات الغضب فينقلب الوضع وسيدفع الجميع ثمن هذه الردة السياسية لأن يا سيادة مصر تمصر غيرها ولا تتمصر فدعونا نحافظ على مصرنا التى عادت إلينا بعد غياب ثلاثين عاماً وكفانا شعارات لأن الجميع يتربص بمصر وشعبها الذى أذهل وحير الأصدقاء قبل الأعداء واعتقد لا غضب بعد اليوم وأختتم بقول الشاعركالعيش فى البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولفمصر فى رباط إلى يوم الدين واجنادذها خير اجناد الأرض افيقوا قبل فوات الآوان وعجبى