النهار
الأحد 16 نوفمبر 2025 11:45 صـ 25 جمادى أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
نص كلمة الرئيس السيسي خلال إطلاق النسخة الخامسة من أسبوع إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات اقتحام دفاعات العدو وتدمير الأهداف المعادية في ختام مشروع بالذخيرة الحية بالمنطقة الغربية العسكرية الحوار يوقع مذكرة تفاهم مع مركز تحليل العلاقات الدولية بأذربيجان مصرع شخص وإصابة آخر في انقلاب موتوسيكل على طريق أسيوط الزراعي تدخل طبي دقيق بطوارئ مستشفيات جامعة المنوفية ينهي نزيفًا داخليًا حادًا هدد حياة المريض دون جراحة وزير الصحة لـ”النهار”: العنصر البشري الركيزة الأولى لتطوير الخدمات الصحية.. وناقشنا دور التكنولوجيا في تحسين الرعاية وزير الصحة لـ”النهار”: المشاركة الدولية للمؤتمر العالمي للسكان تؤكد قدرة مصر على تنظيم مؤتمرات كبرى بمواصفات عالمية درة تبدأ تصوير مسلسل علي كلاي تمهيدًا لعرضه فى موسم دراما رمضان 2026 وزير الصحة لـ”النهار”: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق الاكتفاء الدوائي والمعدات الطبية محليًا ريهام عبد الغفور أول فنانة في تاريخ السينما بالعالم تقدم شخصيه متلازمة داون في فيلم خريطة رأس السنة «التموين» تعلن طرح عبوة زيت خليط 700 مللي في المجمعات الاستهلاكية بسعر 46.60 جنيهًا تكريم عالمي ومحلي لوحدة طب الأسرة بدراجيل بعد فوزها بالمركز الأول جمهوريًا في اعتماد منشآت ”جهار”

تقارير ومتابعات

عم سالم كعب داير منذ 30 عاما يبحث عن مدفن

فى قلب ميدان التحرير، بين مئات المتظاهرين الذين يطالبون بمطالب فئوية، يسيرعم سالم عبد الموجود (عامل فنى كهربائى ) وسط الميدان ذاهلا يحملق فيمن حوله،أسمر، أشعث فى العقد السابع من عمره، يبدو زاهدا فى الحياة، يفكر كثيرا فى الموت.عندما اقتربنا منه بادرنا بالقول : أريد مدفنا لأموت فيه. تحققت كل أمنياتحياتى. رأيت سقوط حسنى مبارك ونظامه، لم يعد يشغلنى سوى المكان الذى سوف أدفنفيه بعد موتى وظللت أبحث عنه منذ 30 عاما ولم أستطع الحصول عليه..ذهبت إلى مقرمجلس الوزراء لمقابلة الدكتور عصام شرف لعرض مطلبي متفائلاً بثورة 25 يناير، إلاأنني فوجئت بأحد الموظفين يقول إن طلبي لن تتم الاستجابة له قبل عام على الأقل،وكانت صدمتي شديدة عندما قال لي ستسألني بالطبع ماذا إذا وافاني الأجل قبلانتهاء هذا العام؟ وأجاب على نفسه بالقول: سأرد عليك بأن أهل الخير كثيرون، ثمطلب مني الانصراف لانشغاله بقضايا مواطنين آخرين.سألناه: ألهذا السبب فقط تشارك فى مظاهرات اليوم بميدان التحرير، فأجاب: وأىشيىء أهم من المكان الذى يحفظ كرامتى بعد الموت..لاأريد أن أدفن فى مقابرالصدقة.. لقد أحلت على المعاش بعد أربعين عاما من العمل ككهربائ درجة أولى فيالهيئة العامة للاستعلامات، وحاولت كثيرا الحصول على مقبرة وذهبت إلى مقراتمحافظة القاهرة والجيزة ومؤخرا السادس من أكتوبر لتقديم طلب للحصول على قطعة أرضلهذا الغرض على مدى الثلاثين عاما الماضية.وأضاف كل ما أمتلكه من حطام الدنيا مبلغ عشرة آلاف جنيه حصلت عليهم بعد أنربحت قضية للحصول على قيمة الأجازات أثناء عملي بالهيئة، وبعد أن ضاعت مني مكافأةنهاية الخدمة بسبب تعرضي لعملية نصب، وأعيش حاليا أنا وزوجتي المريضة بالسكر منالفئة الأولى، حيث أقوم بالإنفاق على علاجها، ومعاشي لا يتعدى ثمانمائة جنيه.ويضيف مع ذلك حرصت على الحفاظ على المبلغ الموجود لدي لكي أتمكن من الحصولعلى المدفن، حيث قمت مرارا بتقديم طلبات وفي كل مرة يقولون لي لم نفتح البابللطلبات، لا نقبل القرارات لأن لدينا قرارات كثيرة، ووجدت أن الموضوع في يدبعض الوسطاء الذين لاحظوا ترددي على المحافظة، وعرضوا توصيلي بمن يحصلون علىالأراضي ويبيعونها بما يتجاوز الأربعين ألفا من الجنيهات للمدفن - وهو أضعافالثمن الذي تعلن عنه المحافظة وهو خمسة آلاف جنيه تقريبا-.عم سالم عبد الموجود - وفقا لما يؤكده الدكتور ممدوح حمزة المهندس الاستشارىالمصرى الكبير- يعد مثالا قويا لمعتقدات المصرى القديم منذ الأزل حيث اعتقدالمصري القديم في الخلود والبعث، وكان اهتمامه بالحياة بعد الموت هو ما دعاهلبناء الأهرامات، بل وإعداد صنوف الطعام والأمتعة التي سترافقه في الحياة الأخرى.الإنسان المصري البسيط الآن لا يعجز فقط عن الحصول على مسكن يعيش فيه، بل هوأيضاً أعجز من أن يجد مساحة أرض تواريه بعد وفاته فالمستحيل يصحبه أيضاً في آخرته.يقول المثل المصري الشعبي إكرام الميت دفنه ويؤكده التراث الإسلامي، وفيماشيد الرئيس السابق مقبرة فخمة مجهزة بأفخم الأثاث فإن المواطن سالم عبد الموجودعلي يحلم بالحصول على مدفن، وبعد ثورة 25 يناير لم يزل الحلم يراوده، وقد أوشكعلى اليأس من نيل مراده، إلى الدرجة التي دفعته إلى الذهاب لميدان التحريروالانضمام لجموع المتظاهرين عسى أن يجد من يصغى إليه حين يقول بصوت خفيض ويكاديبكى: لا أريد مسكنا .. كل ما أريده هو مدفن يواريني ويحفظ كرامتي بعد الموت!!.