النهار
الأحد 27 يوليو 2025 08:33 صـ 1 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
باسعار تبدا من 350 جنية.. مسار إجبارى علي مسرح ساقية الصاوي 31 يوليو الجاري المرة دى بالأصفر.. إطلالة جديدة لمى سليم من عطلتها الصيفية بالساحل الشمالي حريات الصحفيين تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقد مشروع أسامة الهواري مديرًا لأمن الغربية.. خبرات أمنية من صعيد مصر إلى قلب الدلتا وداعًا زياد الرحباني.. موسيقي بدرجة فليسوف هل يشهد العقار المصري لحظة تصحيح؟ مؤشرات التحول في السوق خلال 2025 المصيف بالتقسيط.. التمويل السياحي يدخل سوق الرحلات الصيفية عقارات الساحل بين ”الطيب والشرير”: متر بـ900 ألف ووحدة بـ90 مليون تفتح باب الجدل بالصور..مصطفى شوقي يتعاقد مع ريتشارد الحاج لإنتاج وتوزيع أغانيه وزير الثقافة يعلن إطلاق الخطة القومية لإحياء صناعة السينما وتحويل الأصول المعطّلة إلى منصات إنتاج حديثة 7 آلاف مواطن في مؤتمر مستقبل وطن بجرجا لدعم مرشحي «الشيوخ 2025».. ودعوات شعبية ودينية للمشاركة والتصويت أدعية لزيادة الرزق من السنة النبوية

تقارير ومتابعات

عم سالم كعب داير منذ 30 عاما يبحث عن مدفن

فى قلب ميدان التحرير، بين مئات المتظاهرين الذين يطالبون بمطالب فئوية، يسيرعم سالم عبد الموجود (عامل فنى كهربائى ) وسط الميدان ذاهلا يحملق فيمن حوله،أسمر، أشعث فى العقد السابع من عمره، يبدو زاهدا فى الحياة، يفكر كثيرا فى الموت.عندما اقتربنا منه بادرنا بالقول : أريد مدفنا لأموت فيه. تحققت كل أمنياتحياتى. رأيت سقوط حسنى مبارك ونظامه، لم يعد يشغلنى سوى المكان الذى سوف أدفنفيه بعد موتى وظللت أبحث عنه منذ 30 عاما ولم أستطع الحصول عليه..ذهبت إلى مقرمجلس الوزراء لمقابلة الدكتور عصام شرف لعرض مطلبي متفائلاً بثورة 25 يناير، إلاأنني فوجئت بأحد الموظفين يقول إن طلبي لن تتم الاستجابة له قبل عام على الأقل،وكانت صدمتي شديدة عندما قال لي ستسألني بالطبع ماذا إذا وافاني الأجل قبلانتهاء هذا العام؟ وأجاب على نفسه بالقول: سأرد عليك بأن أهل الخير كثيرون، ثمطلب مني الانصراف لانشغاله بقضايا مواطنين آخرين.سألناه: ألهذا السبب فقط تشارك فى مظاهرات اليوم بميدان التحرير، فأجاب: وأىشيىء أهم من المكان الذى يحفظ كرامتى بعد الموت..لاأريد أن أدفن فى مقابرالصدقة.. لقد أحلت على المعاش بعد أربعين عاما من العمل ككهربائ درجة أولى فيالهيئة العامة للاستعلامات، وحاولت كثيرا الحصول على مقبرة وذهبت إلى مقراتمحافظة القاهرة والجيزة ومؤخرا السادس من أكتوبر لتقديم طلب للحصول على قطعة أرضلهذا الغرض على مدى الثلاثين عاما الماضية.وأضاف كل ما أمتلكه من حطام الدنيا مبلغ عشرة آلاف جنيه حصلت عليهم بعد أنربحت قضية للحصول على قيمة الأجازات أثناء عملي بالهيئة، وبعد أن ضاعت مني مكافأةنهاية الخدمة بسبب تعرضي لعملية نصب، وأعيش حاليا أنا وزوجتي المريضة بالسكر منالفئة الأولى، حيث أقوم بالإنفاق على علاجها، ومعاشي لا يتعدى ثمانمائة جنيه.ويضيف مع ذلك حرصت على الحفاظ على المبلغ الموجود لدي لكي أتمكن من الحصولعلى المدفن، حيث قمت مرارا بتقديم طلبات وفي كل مرة يقولون لي لم نفتح البابللطلبات، لا نقبل القرارات لأن لدينا قرارات كثيرة، ووجدت أن الموضوع في يدبعض الوسطاء الذين لاحظوا ترددي على المحافظة، وعرضوا توصيلي بمن يحصلون علىالأراضي ويبيعونها بما يتجاوز الأربعين ألفا من الجنيهات للمدفن - وهو أضعافالثمن الذي تعلن عنه المحافظة وهو خمسة آلاف جنيه تقريبا-.عم سالم عبد الموجود - وفقا لما يؤكده الدكتور ممدوح حمزة المهندس الاستشارىالمصرى الكبير- يعد مثالا قويا لمعتقدات المصرى القديم منذ الأزل حيث اعتقدالمصري القديم في الخلود والبعث، وكان اهتمامه بالحياة بعد الموت هو ما دعاهلبناء الأهرامات، بل وإعداد صنوف الطعام والأمتعة التي سترافقه في الحياة الأخرى.الإنسان المصري البسيط الآن لا يعجز فقط عن الحصول على مسكن يعيش فيه، بل هوأيضاً أعجز من أن يجد مساحة أرض تواريه بعد وفاته فالمستحيل يصحبه أيضاً في آخرته.يقول المثل المصري الشعبي إكرام الميت دفنه ويؤكده التراث الإسلامي، وفيماشيد الرئيس السابق مقبرة فخمة مجهزة بأفخم الأثاث فإن المواطن سالم عبد الموجودعلي يحلم بالحصول على مدفن، وبعد ثورة 25 يناير لم يزل الحلم يراوده، وقد أوشكعلى اليأس من نيل مراده، إلى الدرجة التي دفعته إلى الذهاب لميدان التحريروالانضمام لجموع المتظاهرين عسى أن يجد من يصغى إليه حين يقول بصوت خفيض ويكاديبكى: لا أريد مسكنا .. كل ما أريده هو مدفن يواريني ويحفظ كرامتي بعد الموت!!.