النهار
الإثنين 18 أغسطس 2025 01:43 صـ 22 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
رئيس رابطة الأندية: فوجئت بحالة ستاد القاهرة وهذا موقفنا من طلب الأهلي قبل مباراة بيراميدز جائزة خاصة لأسرة الراحل علاء السيد في ختام بطولة العالم لليد محافظة الجيزة تحذر المواطنين من الوحدات السكنية المخالفة: التأكد من التراخيص قبل الشراء خلفا لأشرف القاضي المركزي يوافق رسميا على تعيين طارق فايد رئيسا للمصرف المتحد منى عبد الغني تكشف سر رفض تيمور تيمور للعمل في أيامه الاخيرة ركين سعد تنعي تيمور تيمور بطريقة حزينة الأغذية الأساسية عند أدنى مستوى منذ 2018.. ”المركزي” يكشف سر تراجع التضخم كارثة على الدائري.. أتوبيس يحول نزلة مسطرد إلى ساحة موت وينهى حياة شخصين بالأسماء.. ننشر تشكيل إدارة غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة بكفر الشيخ عبدالرحمن أشرف أفضل جناح أيمن في بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عام مواجهات نارية بالجولة الأولى من المجموعة التاسعة بدوري القسم الثالث منتخب ألمانيا يتوج بطلا لبطولة العالم للناشئين بكرة اليد

حوادث

«النهار» تدق ناقوس خطر ظاهرة «مجانين الشوارع»

على جميع محطات التلفاز ورد الخبر «عاجل».. «مختل عقلياً يقتل سيدة ويصيب آخرين بمحطة قطار الزقازيق» الخبر الذى أصاب الجميع بالهلع والفزع وروجت الشائعات حول الحادث بأنه له علاقة بالحالة السياسية المضطربة بالشارع المصرى وله علاقة بالأحداث الملتهبة التى تشعلها الجماعات الإرهابية فى حرب ضروس بينهم وبين الشرطة، بين الحين والآخر يكون ضحيتها المواطنين.

 

أسئلة كثيرة دارت حول هذه الواقعة تجسد حجم المشكلة الحقيقية التى يفتحها هذا الحدث الأليم وتظهر مدى سطحية التعامل مع هذه الحوادث التى تتكرر كل عام ربما أكثر من مرة ولا نتعلم منها شيئاً.

 

هل كان قاتل محطة قطار الزقازيق مختلاً عقلياً؟

 

أين كان رجال شرطة النقل والمواصلات؟!

 

ما صحة ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعى وعلى صفحات الإخوان بأنه ينتمى إليهم وقرر الانتحار؟

 

رغم تكرار حوادث المختلين عقليا.. كيف تتعامل الحكومة مع هذه الحوادث التى تهدد أمن المواطنين؟

 

وهل حاول قتل أو إيذاء مواطنين آخرين؟

 

الحادث يفتح ملف «مختلى الشوارع» ويجبرنا على التساؤل هل هم جناة أم مجنى عليهم وكيف يتعامل معهم المجتمع؟!

 

أثناء تغطيتنا للحادث الأليم الذى انتهى بطعن المتهم «المجنون» لنفسه بذات السكين التى قتل بها وأصاب ضحاياه بعد أن شعر بالخوف والهلع من تضييق الخناق عليه من قبل رجال مباحث قسم شرطة أول الزقازيق.

 

عندما رأيته تذكرته «أكثر من 6 سنوات وأنا أستقل القطار من تلك المحطة الكبيرة التى تقع فى قلب مدينة الزقازيق والتى يتردد عليها فى اليوم الواحد أكثر من 10 آلاف مواطن شرقاوى يتجهون منها إلى القاهرة والاسماعيلية وبورسعيد ومعظم محافظات الوجه البحري.. وخلال هذه السنوات الست الطويلة كنت أرى المتهم «المجنون» أنا وغيرى من الركاب يومياً فى محطة القطار يتجول على رصيفها الطويل أو يقفز فجأة على القضبان أو يفترش درجات سلالمها الداخلية.

 

طوال هذه السنوات كنت أشاهده بنفسى يضايق السيدات يثير ذعر الأطفال ويقتل صبر الرجال الذين يضيقون ذرعاً من تصرفاته الا أنه لم يعترضنى شخصياً سوى مرتين وكغيرى من سيدات المحطة كنت أشعر بالذعر والهلع الذى كانى ينتهى بشكوانا إلى حرس المحطة فكثيراً ما كنا نشعر ان ميوله عدوانية تجاه النساء تحديداً!

 

فى الكثير من الأحياء كان يحمل قطعة خشبية كبيرة وضخمة ويقف بها على رصيف المحطة ويقوم بضرب كل من يمر أمامه وقد يصيب الكثيرون الا أنهم كانوا يعطون له العذر الذى استباحه ليقتلهم بأنه «مجنون» يسقط فيها ضحايا من المواطنين وتوالت الأسئلة محدثة حالة من الجدل الواسع فى الشارع حول مصداقية الحكومة بشأن الحالة النفسية للمتهم والتى اعتاد المواطنون على صياغة معينة لفترة طويلة من قبل الحكومة إزاء أى حادث كبير خاصة الذى تكون له علاقة بمحطات القطار أو المترو وهذه الصياغة التى كانت تعتمد كلمة «مختل» لفترات طويلة كحل لإنهاء حالة الجدل أو الفزع وتنفى شعور المواطن بالإهمال أو الخلل الأمني.

 

الغريب كان التعامل الأمنى السلبى تماماً مع شكاوى المواطنين على المحطة فلم يكن أى من رجال الأمن يأخذ الشكاوى على محمل الجد وكثيراً ما كانوا يقفون يضحكون وكان ردهم «ده راجل غلبان ومجنون.. هنحبسه كمان»؟!

 

الكثير من المواطنين فى الشارع الشرقاوى والذين تصادف وأن قابلوا القاتل على المحطة أكثر من مرة والذين يشعرون بالحزن الشديد لأنه خلف سيدة شابة قتيلة فى أوائل الثلاثين من عمرها يرددون فى ندم «ياريتهم حبسوه»!!.

 

«النهار» تفتح ملف مجانين الشوارع الذين يعيشون بيننا.. ويتجولون فى الشوارع نهاراً ومساء ويفترشون الاسفلت ويحتكون بالمارة ليصيبهم الفزع والكل يتحرك من مبدأ أنه ليس على المجنون حرج.

 

يحكى أن مجنون محطة الزقازيق كان شخصاً عاقلاً ومتزناً من أسرة كادحة وفقيرة للغاية وأنه تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وحصل منها على البكالوريوس مع مرتبة الشرف وبعدها تقدم للالتحاق بالسلك الدبلوماسى ليكون موظفاً ثم «سفيراً» هكذا كانت أحلامه إلا ان الوساطة أغلقت الدنيا أمام عينيه وحولته إلى مختلاً بعدما ضاع أمله فى الحياة بعد وفاة والدته وزواج والده من امرأة قاسية طردته إلى الشوارع!!

 

قصص «المختلين» وحكاياتهم قد تجبرك على التعاطف معهم بشكل كبير وقد يقع الكثير منهم بحسب درجة الاختلال كضحايا خاصة النساء اللائن يتعرضن للكثير من الجرائم ولكن هن أيضاً «قتله» رفع عنهن القانون الحرج والعقاب ولكن وضع بنوداً لا يعمل  بها ولا تطبق على أرض الواقع حتى نأمن شرورهن.

 

من يوجد فى أسرته مختل أو مجنون يعامله كأنه خطيئة لابد وأن يداريها حتى يتفاقم مرضه وأول من يقتل قد يقتل أهله وحدثت فى الكثير من الجرائم والوقائع كحادث مهندس بولاق الدكرور الذى قتل شقيقه المهندس أيضاً وبرر ذلك بأن الجن أمره والمختل عقلياً الذى قتل والده بالإسكندرية بعدة طعنات أثناء نومه منذ أيام قليلة وقال انه كان يعتقد أن والده لص دخل ليسرقه، إضافة إلى مختل السويس الذى قتل والدته بعد أن ذبحها لأنها رفضت خروجه من المنزل حتى لا يتعرض للأذي:

 

وذكرنا ًالواقعة بالكثير من الوقائع والتى كان متهماً بها مجنون شارع ومنها حريق محطة شبين الكوم الذى تسبب فيه مختل عقلياً عندما أشعل النار فى جرار قطار اضافة إلى مجنون بسيون الذى أشعل النار فى أكياس المناديل وألقاها فى القطار ليشتعل هو وجزء كبير من محطة بسيون ولكن دون اصابات.

 

كل هذه الحوادث وأكثر حدثت خلال عامين فقط اضافة إلى نسبة كبيرة رصدتها المراكز القومية للبحوث المختصة ولا يوجد حتى الآن أى اجراءات حقيقية لحماية المواطنين من مجانين الشوارع وحمايتهم من أنفسهم أيضاً.

 

الوقائع تتكرر بل إن الكثير من الاصحاء عقلياً أصبحوا يتخذون من تمثيل الجنون ذريعة للقيام بجرائهم وكطوق نجاة من حبل المشنقة فالجنون هو الحل الأمثل للقتل والإصابة دون عقاب.

 

رغم وقوع حوادث الجناة فيها «مجانين» مازالوا إلى الآن يملئون الشوارع والميادين فى القاهرة والمحافظات إما جناة وإما مجنى عليهم دون حماية لهم أو حماية للمواطنين منهم.

 

وحول ملف المجانين يحدثنا العميد خالد عبدالعزيز رئيس وحدةا لأحداث بالأزبكية ويقول إن هناك قلة من محاضر «المجانين» وربما يعود ذلك للتعامل السلبى من قبل المواطنين الذين يبسطون من خطورته فى الشارع ولا يقدمون على تقديم بلاغات وأن محاضر ضبط المختلين بشكل عام نادرة ربما لأن الكل يتعامل معهم على أنها فئة مسكينة» فاقدة للعقل والوعى ويعتبرونها الأضعف وربما تكون الأقوى والأكثر انتقاماً.. كما أن الأهالى يخافون من فكرة وجود ابن أو قريب مجنون أو مختل عقلياً ويتعاملون معه كأنه خطيئة مما يزيد من عنفه.