ياسر برهامي: كثير من الشعوب تساهم في صنع الطواغيت والجبابرة بسبب الجهل
نصح الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، أبناء التيار الإسلامي بألا يصنعوا الجبابرة، وقال برهامي: كثير من الشعوب والأمم والطوائف تساهم في صنع الطواغيت والجبابرة، وتحويل البعض ممن أذنب وأخطأ -مع أنه في قلبه حب الخير- إلى فرعون عنيد؛ بسبب الجهل أحيانًا، ودفعه إلى الظلم والسكوت عليه أحيانًا أكثر.
وأضاف برهامي، في بيان له: "عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ)، ففي قصتنا كانت البلد التي نشأ فيها هذا الرجل التائب أرضَ سوء تسبَّب أهلها في طغيانه وجبروته قبل توبته؛ حيث لم ينكروا عليه قتل التسعة والتسعين نفسًا، ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالضوابط الشرعية التي تجلب الخير وتزيده، وتمنع الشر أو تقلله من أهم سمات الأمة الإسلامية، وفي القصة -أيضًا- بيان سبب آخر من أسباب تحول مَن في قلبه شيء من الدين إلى جبار عنيد، هو هذا الراهب الجاهل الذي ظن أن مواجهة قاتل التسعة والتسعين نفسًا بفتوى جاهلة ظالمة تسد أمامه باب التوبة المفتوح عند الله - نوع من الجرأة في الحق والثبات عليه، والتضحية من أجله؛ فهو يعلم جبروته وظلمه، ومع ذلك لم يحسن أن يقول له القول اللين الذي هو في الحقيقة الموافق للشرع لا المداهن فيه كما يظنه البعض".
وتابع: لا يلزم أن يكون التغليظ دائمًا هو سبيل الوعظ، بل قد يكون في كثير من الأحيان -خصوصًا مع مَن خفـَّت ديانته وورعه- سببًا في نفرته؛ وذلك لما شاهد مِن فظاظة وغلظة؛ فضلاً عما قد يفعله البعض مِن مزيدٍ من التهييج لهذا القاتل بسبِّه أو شتمه أو السخرية منه أو إعطائه مبررًا للقتل بنوع من الاعتداء والبغي على مَن لا يستحق ذلك، وأشد ما في هذه الفتوى الباطلة بعد القول على الله بغير علم، ولذا كان أمر التكفير للمسلمين من أعظم ما يجلب كراهية المسلمين وسخطهم، ونفرتهم ممن يفعل ذلك، ولربما كان سببًا لنفرتهم من الدين كله، فإذا اجتمع معه سفك الدماء بغير حق "ولو كان بتأويل" فإنه يصير في هذه الحالة من أعظم أسباب دفع الظالم إلى مزيدٍ من الظلم بدلاً من الأخذ بيده إلى التوبة والدين، وأن ينمي ما في قلبه من حب الخير.
وأكمل حديثه " فليتعظ أبناء العمل الإسلامي في دعوتهم إلى الله، وفي مجتمعاتهم المليئة بأنواع العصاة والظلمة "لكن في قلوبهم حب الخير وتعظيم الدين"؛ فلابد أن نستثمر ذلك ونفتح لهم باب الرجاء في حديثنا معهم، ولا نغلق بابًا فتحه الله للتوبة حتى مع الذنوب العظام: كالقتل العمد للعدد الكبير، وبالتأكيد يكون ذلك مع نهي الظالم عن ظلمه، والقاتل عن مزيد القتل، والمعتدي الباغي عن اعتدائه وبغيه بما قال الله لموسى وهارون".
في سياق متصل وجه الشيح ياسر برهامي، نصائح لشباب الدعوة السلفية من جامعتي الفيوم وبين سويف مطالبهم بالاهتمام ببناء الشخصية الإسلامية من جهة العلم والعمل والدعوة إلى الله وحسن الخلق مع الناس "المخالف منهم قبل المتفق معه في الرأي" وعدم رد الإساءة بمثلها، مشددا على ضرورة التواصل مع كل فئات المجتمع.
جاء ذلك خلال لقاء برهامي بشباب جامعتي الفيوم وبني سويف بمدينة الفيوم، على هامش جلسة الصلح الذي عقدتها الدعوة السلفية؛ للصلح بين عائلتي "سرحان والسمان" بمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم لإنهاء خصومة ثأرية بينهما بحضور اللواء هاني مشرف مساعد مدير الأمن، والشيخ عبد العال دسوقي ممثلا لوزارة الأوقاف.
وعقب انتهاء اللقاء قام الشباب بالتكبير ورددوا هتافات منها: "صور صور يا إعلامي.. إحنا شيخنا الشيخ برهامي".