مصر بدون مظاهرات ..الحلم المستحيل لحكومة الببلاوى

آثار قانون التظاهر الجديد الذى أقره مجلس الوزراء، وكان ينتظر تصديق المستشار عدلى منصور، الرئيس المؤقت للبلاد، موجة من الغضب العارم بين القوى الشعبية والحزبية والثورية فى مصر، باعتباره يجور على حرية الرأى والتعبير ويأتى بالسلب على مكتسبات ثورة 25 يناير، ويشوه الموجة الثانية من ثورة 30 يونيو، حيث أن القانون يحظر الاعتصام ويُحدد مواعيد معينة للتظاهرات، ففى حين يرى البعض أنه ضرورى يؤكد آخرون أنه لا أحد يأخذ حقوقه فى مصر إلا بالمظاهرات
لهذا فإن معظم القوى السياسية والثورية، طالبت بضرورة طرح القانون الجديد للنقاش المجتمعي، منتقدة تجاهل الحكومة للنقاش قبل طرح القانون، الذى أثار جدلًا واسعًا وقد يؤدى إلى المزيد من التظاهرات خلال الفترة المقبلة فى حالة تطبيقه بالفعل.
الحكومة المصرية كانت قد أقرت قانون حق التظاهر الجديد، الذى جاء فى 26 مادة، ويحظر على المتظاهرين أن يعتصموا أو يبيتوا فى أماكن المظاهرة، أو يتجاوزوا المواعيد المقررة للتظاهر، أو يخلوا بالأمن أو النظام العام، أو يعطلوا مصالح المواطنين، أو يؤذوهم أو يعرضوهم للخطر، أو يقطعوا الطرق والمواصلات أو يعطلوا حركة المرور.
كما يمنح القانون الجديد الحق لوزارة الداخلية فى فض المظاهرات بالقوة عقب إجراءات شكلية، ويمنع حق الاعتصام تمامًا، بالإضافة إلى أنه يمنع الاقتراب من العديد من الجهات مثل دور العبادة والبرلمان وأقسام الشرطة وغيرها لمسافة تتراوح بين 50 و100 متر، فضلًا عن توقيع عقوبة السجن والحبس والغرامة، لمخالفة بعض نصوص القانون.
عن هذا القانون ومدى الموافقة عليه أو رفضه تدور السطور التالية :-
فى البداية، انتقد حسين عبد الرازق، عضو المكتب السياسى لحزب «التجمع» وممثل «اليسار» فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور، مشروع قانون التظاهر الذى أقره مجلس الوزراء، مؤكدًا أنه ينتهك مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية التى صدقت عليها مصر ودستور 2012 المعطل (المادة50) ومشروع الدستور الجديد الذى تتولى لجنة الخمسين صياغته حاليًا (المادة 53).
وأوضح عبد الرازق، أن القانون الجديد يهدف إلى تقييد حق التظاهر والاعتصام والإضراب السلمي، حيث أنه يمنع التظاهر أمام المنشآت العامة والحكومية، ويُحدد ساعات معينة للتظاهر، ويمنح السلطات المحلية الحق فى تحديد عدد المتظاهرين وأماكن التظاهر، بالإضافة إلى فرض عقوبات مغلظة على أى مخالف لمواد هذا القانون، يؤدى إلى مصادرة الحق فى التظاهر، مؤكدًا فى الوقت ذاته، أنه فى حال صدور هذا القانون، لن يمنع الشعب المصرى بكافة أطيافه من ممارسة حقه الدستورى فى التظاهر والاعتصام مثلما حدث فى يناير 2011 ويونيو 2013.
تمرد ترفض
فيما أكدت مى وهبة، عضو المكتب السياسى لحركة «تمرد»، على رفض الحركة التام لقانون التظاهر الجديد، واصفًة إياه بأنه انقلاب على ثورتى يناير ويونيو، وقالت: «لولا تظاهرات 25 يناير لما تخلصنا من مبارك ونظامه، ونفس الحال فى 30 يونيو، فلولا التظاهرات لما سقط مرسى وحكم الإخوان».
وأشارت مى وهبة، إلى أن القانون الجديد سيصنع فرعونًا وديكتاتورًا جديدًا، ويعتبر انقلابًا على الديمقراطية والشرعية التى يُنادى بها الجميع، موضحًة أنه سيُحقق الاستقرار، ولكنه سيؤدى إلى اضطراب البلاد وإحداث مزيد من الفوضى، مُطالبة فى الوقت ذاته، المستشار عدلى منصور، الرئيس المؤقت للبلاد، بضرورة إحالة قانون التظاهر إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان للبت فيه.
وفى ختام تصريحاتها لـ»النهار»، شددت عضو المكتب السياسى لحركة «تمرد»، على أن الشعب المصرى هو القائد والمعلم، وهو صاحب السيادة الحقيقية، وأكدت أن الحركة لا تنحاز إلى أى نظام سياسي، وأن انحيازهم الكامل للشعب وإرادته.
الدستور يعارض
ومن جانبه، أشار محمود عادل، عضو المكتب السياسى لحزب «الدستور»، إلى أنهم يرفضوا قانون التظاهر الجديد الذى وافق عليه مجلس الوزراء، وقال: «التظاهر حق ونشاط ديمقراطى صحى إيجابي، يحتاج إلى الحماية وليس للتقييد القانوني، كما هو الحال فى القانون الجديد»، مُشددًا فى الوقت ذاته، على عدم ممانعته من وجود قانون يُنظم الحق فى التظاهر ويحميه، ولكن لابُد أن يتم طرحه لنقاشات اجتماعية موسعة.
وأضاف «عادل» فى ختام تصريحاته لـ»النهار»، أنه لا يقبل وجود قانون، يمنع المصريون من حقهم فى التظاهر والاعتصام السلمي، ويسمح لأجهزة الأمن برفض التظاهرات، خاصًة أن هذا القانون فى حال تطبيقه لن يتم إلغائه بعد ذلك.
حوار مجتمعى.
وفى السياق ذاته، أكد عبد الغفار شُكر، رئيس حزب «التحالف الشعبى الاشتراكي» ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المجلس أرسل خطابًا للحكومة عقب تلقيه مسودة مشروع القانون، يُطالب بضرورة إتاحة الفرصة لطرح مشروع القانون للحوار المجتمعي، مُشيرًا إلى أن قانون التظاهر بشكله الحالى لن يدوم طويلًا ولن يُسمح بتطبيقه، حيث أن الجماهير تتجه للتظاهر السلمى للتعبير عن أرائها، وإذا صدر القانون لن يلتفت المواطنين إليه.
وأضاف «شُكر»، أن مشروع القانون يُجرم الاعتصام، بالرغم من أن الاعتصام جزء من عملية التظاهر فى حالة عدم تحقيق التظاهرات للهدف منها، كما أن العقوبات الموجودة فى القانون مغلظة للغاية ولا تتناسب مع المخالفات، وقال: «فهناك مادة تنص على السجن وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه لمن يتجاوز الوقت المقرر للتظاهرة، أو يعطل مصالح المواطنين ويحول دون قيامهم بأعمالهم، أو قطع الطرق والمواصلات».
ولم يختلف موقف حزب «مصر القوية»، كثيرًا، حيث أصدر الحزب بيانًا عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»، أكد خلاله رفضه التام لقانون التظاهر الحالي، وقال: «القانون التعسفى الذى لا يصدر إلا عن سلطة تبحث عن أمنها وبقائها، ولو كان على حساب حريات الناس وحقوقهم»، وتابع: «عقلية القمع واعتبار الحقوق السياسية والمدنية هبة الحاكم يحجبها وقتما يشاء عقلية نظام مبارك التى أسقط الشعب رأسها فى يناير».
وأضاف الحزب: «نفس العقلية تعيد الكرة الآن حين تعد قانونا يهدف حقيقة إلى منع التظاهر ويحجب حق الاعتصام، وأن الشعب سيسقط هذه العقلية وأصحابها، وأن حقوق الناس تنتزع ولا توهب من حاكم مهما كانت درجة قمعه وسيطرته المتخيلة»، وفى ختام البيان، شدد الحزب على ضرورة إلغاء القانون، وقال: «نبذل كل الجهود السياسية لإسقاط أى قانون يتجه لتقييد الحريات أو انتقاص الحقوق».
استبدادى
أما الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فقالت: «القانون الجديد يسير على نفس النهج الاستبدادى فى التعاطى مع حقوق المصريين وحرياتهم، بل نفس الأشخاص»، منتقدًا فى الوقت ذاته توظيف بعض الخبراء والمستشارين لخبراتهم لدعم الأنظمة والسلطة بدلًا من سيادة القانون والحريات، وأضافت الشبكة: «من العار على أى سلطة أن تقوم بفبركة قانون جائر وتحاول إيهام الرأى العام أنه سيوجه لفئة أو جماعة بعينها، فالقوانين يتم تشريعها للتطبيق على الجميع، وسيادة القانون تعنى المساواة أمامه من الجميع، واستسهال اللجوء للحلول الأمنية والبوليسية لن يسفر سوى عن مزيد من الفشل وتفاقم الصراع السياسى فى مصر».