الخميس 2 مايو 2024 07:05 مـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور عدالة أم ظلم اجتماعى!!

بعد جدل كثير قبل الثورة المصرية وبعدها قررت الحكومة التعامل مع قضية الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور والذى يراه البعض خطوة مهمة فى الطريق إلى العدالة الاجتماعية بينما يراه آخرون ذو تأثير سلبى على الكفاءات داخل الحكومة  ولهذا فقد أثار القرار الذى أعلن عنه الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء بتحديد مبلغ 1200 جنيه كحد أدنى للأجور، جدلاً فى الأوساط الإقتصادية والسياسية ، إذ لاقى هذاالقرار ترحيباً من البعض إذ يروا أن هذا القرار سيساهم فى تحسين الحالة المعيشية للكثير من محدودى الدخل لاسيما فى ظل عودة شبح ارتفاع الأسعار للشارع المصرى ،هذا بجانب أنه سيحقق أحد أهم مطالب ثورة 25 يناير وهى العدالة الإجتماعية،  بينما انتقد البعض هذا الإعلان، إذ رأوا أن الحالة الاقتصادية للدولة لن تسمح بذلك على الإطلاق خاصة وأن هناك فجوة تمويلية بموازنة الدولة خلال العام المالى الجارى تبلغ نحو 240مليار جنيها.

«النهار» عرضت القضية على الإقتصاديين  لمعرفة رؤيتهم  حول هذا القرار خاصة وأن المواطنين لا يتمنوا أن يأتى يناير القادم فيجدوا الحد الأدنى للأجور مجرد  سراب لا أساس له من الوجود؟، خاصة وأن  الموازنة العامة للدولة غير قادرة على تحقيق ذلك الأمل أو الحلم ، فكيف يمكن أن توفر الدولة المبالغ التى تحتاجها الدولة سنوياً من أجل إستمرار تطبيق الحد الأدنى من الأجور؟، وهل سيتم تطبيق ذلك على القطاع الخاص أيضاً؟، وهل هذا القرار سيحقق العدالة الإجتماعية أم سيكون ظلم إجتماعى للكثيرين؟.

فى البداية أكد الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الإقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية،  أن إعلان الببلاوى بتطبيق الحد الأدنى للأجور، لن تستطيع الحكومة تحقيقه خاصة وأنه لا يوجد سيولة مالية تكفى لذلك فى خزانة الدولة، موضحاً أن الدكتور عصام شرف عندما تولى رئاسة الوزراء قد سبق وأن أعلن مثل هذا القرار وحتى هذه اللحظة لم يكن تحقق.

وأضاف الدسوقى بأنه إذا تم تطبيق هذا القرار فهذا الأمر سيزيد من أعباء الموازنة العامة، بحجم لن تعد الدولة قادرة وذلك على الرغم من أن الزيادة فى الراتب لن تتعدى الـ300 جنيه خاصة وأن الراتب سيتضمن الدرجات الوظيفية والراتب الأساسى وهو الـ500 جنيه.

التخلى عن المستشارين

وأوضح الدكتور إيهاب  الدسوقى أنه من أجل أن تنجح الدولة فى تطبيق هذا القرار بفاعلية ودون إلقاء أى أعباء جديدة على موازنة الدولة ، لابد أن تتخذ قراراً بالتخلى عن المستشارين بالوظائف الحكومية خاصة وأن أكثرهم قد تعدى سنهم القانونى عن 60 عاماً ، فهؤلاء يتقاضوا رواتب ضخمة مع العلم أن هناك شباب قد يكونوا أكثر خبرة وكفاءة ومنهم ويمتلكون مهارات مهنية  كثيرة.

بينما أكدت الدكتور سعاد كامل، أستاذ الأقتصاد بجامعة القاهرة، أن  الحكومة قررت أن يكون مبلغ الـ1200 جنيه هو الحد الأدنى للأجور، ليس من أجل إرتفاع الأسعار التى شهدتها الأسواق خلال هذه الفترة وإنما جاء من قبل عدد من المنظمات الحقوقية والتى أكدت أن هذا المبلغ يعد أقل مبلغ للخروج من خط الفقر.

وأوضحت أن الموازنة العامة للدولة لم تعد تتحمل أى أعباء إضافية، خاصة وأن عدد الموظفين بالحكومة قد بلغ عددهم نحو 6.5 مليون موظف وهذا وفقاً لما أعلنه الجهاز الإدارى للدولة، فإذا تم تطبيق هذا القرار ، مع العلم أن الموظف سيحصل على 300 إلى 400 جنيه زيادة على راتبه ، فإن الدولة ستتحمل قرابة مليارى ونصف.

تقليل التأمينات

وطالبت كامل الدولة بضرورة أن تقوم بتقليل 40% من التأمينات على الموظف لتكون 20% فقط حتى يمكن تغطية الزيادة التى سيتم تطبيقها، خاصة وأن الموازنة العامة للدولة خلال العام الجارى تؤكد وجود فجوة تمويلية كبيرة بلغت نحو 240 مليار جنيها، فإذا لم تقوم الدولة باتخاذ قراراً بذلك فسيكون هذا القرار كسابقة وهو حبراً على ورق.

بينما أكد الدكتور صلاح جودة ، المستشار الإقتصادى للمفوضية الأوروربية ، أنه إذا نجحت حكومة الدكتور حازم الببلاوي، فى تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور والذى فشلت من قبلة حكومة الدكتور عصام شرف فى تحقيقه، فهذا الأمر سيكون بداية الطريق لتحقيق العدالة الإجتماعية، خاصة وأن المواطن يتحمل كل الإشكاليات من القرارات التى تتخذها الحكومة سواء أكانت رفع الأسعار أو ما خلافه.

وأضاف أن الحكومة ستنجح فى تطبيق هذا القرار دون إلقاء أى أعباء على موازنة الدولة، فلابد أن تقوم الدولة بتطبيق قرار وضع الحد الأقصى للأجور ليتراوح ما بين 30 إلى 35 ألف جنيه، موضحاً أن الفارق سيتم تمويل به الحد الأدنى للأجور وسد الفجوة التمويلية فى الموازنة العامة للدولة.

مزيد من العاطلين

وأوضح جودة أن السبب الرئيسى الذى دفع الحكومة لعدم تطبيق هذا القرار على الشركات والمصالح الخاصة، جاء لعدم مقدرة بعض هذه الشركات على توفير سيولة مالية لذلك، لافتاً إلى أنه إذا تم تطبيقها فقد ينجم عنها أثار سلبية إذ قد تؤدى لغلق عدد من الشركات، الأمر الذى يزيد عدد المصانع المغلقة والتى يصل عددها حتى الآن 4603 مصنع، وبالتالى سيؤدى ذلك لقطع عيش الكثير من المواطنين.

وأشار جودة إلى أنه ينبغى الاستغناء عن عدد كبير من المستشارين الwذين تعدى سنهم الـ60، إذ يصل عددهم نحو 172 ألف مستشار ، فإذا تم الإستغناء عنهم فهذا الأمر سيوفر مليارات الجنيهات فى خزانة الدولة، موضحاً أن هذا القرار لكى ينجح يتطلب من الحكومة أن تتوافر لديها إرادة سياسية وإدارة رشيدة فى إتخاذ مثل هذه القرارات.

بينما إنتقد الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، وعضو أمناء التيار الشعبي، قرار الدكتور حازم الببلاوى بتحديد الحد الأدنى للأجور ليرتفع من 800 جنيه ليصل إلى 1200 جنيه، مؤكداً أن هذا المبلغ لا يكفى إحتياجات أو متطلبات الأسرة خاصة فى ظل غلاء الأسعار.

ظلم اجتماعى

وأضاف سلامة أن تطبيق هذا القرار يعد بمثابة ظلم اجتماعى للكثير خاصة وأن الأسرة التى تتكون من أربعة مواطنين تتطلب كحد أدنى شهرياً نحو 1500 جنية لتكفى إحتياجاتها المعيشية فقط هذا بخلاف الإحتياجات الأستثنائية سواء التعليم أو الصحة وغيره.

وأوضح سلامة أن الحكومة أمامها سبل كثيرة لكى تنجح فى تطبيق هذا القرار، خاصة وأن الكثير من موارد الدولة لم تعد مستغلة فلابد من إعادة إستغلالها بطريقة صحيحة لكى تدر أموالاُ للدولة، كما ينبغى عليها أن تقوم بإعادة هيكلة الأجور، والإستغناء عن العمالة التى ليست فى حاجة إليها كالمستشارين ، الذين تصل أعدادهم للمئات فى الكثير من المؤسسات الحكومية فكل هذا يعد موارد أمام الدولة لكى تستطيع تمويل الحد الأدنى للأجور وتحسين معيشة المواطنين، الذين عانوا لأكثر من ثلاثون عاماً مكن الظلم الاجتماعى وغياب العدالة الإجتماعية.

قرار جيد

بينما أكد الدكتور أحمد المغربي، الخبير الإقتصادى ورئيس شعبة البقال والمواد الغذائية بالغرف التجارية بالجيزة، أن قرار الدكتور حازم الببلاوى بتحديد الحد الأدنى للأجور بـ1200، يعد قرار جيد صادر عن حكومة إنتقالية إذ يتناسب مع الفترة التى يمر بها الشعب من موجة ارتفاع الأسعار، موضحاً أن الأهم من إصدار القرار هو كيفية تطبيقه، خاصة وأن حكومة الدكتور عصام شرف أصدرت مثل هذا القرار من قبل ولم تنفذه.

وأضاف المغربى أن الحكومة ينبغى عليها أن تضع دراسة بجميع مدخلات الدولة حتى يمكنها أن توفر سيولة مالية لتنفيذ مثل هذا القرار، خاصة وأنه حتى هذه اللحظة لم تقوم الحكومة بحصر أعداد المستشارين حتى الآن فى المؤسسات الحكومية ، خاصة وأن هناك الكثير يمكن الإستغناء عنهم مع العلم أن أغلبهم يتقاضون ملايين الجنيهات وليس ألالاف.

وأوضح أن الحكومة لابد أن تضع دراسة متأنية حتى لا يكون هناك أى عبء على الموازنة العامة للدولة، لافتاً إلى أن هذا القرار ينبغى الربط بينه وبين أمور كثيرة كارتفاع الأسعار والقيمة المالية للدولة أى حجم الفجوة التمويلية فى ميزانية الدولة ، فالدراسة التى ينيغى القيام بها لابد أن تكون مستوفيه الشروط.

ضبط الأسعار

وأعرب المغربى أن أمنيته فى أن يزيد الحد الأدنى للأجور عن 1200 خاصة وأنها تعد غير كافية للمواطن محدود الدخل، إلا أنه على دراية تامة بأن ذلك يتطلب توفير موارد للدولة وتوفير مدخلات لميزانية الدولة، لذا فهذا القرار إذا تم تطبيقه فيعد أول قرار إيجابى تتخذه حكومة الببلاوى لصالح محدود الدخل، مشدداً على ضرورة أن تقوم الحكومة أيضاً بتشديد الرقابة وضبط الأسعار فى السوق المصرى حتى يشعر المواطن بالزيادة التى تطبقها الحكومة للموظف الذى يعمل فى المؤسسات الحكومية.

وأوضح المغربى أن الحكومة طبقت الحد الأدنى للأجور فى القطاع العام لأن فيه ظلم للعاملين به، أما القطاع الخاص فالرواتب به تتعدى هذه المبالغ لذا لم تهتم الدولة بتطبيقه فى القطاع الخاص بقدر ما اهتمت بتطبيقه فى القطاع العام، مطالباً الحكومة بضرورة تطبيق هذا القرار على أصحاب المعاشات أيضاً حتى لا يخلق نوع من الظلم الإجتماعى بين المواطنين.