اخوانة الشرطة والجيش لم تعد خطا احمر
منذ وصول الرئيس مرسي، الذي ينتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين، زادت المخاوف لدي العديد من التيارات السياسية المختلفة والخبراء الأمنيين من سعي الرئاسة لـ"أخونة الجيش"، وهو ما نفته القيادات العسكرية أكثر من مرة خاصة عقب إعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن ما يعرف بالخمس لاءات الواضحة والمحددة، خلال اللقاء الذي عقد بمقر وزارة الدفاع بين المجلس و الرئيس مرسي ، واستمر خمس ساعات .
وهذه اللاءات الخمس كان علي رأسها عدم سماح القوات المسلحة بعملية تمكين و أخونة لمؤسسات الدولة السيادية، وفي مقدمتها القوات المسلحة والمخابرات العامة وجهاز الشرطة، ورفض أي تشريعات تحقق هذا الهدف لجماعة الإخوان.
نفس الأمر حذر منه عدد من الخبراء الأمنيين والعسكريين من دخول أبناء التيارات الإسلامية إلي الكليات العسكرية و أكدوا خطورة أخونة الجيش واختراقه من جانب تيار الإسلام السياسي وتصاعدت المخاوف من أخونة القوات المسلحة بعد تصريحات اللواء أركان حرب عصمت مراد مدير الكلية الحربية حول وجود أبناء أعضاء لجماعة الإخوان داخل تلك الكليات.
ليس محظوراً
وفي هذا الإطار أكد الفريق حسام خير الله مدير إدارة المعلومات بجهاز المخابرات العامة السابق أن دخول الكلية الحربية ليس محظورا علي أحد فمن حق جميع أبناء الشعب المصري التقدم للكلية الحربية ولكن مع قبول شروط الكلية وقوانينها التي تحظر وجود أي نشاط ديني أو سياسي داخلها فالعبرة هنا بالنشاط والسلوك داخل الكلية وليس قبل دخوله الكلية لأنه من الممكن أن يخفي هذا النشاط داخل الكلية ، إلا أن ذلك من شأنه أن يزيد العبء علي جهاز المخابرات داخل القوات المسلحة وعلي جهاز الأمن بهدف متابعة ميول وأنشطة الطلاب وهو الأمر الصعب علي الجهاز والجهات المعنية، فهناك أمثلة سابقة علي هذا كما حدث مع عبود الزمر وخالد الإسلامبولي الذين كان لهم نشاط فعلي قبل دخولهم الكلية ولم يتم اكتشافه داخل الكلية ونتج عنه تنفيذ عمليات إرهابية هزت مصر كحادث اغتيال الرئيس السادات مما يؤكد وجود خطورة في حالة وجود أي نشاط ديني أو سياسي داخل الكلية .
من جانبه أكد اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي أن دخول أبناء أعضاء في جماعة الإخوان المسلمون الكليات الحربية هو خطوة علي طريق أخونة القوات المسلحة ومحاولة من جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة والتغلغل داخل القوات المسلحة المصرية بعد أن فشلوا في أن يصلوا كقيادات داخل الجيش أو الشرطة فبدأوا بأخطر طرق التغلغل وهو الوصول من القاع حيث يبدأون في العمل علي إدخال أبناء التيار الإسلامي داخل الكليات العسكرية للوصول إلي الهدف الأسمي وهو تولي قيادة الجيش والقوات المسلحة.
من جانبه يري اللواء محمد ربيع الخبير الأمني إن قبول طلاب ينتمون إلي عائلات لها ميول سياسية سواء كانت إخوانية أو غير ذلك أمر خطير، يحدث للمرة الأولي في القوات المسلحة والشرطة ، التي كانت تتحري عن انتماءات الطلاب وترفض انضمام من لديهم أهواء سياسية إليها". ، خاصة أن الأمر لم يقتصر علي ذلك بل امتد أيضاً للسماح بتجنيد المنتمين للإخوان ضمن الوعاء التجنيدي مما يثير شكوك حول دور هؤلاء المستقبلي في صياغة توجهات المؤسسة العسكرية المصرية.
وحتي ثورة 25 يناير كانت الكليات العسكرية والشرطية في مصر ترفض انضمام أي طالب له أو لذويه نشاط سياسي معارض أو يثبت انتماؤه أو انتماء أحد أقربائه من الدرجة الأولي إلي أحد التيارات الإسلامية.
المرة الأولي
أكد عبد الرحيم سيد الخبير الأمني أن قرار السماح للطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين وأيضاً السلفيين بالتقدم والالتحاق بالكليات العسكرية في مصر لأول مرة منذ نحو 60 عاما وما كشف عنه ائتلاف الضباط العسكريين المتقاعدين، أن مكتب إرشاد جماعة الإخوان مارس ضغوطا من أجل إصدار هذا القرار من جانب المؤسسة العسكرية، وأن المكتب أعد قوائم بأسماء أعضاء الجماعة من الشباب الذين استكملوا فترة الدراسة بالثانوية العامة للدفع بهم للالتحاق بالكليات العسكرية وكليات الشرطة، وعدم الالتحاق بالكليات الجامعية المدنية علي أن تلتحق الأخوات المسلمات بتلك الكليات وأشار الائتلاف إلي انضمام 22 من أبناء قيادات ورموز الجماعة وحزب الحرية والعدالة للكليات العسكرية في الفترة الأخيرة منهم ابن شقيق الرئيس مرسي .
لا حصر لعددهم
وعلق اللواء فؤاد مختار الخبير الأمني أن التعليمات قبل الثورة كانت تحرم أي من المنتمين إلي الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية من دخول الكليات العسكرية حتي إذا كانت درجة القرابة من الدرجة الرابعة، وذلك بناء علي تعليمات من رئاسة الجمهورية وأمن الدولة والمخابرات العسكرية، حيث إنها كانت جماعة محظورة.
وأوضح مختار أن التعليمات التي كانت تحظر دخول هؤلاء إلي الكليات العسكرية، ألغيت بعد وصول الإخوان المسلمين للحكم، لذلك لم يعد هناك معيار في الكليات العسكرية، ولا أحد يستطيع أن يحصر أعداد الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية في الكليات العسكرية، بسبب عدم إجراء التحريات علي المتقدمين .
وأضاف مختار أن هؤلاء الذين ينضمون إلي الكليات العسكرية الآن سيصبحون كوادر في هذا البلد بعض تخرجهم، بالإضافة إلي الذين يدخلون النيابة والقضاء، مشيراً إلي أنه لا يوجد منصب أرفع من رئيس الجمهورية والرئيس الآن ينتمي للإخوان المسلمين، فكيف يمنع دخول أفراد جماعته من دخول الكليات العسكرية.
قال الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم، إن تغيير النظام في مصر، وتولي رئيس من جماعة الإخوان المسلمين للحكم، سيتيح فرصة لشباب الإخوان للالتحاق بالكليات العسكرية، ولكن ليس بأعداد كبيرة، لأن هناك شروطا معقدة للالتحاق بتلك الكليات، منها اختبارات القدرات، مشيراً إلي أن المتقدمين من شباب الإخوان قد لا ينطبق علي غالبيتهم شروط الالتحاق بكلية عسكرية.
وأضاف مسلم أنه من المحتمل أن يكون هناك تخطيط من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، للهيمنة علي القوات المسلحة تدريجيا، مثلما حدث في النقابات المهنية، ومؤسسات أخري، محذراً مكتب التنسيق بالجامعات وإدارات الكليات العسكرية للانتباه لتلك النقطة الخطيرة.
وأوضح أن لوائح الكليات الحربية، لا تنص علي رفض المتقدم علي خلفية نشاطه السياسي، ولكن المعهود به في عهد النظام السابق، أن يرفض طلاب "الإخوان" لأن الجهات الأمنية كانت لا ترغب في التحاقهم بالكليات العسكرية.
كما أن لوائح القبول بالكليات العسكرية، تشترط ألا يكون للمتقدم أي نشاط سياسي يضر بالأمن القومي، فإن أثبت الملف الأمني للمتقدم انتمائه لتنظيم سياسي أو ثبت إدانته في أعمال تخريبية، يرفض قبوله في الكلية.
عدم مسئولية
أكد اللواء محمود منير الخبير العسكري، أن الكليات العسكرية لا تقبل الطلبة الذين لهم توجهات سياسية أو توجهات أيدلوجية مخالفة للنظام العام، ولكن هناك فرق بين الطالب المنغمس في نشاط سياسي وهذا لا يتم قبوله، وفي حالة إخفائه ذلك فإنه يتم متابعته أثناء الدراسة وبعد تخرجه إذا ثبت أن له انتماء سياسي أو حزب معين يتم فصله، أما إذا كان أحد أفراد العائلة هو الذي له انتماء فإن الطالب ليس مسئولا عن تصرفات أقاربه، و بالتالي يقبل إما إذا ثبت تأثير هؤلاء عليه واعتناقه نفس المبادئ والمفاهيم يتم فصله، بمعني أن الطالب غير المنتمي وليس له أي ولاءات أخري نعتبره مقبولا لحين ثبوت عكس ذلك.
وأضاف منير أنه بالنسبة للمجندين إذا كان له انتماءات ظاهرة ومؤثرة أو متورطة في نشاط قد يؤدي إلي التأثير علي الأمن داخل المؤسسة العسكرية فإنه يستبعد من التجنيد أما إذا كان مجنداً بالفعل، فيتم متابعته أمنياً بواسطة المخابرات العسكرية وأجهزة الأمن، وإذا ثبت انتسابه أو تورطه فيتم إنهاء خدمته للحفاظ علي الأمن، بمعني أن المؤسسة العسكرية لا تقبل بين أبنائها من كان له توجه سياسي أو إيدلوجي معين، حيث إن ولاءها فقط للوطن، وعلي ذلك فإنها تقبل جميع الأبناء المصريين ويتم استبعاد وإقصاء من يثبت ممارسته للحياة الحزبية أو انتسابه إلي جماعات ذات توجهات إيديولوجية أو اعتناقه لمبادئ تتنافي مع الأمن القومي للبلاد.
وأضاف أن النظام القديم كان يعتبر طلاب الإخوان غير مستوفين للشروط الأمنية، بعد إجراء التحريات عليهم وثبوت ميولهم السياسية، حيث إنهم يتسمون بالعنف، وبعد المتغيرات التي حدثت أصبحت هذه الجماعة غير محظورة كونها هي الحاكمة للبلاد في تلك الآونة.
وأشار أنه لابد أن يكون متغيرات في الزمن وهذا حدث من قبل بعد ثورة 25، حيث كان هناك فئات محظورة من دخول الكليات العسكرية، حيث كانوا متمثلين في الإقطاعيين، وبعد ذلك سمحت بنسبة 50 % وسمحت لأبناء الفقراء بدخول الكليات العسكرية وتقلدوا المناصب.
ونصح منير الأجهزة الأمنية أن تضع علي هؤلاء قيودا لعدم التغلغل داخل المؤسسة العسكرية، بحيث لا يتمكنوا من تكوين خلية إسلامية داخل المؤسسة، وإذا حدث ذلك سيحدث انشقاقا داخلها، لأن المؤسسة العسكرية تتبني فكرا معينا ولا يصح أن يقوم أحد بتغيره.
مكتب الإرشاد
من جانبه شدد محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد والأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، علي أنه "لا يوجد توجيه مباشر من الجماعة لأفرادها بدخول هذه الكليات، وكل ما في الأمر أن هذا الحق في الترشح لهذه الكليات كان مسلوبًا في السابق وهو حق للطلاب أنفسهم وأهاليهم لا يتدخل فيه أحد غيرهم" .
مؤكداً أن هناك رغبة قوية بالفعل لدي أفراد الجماعة من الطلاب إلي استغلال مساحة الحرية المتاحة لهم بعد الثورة في الالتحاق بالكليات العسكرية والتي كانوا محرومين من الالتحاق بها لعقود طويلة، مؤكدًا في الوقت نفسه علي أن هذا التوجه "تلقائي نابع من رغبة حقيقية لدي الشباب للالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية الحربية، البحرية، الجوية، الفنية العسكرية، الدفاع الجوي، والمعهد الفني للقوات المسلحة وغير موجه من قبل قيادة الإخوان". وعاد ليشدد علي أن "التقدم لهذه الكليات حق أصيل لجميع أفراد الشعب المصري ومن ضمنهم الإخوان، ومن الطبيعي إذا فتح المجال بعد منعه أن يكون هناك من يسعي إلي استغلال هذا الحق" نافيًا أن يكون هناك توجيه من الجماعة لأفرادها من الطلبة إلي الالتحاق بهذه الكليات. أو أن مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين يخطط "للهيمنة علي القوات المسلحة تدريجيًا، مثلما حدث في النقابات المهنية ومؤسسات أخري" .