الإسكان الأخضر.. تغير خريطة مناخ مصر بالكامل
أصبحت مشروعات الإسكان الأخضر في مصر واحدة من الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، حيث لم تعد مجرد خيار عمراني أو تصميم حديث للمباني، بل تحولت إلى استراتيجية وطنية تسعى لتحسين جودة الحياة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، مع خلق بيئة صحية وآمنة للسكان.
ويأتي التوسع في الإسكان الأخضر ضمن رؤية الدولة للتنمية المستدامة، التي تهدف إلى دمج التخطيط العمراني مع الحفاظ على البيئة، وتقليل أثر المدن على التغيرات المناخية العالمية. وتعتمد الوحدات السكنية الخضراء على تقنيات متقدمة مثل الدهانات البيضاء العاكسة للحرارة التي تقلل امتصاص المباني للحرارة وتخفض الحاجة لاستخدام التكييف، إلى جانب السخانات الشمسية لتوليد المياه الساخنة، والتي تسهم في تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 40%، بما ينعكس على خفض التكاليف التشغيلية وتحسين كفاءة استخدام الطاقة.
كما تعتمد هذه المشروعات على إعادة تدوير المياه واستخدامها في الري، وهو ما يساهم في تقليل الاستهلاك المائي، وزيادة كفاءة الموارد، إضافة إلى توسيع المسطحات الخضراء حول الوحدات السكنية، ما يحسن جودة الهواء ويخفض درجات الحرارة المحلية.
وتنفذ الدولة حاليًا نحو 68 ألف وحدة سكنية خضراء موزعة على 9 مدن جديدة، من بينها أسوان والعاشر من رمضان، ضمن خطة شاملة تهدف إلى تعزيز البناء المستدام وخلق بيئات عمرانية متكاملة. ويهدف هذا التوسع إلى توفير حياة كريمة للمواطنين، مع تقليل استهلاك الطاقة والمياه، وتحقيق التوازن بين التنمية العمرانية والحفاظ على البيئة.
ولا يقتصر دور الإسكان الأخضر على الجانب البيئي، بل يمتد ليشمل البعد الاقتصادي، حيث تسهم هذه المشروعات في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط قطاع البناء والخدمات المرتبطة به، وتعزيز جاذبية المدن المصرية للاستثمار المحلي والدولي. كما توفر الوحدات السكنية الخضراء نموذجًا اقتصاديًا مستدامًا يقلل من تكاليف التشغيل والصيانة على المدى الطويل، ويعزز تنافسية المدن المصرية في المنطقة.
ويأخذ الحفاظ على التراث العمراني المصري مكانة بارزة ضمن مشروعات الإسكان الأخضر، حيث يتم تطوير المباني القديمة وتحويلها إلى نماذج مستدامة تحافظ على الهوية المعمارية التقليدية، وتدمج بين الأصالة والتكنولوجيا الحديثة، مما يتيح دمج الماضي العريق بالحاضر الحديث في شكل حضري متكامل.
ويأتي الإسكان الأخضر ضمن رؤية مصر لتحقيق التنمية المستدامة 2050، التي تركز على الحد من آثار الاحتباس الحراري، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، وتوسيع المسطحات الخضراء، وتحويل المدن المصرية إلى نماذج حضرية ذكية ومستدامة. ويشكل هذا التوجه نموذجًا رائدًا على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يجمع بين الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، ليصبح خطوة فعلية نحو بناء مدن صحية وآمنة تحافظ على الموارد للأجيال القادمة.
ويعتبر الإسكان الأخضر في مصر أداة استراتيجية متعددة الأبعاد، تؤثر على المناخ المحلي والإقليمي، وتساهم في تحسين جودة الحياة، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتقديم نموذج عالمي يمكن الاستفادة منه في مواجهة التحديات البيئية، ما يجعل مصر واحدة من الدول الرائدة في دمج التنمية العمرانية بالاستدامة البيئية.


.jpg)

.png)













.jpeg)


.jpg)



