عبقرية محمود المليجي.. 115 عامًا على ميلاد شرير الشاشة وصوت الضمير الإنساني
تمر اليوم الذكرى الـ115 لميلاد الفنان الكبير محمود المليجي 22 ديسمبر 1910 – 6 يونيو 1983، أحد أعمدة التمثيل في تاريخ الفن المصري والعربي، واسم لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن الصدق الفني والالتزام بقيمة الإبداع ودوره الإنساني.
ولد المليجي في حي المغربلين بالقاهرة، ممتدّ الجذور إلى قرية مليج بمحافظة المنوفية، ونشأ في بيئة شعبية شكلت وجدانه وملامح أدائه، فحمل إلى الشاشة روح الشارع المصري بعمقها وتناقضاتها ومنذ سنوات دراسته في المدرسة الخديوية، اكتشف شغفه بالتمثيل، ليتلقّى أولى خطواته الفنية على أيدي رواد المسرح المصري، وعلى رأسهم جورج أبيض وعزيز عيد، الذي منحه درسًا قاسيًا لا يُنسى أسس وعيه الفني وحرّره من وهم النجومية المبكرة.
بدأت رحلته الاحترافية في ثلاثينيات القرن الماضي مع فرقة فاطمة رشدي، متنقلًا بين الأدوار الصغيرة بثبات وإصرار، قبل أن يمر بمحطات مهمة مع فرقة رمسيس ويوسف وهبي، وصولًا إلى السينما عبر فيلم "الزواج" عام 1932، لتبدأ بعدها مسيرة طويلة من الصعود الفني الهادئ والعميق.
ومنذ أواخر الثلاثينيات، ارتبط اسم محمود المليجي بأدوار الشر المركبة، فحصل على لقب "شرير الشاشة المصرية"، لكنه لم يكن شريرًا تقليديًا، بل فنانًا قادرًا على تفكيك النفس البشرية بكل تناقضاتها وسرعان ما كسر هذا القالب، مقدما أدوار الخير، والطبيب النفسي، والفلاح، ورجل السلطة، وحتى الكوميديا، ليؤكد أن عبقريته لا تعرف حدودًا.
خلف المليجي رصيدًا فنيًا هائلًا تجاوز 500 عمل في السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة، بينها 21 فيلمًا ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وفق استفتاء النقاد عام 1996.
وشكل ثنائيًا فنيًا بارزًا مع فريد شوقي، قبل أن يشهد عام 1970 نقطة التحول الأهم في مسيرته، عندما اختاره يوسف شاهين لتجسيد شخصية "محمد أبو سويلم" في فيلم "الأرض"، الدور الذي وضعه في مصاف الفنانين العالميين، وجعله يستحق عن جدارة لقب "أنتوني كوين الشرق".
ولم يقتصر دور المليجي على التمثيل فقط، بل خاض تجربة الإنتاج السينمائي دفاعًا عن جودة الفن، وأسهم في اكتشاف وتقديم وجوه جديدة أصبحت لاحقًا من نجوم الصف الأول كما حصد العديد من التكريمات، أبرزها وسام العلوم والفنون، ووسام الأرز اللبناني، وجائزة الدولة التشجيعية في التمثيل، إلى جانب اختياره عضوًا بمجلس الشورى عام 1980.
رحل محمود المليجي عام 1983، أثناء استعداده لتصوير أحد أعماله، بعد أزمة قلبية مفاجئة، لكنه لم يغب يومًا عن الذاكرة فقد ترك خلفه سيرة فنية خالدة، وشهادة حية على أن العبقرية الحقيقية لا تصنعها الأدوار وحدها، بل الصدق، والانحياز للإنسان.


.jpg)

.png)


.jpeg)

.jpg)



