النهار
السبت 13 ديسمبر 2025 01:12 مـ 22 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
صرح طبي على وشك الإفتتاح.. رئيس الوزراء في جولة داخل مستشفى شبين القناطر نقلة نوعية في الخدمات البيطرية.. رئيس الوزراء يتابع ”حياة كريمة” بنوى «عين شمس» تنفي صلتها بطيب يقدم نصائح مخالفة للقواعد الطبية...وتؤكد: سنتخذ الإجراءات القانونية رئيس الوزراء يتفقد مركز طب أسرة طحانوب لمتابعة مشروعات «حياة كريمة» رئيس الوزراء يتفقد مشروعات «حياة كريمة» بشبين القناطر: تطوير شامل وارتقاء بالخدمات مساعد تربى مضطرب نفـسـيًا وراء الواقــعة.. كشـف لغــز فتح مقبـرة فتـاة بالسنبلاوين بعد ساعات من دفنها بالتعاون مع”تيراديكس” ”ريتش بيك” و”العربية للأسمنت” تحصدان جوائز التميّز الرقمي باسل رحمي: نسعي لنشر ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب والخريجين كوكتيل مخدرات يكتب النهاية.. المؤبد وغرامة نصف مليون جنية لعامل خردة بالعبور بعد نجاح دولة التلاوة.. دعوة برلمانية لإطلاق مبادرة قارئ في كل قرية محمد العرجاوي : الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و”إم تي إس” ميكنة التصدير ونظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية وزارة السياحة ترد على ما أُثير بشأن تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف المصري الكبير

منوعات

ذئاب بشرية تغتال البراءة.. جرائم التحرش بالأطفال تصعق المجتمع

الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان
خبراء: الاعتداء على الأطفال آفة تهدد المجتمع والتوعية تحد من جرائم التحرش
في الوقت الذي تتفاخر وتتباهى أغلب المدارس الخاصة والدولية فى مصر ذات الرسوم الباهظة التي تتجاوز مقدرات أغلب الأسر، بشعاراتها ودعاياتها الرنانة للتعليم الأفضل وأنها الاختيار الأمثل والأجدر مقارنة بغيرها، صُعق المجمتع الأيام القليلة الماضية، بوقائع اعتداء على الأطفال والتحرش بهم داخل المدارس من جانب عدد من العاملين بذات المدارس في واقعتين بشعتين بالقاهرة والإسكندرية.
البداية كانت من القاهرة ، حيث شهدت مدرسة سيدز الدولية، واقعة مؤسفة هزت الشارع المصري، وكشف عن خلل في المنظومة التعليمية، إثر اعتداء 4 عمال بذات المدرسة على عدد من الأطفال بمرحلة رياض الأطفال والتحرش بهم داخل أسوار المدرسة، وأثارت هذه الواقعة الآثمة موجة كبيرة من القلق والخوف بين أولياء الأمور على أبنائهم، وسط مطالبات بضرورة محاسبة المتهمين بأشد عقوبة، ومحاسبة أي مسؤول يثبت تقصيره أو تستره على جريمة تهدد سلامة الطلاب.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين مرتكبي واقعة الاعتداء على تلاميذ مدرسة سيدز الدولية واقروا بارتكابهم للواقعة خلال اعترافاتهم الصادمة.
لم تنتهى آثار واقعة مدرسة سيدز، حتى صُعق المجتمع والرأي العام بواقعة آخرى تشابهتا في الانحطاط الاخلاقى وعدم الإنسانية، حيث ألقت الأجهزة الأمنية على عامل«جنايني» بأحد المدارس الخاصة بمحافظة الاسكندرية،بعد إدانته في قضية هزّت الرأي العام لاتهامه بالاعتداء الجنسي على عدد من الأطفال داخل المدرسة.
وتعود مأساة مدرسة الإسكندرية إلى بلاغات تقدّم بها أولياء أمور أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و8 سنوات، وتم إحالة المتهم إلي المحكمة التي أصدرت حكمها على المتهم بإحالة أوراقه الي فضيلة المفتي، تمهيدا لإصدار حكم الإعدام بحقه.
هذه الجرائم الوحشية التي هزت القلوب وأبكت العيون وآثارت موجة كبيرة من الغضب والحسرة وقلق أولياء الأمور على ابنائهم من تصرفات وسلوك أمثال هؤلاء المتهمين، هذا الإجرام الوحشي ونهش براءة الأطفال الصغار داخل المدارس، لم تعد شأناً يخص مدرسة واحدة، بل أنها قضية مجتمع بأسره وخاصة وأنها في حق أطفال أبرياء، وأمام هذه المأساة وبعدها واقعة مماثلة في مدرسة بالتجمع الخامس حيث حررت ولية أمر محضرا اتهمت خلاله سائق بالتحرش لطفلتها أثناء توصيلها للمدرسة، ومن قبلهم الواقعة التي أدمت القلوب بوفاة الطفلة «أيسل» داخل حمام السباحة نتيجة محاولة اعتداء عليها وهتك عرضها من جانب أثناء تواجدها داخل حمام سباحة.
خبراء: اختيار وتعيين موظفي المدارس الخاصة بحاجة إلى رقابة صارمة
وأمام هذه الصدمات المجتمعية العميقة التي لا يتقبلها عقل إنسان أو يتحملها قلب رحيم، تواصلت «النهار» مع خبراء ومتخصصين للبحث في أسباب هذه الظاهرة الوحشية، ومسؤولية الدولة والمجتمع والأسرة في حماية الأطفال من جرائم تحدث داخل أسوار المدارس يفترض أنها الأكثر أماناً!.
وقال الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس التربوي، في تصريحات لـ«النهار»، إن ما شهدته مدرسة سيدز الدولية في منطقة السلام بالقاهرة وبعدها واقعة مدرسة الإسكندرية، لم تكن حادث عابر، بل جريمة منحطة مكتملة الأركان، ارتكبها ذئاب بشرية نزعت من قلوبهم الرحمة والإنسانية وتلفعوا بعباءة الشياطين، أعتدوا على براءة أطفال تلاميذ صغار لم تتجاوز أعمارهم الـ6أعوام ، في انتهاك صارخ لا يمت للإنسانية ولا يمكن التسامح معه أو نسيانه، بل أنه جرس إنذار وناقوس خطر مدوي يجب الوقوف أمامه والتفتيش والبحث عن أسبابه لحماية الأبناء والمجتمع من براثن هؤلاء المجرمين.
وأوضح الخبير التربوي أن المدرسة تقع عليها المسؤلية الأولى في حماية الأطفال من أي اعتداء يقع بداخلها، منوها إلى وجود قصور في بعض المدارس الخاصة والدولية تتعلق في الأساس بآليات الاختيار والتعيين داخل هذه المدارس، فبعض المؤسسات التعليمية الخاصة تعتمد في انتقاء كوادرها على معايير غير مهنية ترتبط بقبول رواتب أقل دون شروط وإجراءات تضمن حسن اختيار العاملين بها من موظفين ومدرسين.
وأوضح شوقي، أن مواجهة آثار التحرش لا تقتصر فقط على الدعم القانوني أو الاجتماعي، بل تتطلب تدخلًا نفسيًا مباشرًا من الأسرة، واتباع مجموعة من الخطوات واحتواء الأطفال تلك الخطوات التي تسهم في حماية الطفل نفسيًا ومساعدته على تجاوز التجربة.
وأكد الدكتور شوقي على ضرورة الوقوف والتصدي بالمرصاد لمافيا عصابات التحرش بالأطفال، الذين يتخذون من الاعتداء على الأطفال وقتل براءتهم، متعةً قذرة وتجارةً دنية وتغليظ العقوبة الصارمة ضد من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم الدنيئة.
ومن جانبه شدد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، على أهمية دور الأسرة في توعية الأطفال، ومشاركتهم تفاصيل حياتهم اليومية بالكامل من مواقف للعمل على كسر الحاجز النفسي والرهبة بين الطفل وأسرته، وتلقينهم بصوره مستمرة بعض الإرشادات مثل عدم الملامسة الجسدية، وكيفية التصرف الصحيح في مثل هذه المواقف، وعدم الذهاب لأي مكان بمفردهم، وتعليمهم من جانب الآباء كيفية التصرف إذا تعرض لأي موقف بالخارج
كما نوه استشاري الصحة النفسية على ضرورة تعريف الوالدين لأطفالهم مفهوم التحرش الجنسي من خلال لغة مبسطة تتناسب مع عقليتهم كأطفال، وخلق لغة حوار مُبسطة بين الطرفين، وتعويدهم منذ الصغر أن يحكوا لأبائهم تفاصيل حياتهم اليومية دون خوف أو قلق، وتشجيع أي طفل تعرض للاعتداء على الحديث وعدم الصمت، وهنا يجب علي الأب والأم أن يكون لديهم ثبات انفعالي وعدم الانفعال أو العصبية، مؤكدًا أن الطفل يحتاج حضورًا عاطفيًا أكثر من الحاجات المادية.
وشدد«هندي» على ضرورة رفع الوعي داخل المنازل والمؤسسات التعليمية، وتعزيز التواصل مع الأطفال، ومتابعة أي تغيرات سلوكية قد تدل على تعرضهم للاعتداء، مؤكدًا أن التدخل المبكر يوفر الحماية المبكرة ويمنع تفاقم الآثار.
وأكد «هندي» على ضرورة الرقابة الدورية المستمرة من جانب المنظومة التعليمية واتخاذ الإجراءات الوقائية لتحقيق التأمين الكافي للأطفال داخل المدار، وإجراء التحليل الدورى للمخدرات الذي يعد خطوة مهمة لفرض الرقابة داخل المؤسسات.
وأوضح الدكتور هندي على ضرورة تغليظ عقوبة التحرش بالأطفال، لأن الردع القانوني القوي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الجرائم المنحطة التي تهدد المجتمع،ومع رقابة صارمة على الفضاء الإلكتروني الذي بات منفذًا خطيرًا للاستغلال والانتهاك.
ومن جانبه شدد الأزهر الشريف على أنَّ التحرش الخسيس الدنيء بالأطفال الأبرياء إنما هو جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع، وتقزز منها الذوق الآدمي والشعور الإنساني منذ القدم وحتى اليوم، ثم هو أيضًا جريمة مكتملة الأركان ليس فقط في حق الضحايا من الأطفال وأسرهم، بل في حق المجتمع بأكمله، بسبب ما تشيعه من رعب وخوف في مشاعر الأسر والعائلات، والأذى الجسدي والنفسي الذي يلحق كل أفراد الأسرة، فضلًا عن كونها جريمة شنعاء تناقض الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة التي فطر الله الناس عليها من حب الأطفال والحنوِّ بهم وحمايتهم وصون كرامتِهم.

موضوعات متعلقة