عمليات التجميل.. هوس ينتهي بالمأساة
قبل أيام قليلة من ليلة العمر، تحولت فرحة الزفاف إلى مأساة لا تُنسى، بين حلم الجمال السريع وضغط الصورة المثالية، تتسابق فتيات كثيرات نحو غرف العمليات التجميلية، في محاولة لتجميل تفاصيل قد لا يراها أحد، لكن بعض هذه الغرف لا تعيد الابتسامة، بل تفتح أبواب العناية المركزة أو تسلب الحياة ذاتها، نناقش فى هذا التحقيق ملف الهوس بعمليات التجميل بين المقبلات على الزواج، و كشف كواليس ضحايا تحولت أحلامهن البيضاء إلى كوابيس مأساوية، من عروس حلوان التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل الزفاف، إلى فتيات أخريات خرجن بعاهة مستديمة بدلًا من الطمأنينة المنتظرة.
-التجميل ليس رفاهية مطلقة
من جانبه، حذر الدكتور يحيى مكين، استشاري ومدرس جراحة التجميل والحروق وجراحة الوجه والفكين بكلية الطب قصر العيني – جامعة القاهرة، من خطورة لجوء الفتيات المقبلات على الزواج إلى ما يسمى بـ "عمليات التجميل السريعة" التي تجرى في مراكز غير متخصصة، وقال: اللي بيحصل إن بعض البنات بيروحوا مراكز غير مرخصة، واللي بيعمل لهم الحقن أو الإجراءات شخص مش متخصص أصلا ، وفي حالات كتير بيستخدموا مواد مجهولة المصدر أو مغشوشة، المشكلة إن أي خطأ بسيط في الحقن خصوصا في مناطق حساسة زي الأنف أو محيط العين ممكن يعمل انسداد في شريان أساسي يؤدي لفقدان النظر أو غرغرينا في الجلد وتشوهات صعبة جدا تتصلح.
وأضاف مكين :إحنا كأطباء تجميل عندنا بروتوكولات واضحة، لازم يتعمل فحص طبي شامل، وتحاليل للتأكد إن العروسة لياقة صحيا للعملية، ودي حاجة بتتاخد في مراكز غير مرخصة كأنها رفاهية، في حين إن الإهمال في التفاصيل دي ممكن يسبب نزيف، جلطات، أو حتى توقف في عضلة القلب وقت العملية.
وشدد على أن الهوس بعمليات “الرتوش السريعة” قبل الفرح بيعرض البنات لمخاطر لا داعي لها: «الجمال الحقيقي مش في فيلر ولا بوتوكس قبل الفرح، الجمال إن البنت تدخل فرحها بصحة وعافية، للأسف فيه حالات بتدخل عمليات بسيطة بهدف إنها تظهر بأحسن صورة يوم الزفاف، لكن النتيجة بتكون مأساة لأهلها.
-التجميل قرار نفسي قبل ما يكون طبي
تقول د. أمل محسن إن عمليات التجميل مش مجرد قرار طبي، لكنها في الأساس قرار نفسي بيبدأ من نظرة الشخص لنفسه. وتوضح: في كتير من البنات بيلجأوا للتجميل مش علشان عندهم عيب حقيقي، لكن علشان إحساس داخلي بعدم الرضا، السوشيال ميديا لعبت دور كبير في ده، لأنها بتخلق صورة مثالية غير واقعية، وكل واحدة بتحس إنها أقل أو مش واصلة لمستوى الجمال المطلوب. ده بيدفع ناس تاخد قرار سريع تدخل عملية من غير ما تكون مهيأة نفسيًا.”
وتضيف: الخطر الحقيقي بيظهر بعد العملية، خصوصًا لو النتيجة مش زي ما كان الشخص متخيل، هنا بيتعرض لصدمة نفسية شديدة، ممكن توصله لاكتئاب أو فقدان ثقة أكبر من قبل، وفي بعض الحالات بيتحول الموضوع لإدمان عمليات، كل شوية عملية جديدة بحثًا عن شكل مثالي مش موجود أصلا.
وتشير د. أمل إلى أن دور الطب النفسي مهم جدًا قبل وبعد أي إجراء تجميلي: لازم يكون فيه تقييم نفسي، ونعرف هل الشخص محتاج فعلا عملية ولا محتاج دعم نفسي، لأن فيه أسر كاملة بتتأثر لما بنتهم أو أختهم تفشل عمليتها أو يحصل لها مضاعفات، وده بيترك جرح نفسي مش بس عند المريضة لكن عند كل اللي حواليها.
-الحكايات الإنسانية لضحايا التجميل
لم تتخيل البلوجر المصرية كنزي مدبولي أن جلسة تجميل بسيطة بحقن "فيلر"في الأنف ستتحول إلى كابوس يلاحقها، كنزي، التي يتابعها الآلاف عبر مواقع التواصل، دخلت إحدى العيادات لإجراء تعديل تجميلي محدود، لكنها خرجت بمضاعفات خطيرة كادت أن تفقدها أنفها وبصرها معًا، تورم شديد وتشوهات واضحة أصابت وجهها وأدخلتها في رحلة علاج طويلة وسط صدمة متابعيها، حيث كشفت البلوحر كنزي مدبولي تفاصيل ما حدث معها قائلة : حقنة فيلر كانت هتخليني أخسر مناخيري وأتعمي، ماحدش ياخد حقن في مناخيره يا جماعة مهما مين الدكتور، عمرى ما فكرت اعمل فيلر فى مناخيري، لكن عندي مشكلة بسبب الجيوب الأنفية و كان اقتراح الدكتور لكن عمري ما هجربها تاني أنا مناخيري تشوهت،شهادتها أعادت فتح ملف الإجراءات غير الآمنة في مراكز التجميل، ومخاطر الهوس بعمليات “الرتوش السريعة” قبل المناسبات الكبرى.
وإذا كانت كنزي قد نجت من كارثة كادت تكلّفها بصرها، فإن عروس حلوان إسراء لم تُمنح نفس الفرصة، إسراء دخلت أحد مراكز التجميل في المهندسين قبل أيام من زفافها لإجراء حقنة تجميل، لكن دقائق معدودة كانت كفيلة بقلب حياتها، سقطت في غيبوبة تامة بعد العملية، ون، قلت إلى المستشفى حيث عاشت أسبوعين متصلة على أجهزة التنفس الصناعي بنسبة وعي لم تتجاوز 1%، قبل أن يعلن الأطباء وفاتها، أسرتها روت تفاصيل صادمة، شقيقها قال إن الحقنة كانت مغشوشة وأعطيت بطريقة خاطئة، وإن شقيقته "ماتت قبل فرحها بأيام، كانت بتحلم بفستانها الأبيض لكن جشع بعض الناس قتلها"، وأكدوا أنهم لن يتنازلوا عن حقها، مطالبين بالقصاص ومحاسبة المسؤولين، خاصة بعدما تبين أن المركز لم يجر الفحوصات الطبية اللازمة قبل الحقن، القصة تحولت إلى صدمة بين أهلها وجيرانها، لتصبح مثالا قاسيا على كيف يمكن للهوس بالكمال الجمالي أن ينتهي بمأساة، وتفتح من جديد أسئلة حول مسؤولية المراكز غير المرخصة والإشراف الطبي الغائب.
القانون لا يرحم أخطاء التجميل
يقول المحامي مصطفى الكيلاني إن القانون المصري بيتعامل بصرامة مع قضايا الإهمال الطبي أو الأخطاء الناتجة عن عمليات التجميل، خاصة لو أدت لوفاة المريضة أو إحداث عاهة مستديمة. ويوضح: العقوبة في الحالة دي ممكن توصل للحبس من 3 لحد 10 سنوات لو ثبت أن الخطأ جسيم وأدى للوفاة، أما في حالات الإصابة أو التشويه فالعقوبة بتتدرج من الحبس البسيط لحد السجن المشدد حسب حجم الضرر، كمان القانون بيسمح لأهل المريضة برفع دعوى تعويض مدني ضد الطبيب أو المركز الطبي للحصول على تعويض مالي عن الأضرار اللي لحقت بيهم.
ويضيف: المشكلة إن بعض المراكز غير المرخصة أو الأطباء غير المتخصصين بيستغلوا رغبة البنات في التجميل ويجروا عمليات من غير أي رقابة، وده بيدخل في إطار جريمة تانية وهي مزاولة مهنة الطب بدون ترخيص، ودي عقوبتها الحبس لحد 5 سنوات وغرامة مالية.
ويؤكد الكيلاني أن الحل مش بس في العقوبة، لكن في التوعية: المريض لازم يعرف حقوقه كويس قبل ما يدخل أي عملية، ويتأكد إن الطبيب معاه ترخيص وإن المستشفى أو المركز معتمد، لأن القانون بيحمي الناس، لكن الوعي هو خط الدفاع الأول.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
