النهار
الأربعاء 22 أكتوبر 2025 03:45 مـ 29 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
طالب مصري يفوز بالمركز الأول عالميا في مسابقة ”قائد السوفتوير” بماليزيا 23 جنيهًا توزيعات نقدية لسهم مطاحن شرق الدلتا و3 جنيهات لمطاحن شمال القاهرة وكيل التعليم بأسيوط للمعلمين: اتقوا الله.. ذنب الطلاب الضعاف فى رقبتكم تقرير إنجليزي يكشف موقف ليفربول من بيع محمد صلاح في يناير شراكة إستراتيجية بين Changelabs وراية FutureTECH لإطلاق أول مُسرّع أعمال مؤسسي في مصر 4 لاعبات مصريات في ربع نهائي بطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام طلبة جامعة الإسكندرية في ضيافة قوات الدفاع العسكرى مدير مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية.. الطباعة ربطت مدن البحر الأبيض المتوسط و تجاوزت الحدود الدينية واللغوية كان أورجانجي أوغلو: الشهرة السريعة تضر الفنان أكثر مما تفيده ”أتمنى للجميع كل التوفيق”.. المخرج العالمي مايكل إدواردز يوجه رسالة لصناع فيلم ”نصيب” بمناسبة انطلاق تصويره ”غرفة الإسكندرية” تشارك في فعاليات معرض الإسكندرية الدولي لأغذية البحر المتوسط (AlexFood 2025)

عربي ودولي

سفير لبنان الأسبق لدي واشنطن مسعود معلوف ل”النهار”: ترامب ارتجالي بلا استراتيجية.. ويسعى لإنهاء حرب أوكرانيا لحسابات شخصية

سفير لبنان الأسبق لدي واشنطن وخبير علاقات دولية
سفير لبنان الأسبق لدي واشنطن وخبير علاقات دولية

أثار تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحاته بإمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" ، تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت واشنطن تتجه لتصعيد الحرب الروسية الأوكرانية، أم لإعادة ضبطها بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.

ترامب لم يُعلن القرار رسميًا، لكنه قال بوضوح إن “السلام لا يتحقق إلا عبر القوة”، في إشارة لاحتمال استخدام الدعم العسكري كورقة ضغط على موسكو. ويري مراقبون أن الرئيس الأمريكي يوازن بين خيارين: التصعيد من خلال تسليح كييف بالصواريخ الهجومية، أو التهدئة المؤقتة للحفاظ على التفاهمات الاقتصادية التي عقدتها واشنطن مع كييف حول استغلال الموارد الطبيعية في شرق وجنوب أوكرانيا، وهي المناطق التي باتت الآن تحت السيطرة الروسية.

تلك المناطق التي تضم احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي والمعادن النادرة والفحم كانت تمثل ركيزة أساسية في التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا خلال السنوات الأخيرة قبل أن تفقد كييف السيطرة عليها لصالح موسكو مما شكّل ضربة لمصالح واشنطن وشركاتها العاملة هناك.

وفي أول ردّ روسي، حذّر الكرملين من أن تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك سيُعتبر إعلان حرب مباشرة على روسيا، مؤكداً أن الخطوة قد تفتح الباب أمام مواجهة نووية لا يمكن لأحد السيطرة عليها. وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن موسكو سترد بشكل غير متوقع إذا تم المساس بأمنها الاستراتيجي، في لهجة غير مسبوقة منذ بدء الحرب.

ويقول رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار عماد أبو الرُب، في تصريح له :"إن إدخال صواريخ "توماهوك" إلى أوكرانيا “ليس أمرًا مستبعدًا”، موضحًا أن "الولايات المتحدة تراهن على مواقف متعددة وتبحث عن صيغة توازن بين الضغط على موسكو وحماية مصالحها الاقتصادية في الوقت ذاته".

وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، يبقى السؤال: هل يسعى ترامب فعلاً إلى فرض السلام عبر القوة أم أن وراء الخطاب الدبلوماسي حسابات اقتصادية أعمق تدور حول من يملك الأرض والموارد؟

وفي ضوء هذا المشهد، قدّم السفير اللبناني الأسبق لدى واشنطن وخبير العلاقات الدولية الدكتور مسعود معلوف في تصريح خاص ل"النهار" قراءة معمقة لطبيعة تحركات ترامب وخلفياتها،قائلاً :"الرئيس ترامب، كما يعرف الجميع، يحاول أن يظهر بمظهر الرجل الذي يحل مشاكل العالم بأسره وهو محور العالم، فيحب أن يظهر نفسه ويود أيضًا أن يقول عن نفسه ويتباهى أنه يضع نهاية للحروب لذلك أنا شخصيًا لا أعتقد أنه يود أن يشعل الحرب في أوكرانيا أكثر وأكثر".

أما بخصوص مواقفه السابقة من الحرب الأوكرانية، فيوضح معلوف أن ترامب قال منذ بداية حملته الانتخابية إنه سينهي حرب أوكرانيا خلال أربعٍ وعشرين ساعة، لكنه فشل في تحقيق ذلك حتى بعد توليه الرئاسة. مضيفاً :"الرئيس الأمريكي حاول التقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودعاه إلى الولايات المتحدة،ولاية ألاسكا تحديدًا، حيث قُدمت له ترتيبات استقبال مميزة، لكن تلك الزيارة لم تحقق أي انفراجة، بل أعقبها تصعيد روسي جديد ضد أوكرانيا.” ويتابع معلوف حديثه قائلًا "إن ترامب كان يقول في البداية إن على أوكرانيا أن تتبادل الأراضي مع روسيا، وإنها لن تستطيع أن تكسب الحرب، لكنها بعد ذلك يمكن أن تفوز وتحرر أراضيها ونعرف أن ذلك لم يحصل.”

أما عن التحول الأخير في موقف ترامب، فيشير معلوف إلى أن الرئيس السابق جو بايدن رفض تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، بل حذر كييف من استخدامها داخل الأراضي الروسية، أما الآن فإن ترامب بدأ يضغط على بوتين بطرق غير مباشرة عبر التلميح بإمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك، وهي صواريخ بعيدة المدى يمكنها إصابة أهداف داخل العمق الروسي مثل مراكز تكرير البترول ومصانع الأسلحة.

ويؤكد السفير اللبناني الأسبق لدي واشنطن: " بعد الاتصال الهاتفي الطويل الذي جرى بين ترامب وبوتين، يبدو أن الرئيس الروسي استطاع أن يؤثر في ترامب، ربما عبر المدح أو الإطراء، إذ بدأ ترامب بعدها يتحدث عن احتمال نقص المخزون الأمريكي من صواريخ توماهوك، وكأنه في ذلك يحاول إرضاء بوتين.”

ويرى معلوف كذلك أن:"ترامب لا أحد يعرف مسبقًا ما يمكن أن يتخذه من قرارات، فهو رئيس غير نمطي بالكامل ويعمل بطريقة ارتجالية دون تخطيط مسبق وليس لديه استراتيجية واضحة في أي موضوع". ويضيف موضحًا: "بما أنه يظهر نفسه كرجل السلام الذي يدعي أنه أنهى سبع حروب – رغم أن هذا غير صحيح – ونجح مؤخرًا في التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت في غزة، فإنه لن يكون من مصلحته أن يبدأ حربًا جديدة أو يشارك فيها من خلال إرسال صواريخ لأوكرانيا تصل إلى الداخل الروسي، خصوصًا وأنه يسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام بعد أن فشل في الحصول عليها الأسبوع الماضي".

ويختتم معلوف تحليله بالتأكيد على أن "ترامب ربما يستخدم هذه التصريحات كوسيلة ضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ليتمكن لاحقًا من الادعاء بأنه هو من أوقف الحرب، وبالتالي يعزز صورته كرجل سلام. وهناك أيضًا بعد اقتصادي مهم، إذ حصل ترامب وشركاته مؤخرًا على عقود لاستثمار مناجم كبرى في أوكرانيا، وهو أمر يهمه بشدة وتباهى به سابقًا. لذلك سنرى في الأسابيع المقبلة ما إذا كانت هذه الحرب ستنتهي أم ستطول أكثر".

في ضوء ما طرحه السفير مسعود معلوف، يبدو أن نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الملف الأوكراني لا يمكن قراءته فقط من زاوية عسكرية، بل هو مزيج معقد من الاستعراض السياسي والمناورة الانتخابية والمصالح الاقتصادية. فترامب يدرك أن أي خطوة تصعيدية تجاه روسيا قد تُكسبه دعمًا من المؤسسة العسكرية والبنتاغون، لكنها في الوقت نفسه قد تهدد صورته كـ"صانع سلام" يسعى للحصول على جائزة نوبل.

ومن هذا المنطلق، يمكن تفسير مواقفه المتناقضة بين التهديد بتسليح كييف والتلميح بعدم توافر الصواريخ الكافية باعتبارها جزءًا من سياسة توازن دقيق يحاول من خلالها ترامب الحفاظ على شعبيته الداخلية، دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة قد تُربك إدارته وتضعف موقفه أمام الناخب الأمريكي.

كما أن ارتباط الملف العسكري بالأبعاد الاقتصادية التي أشار إليها معلوف، يعكس حرص ترامب على تحويل الأزمات إلى أوراق تفاوضية تخدم مصالحه التجارية والسياسية في آن واحد، وهو ما يجعل تصريحاته المتكررة عن “السلام عبر القوة” أقرب إلى شعارٍ دعائي منه إلى رؤية استراتيجية متكاملة.

وفي النهاية، يبدو أن مستقبل الحرب الأوكرانية سيتأرجح بين خطابات ترامب الشعبوية وطموحاته السياسية، وبين حدود الواقع الدولي الذي لا يمكن أن يتحكم فيه حتى أكثر الرؤساء اندفاعًا.

موضوعات متعلقة