كيف غيرت تركيا من سياستها بشأن صراعات الشرق الأوسط؟

سعت تركيا منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى خلال أكتوبر 2023 إلى لعب دور الوسيط والضامن بين إسرائيل وحماس ارتكازًا على علاقاتها الاستراتيجية بالأولى ونفوذها الكبير على الثانية، غير أن المعارضة الإسرائيلية حالت دون إسناد هذا الدور، الذي تولته مصر وقطر بالأساس، إلى تركيا؛ حيث رأت تل أبيب أنها تفتقر لشرط الحياد الضروري لأي وسيط مقبول؛ نظرًا لتماهيها سياسيًا وأيديولوجيًا مع حماس.
وفق ماري ماهر، الباحثة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فأن نجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية ممارسة ضغط على الحركة للقبول بخطته للسلام وضعت بلاده ضامنًا رئيسيًا لاتفاق وقف إطلاق النار؛ حيث ستسهم أنقرة بوجود عسكري محدود ضمن قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات في غزة، كما ستلعب هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD) دورًا في عملية إعادة الإعمار وتقديم الخدمات الإنسانية.
ونوهت إلى أن هذه التطورات تضع تركيا كأحد الأطراف الرئيسية المؤثرة في الملف الفلسطيني، بعدما احتلت سوريا موقع الصدارة في سياسة أنقرة تجاه الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة، غير أنها تفضل اقتصار إسهاماتها خلال المرحلة الراهنة على المشاركة المدنية؛ حيث لا توجد خطط حالية للانتشار العسكري المباشر، وذلك على غرار الدور التركي في قوات اليونيفيل بلبنان؛ حيث يعمل الموظفون الأتراك بشكل رئيسي كمراقبين ومنسقين وليس كقوات قتالية. ويتماشى هذا النهج مع الاستراتيجية الدبلوماسية الأوسع التي تنتهجها أنقرة المعنية بالحفاظ على النفوذ في غزة بعد الحرب من خلال إعادة الإعمار وبناء المؤسسات والوساطة، دون الانجرار إلى وجود عسكري طويل الأمد.
وقد يفتح هذا الدور المتنامي لتركيا في الدبلوماسية الإقليمية آفاقًا جديدة في الصراعات والأزمات التي يسعى ترامب إلى إيجاد حلول لها، كما أنه يتيح لأردوغان توظيفه لجني مكاسب داخلية عبر تقديم نفسه باعتباره زعيمًا سياسيًا إقليميًا مدافعًا عن القضية الفلسطينية. وتجدر الإشارة إلى أن انخراط أنقرة في نهاية المطاف كأحد الضامنين الدوليين لاتفاق وقف إطلاق النار لا يمكن فصله عن الدور الوظيفي الذي تسنده الولايات المتحدة إلى كل من تركيا وقطر، باعتبارهما الطرفين الإقليميين المكلفين بإدارة ملف الإسلام السياسي في المنطقة، وفق تحليل «ماري».