هل يقود وقف إطلاق النار في غزة إلى هدنة حوثية جديدة؟

أجابت ماري ماهر، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، على التساؤل الخاص بـ «هل يقود وقف إطلاق النار في غزة إلى هدنة حوثية جديدة؟»، موضحة أنه يفترض أن يقود سريان المرحلة الأولى من الاتفاق إلى تكريس هدنة مؤقتة للحوثيين فيما يتعلق بالهجمات ضد حركة الملاحة في البحر الأحمر، إذ برر الحوثيون سابقًا هجماتهم بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتعهدوا بتعليق عملياتهم العسكرية عند توقف هذا العدوان ورفع الحصار عن السكان.
وقالت في تحليل لها، إن الهدنة الحالية تنزع عن الحوثيين مصوغهم الرئيسي لاستمرار العمليات العسكرية، وهو ما انعكس عمليًا في إعلانهم، بتاريخ 11 أكتوبر الجاري، تعليق الهجمات ضد إسرائيل والسفن في البحر الأحمر وخليج عدن، مع استمرار هذا التعليق ما دامت إسرائيل ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار.
وأضافت أنه من شأن تخفيض منسوب المخاطر الأمنية في ممر البحر الأحمر البحري تمهيد الطريق لاستئناف حركة الشحن. غير أن غياب الثقة المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل، وبقاء دوافع الثأر، إضافة إلى احتمالية لجوء إسرائيل إلى ساحات نزاع جديدة لتدارك الخسائر السياسية الداخلية الناتجة عن توقف حرب غزة، يثير مخاوف بشأن استدامة الهدنة واستقرارها.
ونوهت إلى أن احتمالات التصعيد الخطابي والمناكفات العسكرية تبقى قائمة، سواء عبر ضربات إسرائيلية مركزة أو تعطيلات بحرية محدودة من جانب الحوثيين؛ مما قد يؤخر عودة حركة الملاحة إلى مستوياتها الطبيعية على المدى القصير. وقد أظهرت شركة ميرسك، على سبيل المثال، استمرارها في تجنب عبور سفنها لممرات البحر الأحمر إلى حين التوصل إلى حل أمني طويل الأمد يضمن سلامة السفن وأطقمها.
وذكرت ماري ماهر، إلى أن السلوك الحوثي يظل مرهونًا بالرؤية الاستراتيجية الإيرانية الأوسع للترتيبات الإقليمية والعلاقات مع الولايات المتحدة؛ إذ تُعد إيران الراعي السياسي واللوجستي للحوثيين وإن تمتع الأخير بدرجة من درجات الاستقلال عن القرار السياسي الإيراني. ومن ثم، يُرجح أن يتجنب الحوثيون أي تحركات قد تُعرض مصالح طهران الدبلوماسية أو التوافق الدولي الناشئ حول خفض التصعيد للخطر. إلا أن تعليق الهجمات المشروط يُبقي إمكانية استئنافها قائمًا في حال نقض إسرائيل للهدنة أو اندلاع جولة جديدة من الحرب بين إسرائيل وإيران، لا سيَّما أن هذا السلوك الحوثي عمل كأداة استراتيجية لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري داخليًا وإقليميًا عبر إظهار القدرة على التأثير في الصراعات الإقليمية.