حرب المسيرات.. فوضى في سماء أوروبا تنذر بمواجهة بين موسكو والناتو

شهدت سماء أوروبا مؤخرًا اختراقات متكررة بطائرات مسيّرة مجهولة الهوية، ما دفع بعض الحكومات للتحذير من أن هذه العمليات تمثل اختبارًا أو حربًا بالوكالة من أطراف خارجية، وأثار الاستخدام المتكرر للمسيّرات تساؤلات حول قدرتها على إشعال فوضى جوية أو دفع المنطقة نحو مواجهة مباشرة بين روسيا والناتو تهدد الأمن الأوروبي.
في تعليق تحليلي، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري: إنّ "المسيّرات الروسية تمثل رسالة عرض قوة متعمّدة، خصوصًا عند اختراقها الأجواء الأوروبية، إذ يُعد استخدامها تكتيكًا منخفض التكلفة مقارنة بالطائرات المقاتلة، يهدف إلى اختبار قدرات الرد والدفاع دون بلوغ مستوى التصعيد العسكري الكامل".
ويري اللواء الدويري أن هذا التكتيك يُستخدم لاختبار ردود فعل الناتو والدول الأوروبية ،وفي حال غياب رد حازم، فستستغل روسيا الفجوات الدفاعية أو السياسية لصالحها.
وتُحدث هذه الحرب غير التقليدية ارتباكًا واسعًا في الأجواء الأوروبية وتخلّ بتوازن الأمن، إذ باتت المسيّرات قادرة على إثارة ذعر حقيقي داخل المجال الجوي، خصوصًا عند اقترابها من بنى تحتية حساسة مثل المطارات ومحطات الطاقة. وفي حال نُسب أي هجوم من تلك المسيّرات إلى روسيا داخل أراضي دولة عضو في الحلف، سيُفتح باب النقاش حول بند الدفاع الجماعي، ما يرفع احتمالات المواجهة المباشرة، وإن ظلّ هذا السيناريو غير مرجّح في المدى القريب.
من ناحية أخرى، تتعامل أوروبا مع الظاهرة باعتبارها امتدادًا للحرب في أوكرانيا، وتحمّل موسكو المسؤولية عن الفوضى الجوية، فيما تتجنب روسيا الاعتراف بأي دور مباشر، مفضّلةً الغموض كأداة ضغط دون مواجهة مفتوحة.
ويرى محللون أن استمرار «حرب المسيّرات» بهذا النسق سيدفع نحو مرحلة طويلة من التوتر بين موسكو والعواصم الأوروبية، عنوانها سباق تسلّح تكنولوجي، وتكثيف الدفاعات الجوية، وحروب استخباراتية غير معلنة. فالمشهد لن ينفجر إلى مواجهة شاملة، لكنه يدخل طور “حرب باردة بطائرات مسيّرة”، صراع منخفض الحدة يرسم مستقبل العلاقة بين روسيا وأوروبا.