الكرملين يمدّ جناحيه من القوقاز إلى آسيا الوسطى: تعزية سياسية وتوسّع استراتيجي

في زيارة رسمية إلى طاجيكستان، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، وذلك على هامش أعمال القمة الروسية ـ الآسيوية، قبل أن يجري مباحثات موسعة مع نظيره الطاجيكي إمام علي رحمون حول تعزيز التعاون العسكري والأمني بين موسكو ودوشنبه.

بوتين يعزّي أذربيجان ويكشف تفاصيل جديدة عن تحطم طائرة "آزال"

وخلال لقائه مع الرئيس الأذربيجاني، عبّر بوتين عن تعازيه الحارة لأسر ضحايا طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية "آزال" التي تحطمت في الأجواء الروسية في ديسمبر الماضي أثناء رحلتها من باكو إلى غروزني.

وأشار الرئيس الروسي إلى أن التحقيقات الجارية تشير إلى احتمال وجود مسيّرة أوكرانية في المجال الجوي وقت الحادث، مؤكدًا أن هذا "العامل قد يكون أحد أسباب الكارثة"، لكنه شدّد على ضرورة "إجراء تقييم موضوعي للوصول إلى الحقيقة الكاملة".

وأضاف بوتين أن "طاقم الطائرة عُرض عليه الهبوط في محج قلعة، لكنه قرر العودة إلى مطاره الأصلي"، معتبرًا أن الوقت لا يزال مبكرًا "لإغلاق ملف الحادث" إلى أن تُعلن نتائج التحقيق النهائية.

وأكد الرئيس الروسي أن بلاده تتعاون بشكل كامل مع أذربيجان في التحقيق، التزامًا بالاتفاقيات الثنائية، مضيفًا:"نحن مستعدون لتقديم كل الدعم الفني والتقني اللازم لضمان تحقيق عادل وشفاف".

ويُعد لقاء اليوم في دوشنبه أول اجتماع شامل بين بوتين وعلييف منذ فترة طويلة، إذ كان آخر لقاء مباشر بينهما في سبتمبر الماضي بالصين على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون، بينما تعود آخر محادثة هاتفية بين الزعيمين إلى مارس 2025، في ذكرى ميلاد الرئيس الروسي.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن اللقاء ركز على العلاقات الثنائية بين موسكو وباكو، مشيرًا إلى أن الجانبين أظهرا رغبة واضحة في مناقشة القضايا العالقة وتطوير الشراكة في مجالات الأمن والطاقة والنقل.

وفي وقت سابق، كان بوتين قد أشار إلى وجود بعض "المشكلات الطفيفة" في العلاقات بين روسيا وأذربيجان، لكنه أكد أن الاهتمام المتبادل بتطوير التعاون كفيل "بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح".

بوتين ورحمون يوقعان 16 اتفاقية لتعزيز التعاون الروسي – الطاجيكي

وعقب لقائه مع علييف، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات رسمية مع نظيره الطاجيكي إمام علي رحمون، أسفرت عن توقيع 16 اتفاقية تعاون تشمل مجالات الدفاع والطاقة والأمن والمعلومات.

وجاء في البيان المشترك الصادر عن الكرملين أن موسكو ودوشنبه تعتزمان تكثيف التعاون العسكري والتقني، مع الاستفادة من إمكانات القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 المتمركزة في طاجيكستان، باعتبارها "ضمانة للاستقرار في آسيا الوسطى".

وأشار البيان إلى اتفاق الجانبين على توسيع التعاون في مجال الأمن البيولوجي، استنادًا إلى مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019، إلى جانب تعميق الشراكة الاستراتيجية والتحالف السياسي بين البلدين.

تعاون أمني وموقف مشترك من التدخلات الخارجية

وأكد البيان أن روسيا وطاجيكستان ستواصلان العمل داخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي لحل القضايا الأمنية في المنطقة، مشددتين على رفض أي تدخل من دول أو منظمات عسكرية أجنبية في شؤون آسيا الوسطى.

كما دعا الطرفان إلى تسريع إنشاء آلية دائمة لأمن المعلومات داخل الأمم المتحدة بحلول عام 2026، وتوقيع اتفاقية دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية في أقرب وقت ممكن.

بوتين: القاعدة الروسية ضمانة لأمن المنطقة

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب المحادثات، قال بوتين:"نتعاون بنشاط مع شركائنا في طاجيكستان في مجالات الدفاع ومكافحة الإرهاب والمخدرات، وتُعد القاعدة الروسية رقم 201 عامل استقرار وأمن ليس فقط لطاجيكستان، بل للمنطقة بأسرها".

وأضاف أن البلدين انتقلا "بشكل شبه كامل إلى استخدام العملات الوطنية في التعاملات الثنائية"، وهو ما يعزز استقلالهما الاقتصادي عن الدولار والنظام المالي الغربي.

تأتي زيارة بوتين إلى طاجيكستان في إطار جولة إقليمية تهدف إلى تعزيز النفوذ الروسي في آسيا الوسطى، وتأكيد استمرار موسكو في توسيع شبكة تحالفاتها رغم الضغوط الغربية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.

ويتضمن جدول أعمال الزيارة مشاركته في القمة الثانية لآسيا الوسطى وروسيا، وكذلك في اجتماع مجلس رؤساء دول رابطة الدول المستقلة، حيث من المتوقع أن يناقش بوتين ملفات الطاقة والتجارة والأمن الإقليمي مع قادة المنطقة.