عاجل| فوز المرشح المصري دكتور خالد العناني في إنتخابات مدير عام منظمة اليونيسكو
يُعد الدكتور خالد أحمد العناني على عز أحد أبرز الشخصيات الأكاديمية والإدارية في مجالات الثقافة والسياحة والآثار والتعليم، وقد تميّز بمسيرة مهنية ثرية أهلته ليكون أول عربي يترشح ويتقلد منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ المنظمة الممتد منذ ثمانين عامًا.

وُلِد العناني عام 1971، وكرّس حياته للعلم والبحث وخدمة التراث الثقافي والإنساني. يشغل حاليًا منصب أستاذ علم المصريات بجامعة حلوان، وقد انضم إلى هيئتها التدريسية منذ أكثر من ثلاثين عامًا، درّس خلالها الحضارة واللغة المصرية القديمة في جامعات ومؤسسات أكاديمية مرموقة داخل مصر وخارجها، مما أتاح لآلاف الطلاب والباحثين المصريين والأجانب الاستفادة من علمه وخبرته.
نال العناني درجة الماجستير من جامعة حلوان عن دراسة حول معابد رمسيس الثاني في النوبة، ثم حصل على الدكتوراه في علم المصريات من جامعة بول فاليري مونبلييه بفرنسا. تعاون مع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO) لمدة خمسة عشر عامًا، واختير عضوًا فخريًا في الجمعية الفرنسية لعلم المصريات وعضوًا مراسلًا في معهد الآثار الألماني.

شغل العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية بجامعة حلوان، من بينها مدير مركز التعليم المفتوح، ورئيس قسم الإرشاد السياحي، ووكيل كلية السياحة والفنادق، وكان له دور بارز في تطوير برامج دراسات عليا متخصصة في التراث الثقافي والمتاحف والسياحة. كما تم تعيينه عضوًا في مجلس أمناء الجامعة الفرنسية في مصر وعدد من الجامعات المصرية الأخرى.
برز اسمه على الساحة الدولية حين تولى رئاسة المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف المصري بالتحرير، قبل أن يُعيّن وزيرًا للآثار عام 2016، ثم وزيرًا للسياحة والآثار بعد دمج الوزارتين، ليقود واحدة من أكثر المراحل حيوية في تاريخ القطاعين.
تميّز العناني بقدرته على الدمج بين النهج العلمي الدقيق والرؤية الإدارية الحديثة، فعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة داخل مؤسسات الوزارة. قاد إعداد الاستراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة واستراتيجية الترويج السياحي لمصر، وأصدر في عام 2022 قانونًا لإنشاء صندوق دعم السياحة والآثار لتأمين التمويل اللازم للمشروعات. كما أطلق إصلاحات تشريعية هدفت إلى حماية التراث الثقافي ودعم نمو القطاع السياحي.

أشرف على إدارة أكثر من ألفي موقع أثري وأربعين متحفًا، وقاد فريق عمل يضم نحو خمسة وثلاثين ألف موظف. وتميّز بنشاطه الميداني المستمر، حيث حرص على زيارة المواقع الأثرية والمتاحف والمقاصد السياحية بانتظام، لبناء علاقة مباشرة مع العاملين والمجتمعات المحلية.
كان للعناني دور بارز في دمج الفئات المختلفة في العمل الثقافي، حيث أطلق برامج تعليمية موجهة للأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، وجعل المساواة بين الجنسين وتمكين الشباب محورًا رئيسيًا في سياساته. كما قاد الوزارة بفاعلية خلال أزمتي جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ووفّر الدعم اللازم للسياح والعاملين في القطاع، حيث ساعد أكثر من 17 ألف سائح أوكراني على العودة إلى بلادهم بسلام.
وفي عهده، شهدت مصر إنشاء وتطوير أكثر من عشرين متحفًا، وتنفيذ أكثر من خمسين مشروع ترميم شمل مواقع دينية وتاريخية بارزة مثل الجامع الأزهر والكنائس والأديرة الواقعة على مسار العائلة المقدسة، إلى جانب ترميم الآثار اليهودية. كما أشرف على البعثات الأثرية المصرية والدولية التي تمثل نحو 25 دولة، وأسفرت عن اكتشافات مهمة في مواقع التراث العالمي.
ترأس اللجنة القومية لاسترداد الآثار، وتمكن من استعادة آلاف القطع الأثرية المهربة من أكثر من عشرين دولة. كما قاد تنظيم فعاليات ثقافية عالمية مثل موكب المومياوات الملكية واحتفالية طريق الكباش بالأقصر، التي حظيت باهتمام دولي واسع.

واهتم بإدخال التكنولوجيا والتحول الرقمي في قطاع التراث، فأطلق منصة إلكترونية لحجز تذاكر المواقع والمتاحف عبر الإنترنت، وشجع على التعاون مع القطاع الخاص لاستخدام الوسائل الرقمية في تعزيز تجربة الزائرين والترويج الثقافي.
حصل الدكتور خالد العناني على أوسمة وتكريمات دولية رفيعة، منها وسام فارس للفنون والآداب من فرنسا (2015)، ووسام الاستحقاق من بولندا (2020)، ووسام الشمس المشرقة من اليابان (2021)، كما نال الدكتوراه الفخرية من جامعة بول فاليري مونبلييه (2024)، واختارته منظمة الأمم المتحدة للسياحة سفيرًا للسياحة الثقافية في العام نفسه. وفي 2024 أيضًا، مُنح وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة فارس، وهو أعلى تكريم مدني في فرنسا.
وفي عام 2023، أعلنت مصر ترشيحه لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، وحظي هذا الترشيح بدعم الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية في عام 2024. وإذا ما تم انتخابه، فسيصبح أول مدير عام عربي وثاني مدير عام أفريقي في تاريخ المنظمة الدولية المعنية بحماية التراث والتعليم والثقافة.
بهذه المسيرة المتنوعة التي تجمع بين العلم والإدارة والدبلوماسية الثقافية، يجسد خالد العناني نموذجًا للمثقف العربي القادر على بناء جسور بين الحضارات، وتوظيف التراث الإنساني لتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب.


.jpg)

.png)














.jpg)


.jpg)
.jpg)
