إلى أي مدى يتفق قرار نشر قوات الحرس الوطني في واشنطن مع صلاحيات الرئيس الأمريكي؟

أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن إلى نشر قوات الحرس الوطني في واشنطن بدلاً من الشرطة، جدلاً واسعاً، حول صلاحيات الرئيس وما يتعلق بحدود السلطة التنفيذية، إذ إن المادة 740 من قانون الحكم الذاتي للعاصمة تمنحه بالفعل صلاحية مؤقتة لإدارة شرطة واشنطن، لكنها لا تمتد تلقائياً إلى باقي المدن الأمريكية، حيث تتمتع الولايات بسلطة حصرية على أجهزة الشرطة المحلية بموجب التعديل العاشر للدستور.
وذكرت التقارير الإعلامية الدولية، أن أي محاولة لفرض نفس الإجراء على مدن مثل شيكاغو أو نيويورك ستصطدم بعقبات قانونية، إلا إذا لجأ ترامب إلى أدوات أخرى مثل «قانون التمرد»، الذي يمنح الرئيس سلطة نشر القوات الفيدرالية إذا كان هناك تمرد أو تعطيل للقوانين الفيدرالية، وهي أداة استخدمت تاريخياً في حالات نادرة ومثيرة للجدل.
في حال قرر ترامب تطبيق هذا السيناريو على مدن أخرى، سيكون عليه إما إثبات وجود تهديد مباشر للأمن القومي أو حالة تمرد مسلح، أو محاولة سن تشريعات جديدة عبر الكونغرس تمنحه سلطات أوسع على المستوى المحلي، وهو أمر قد يواجه معارضة شديدة في مجلس الشيوخ وحتى داخل حزبه إذا رآه بعض الجمهوريين تهديداً لمبدأ الحكم المحلي، بحسب ما ذكرته التقارير الإعلامية، موضحة أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو لجوء ترامب إلى استخدام القوة الناعمة عبر تهديدات بقطع التمويل الفيدرالي أو ربط المساعدات الأمنية بشروط تتعلق بالسياسات المحلية، وهي آلية سبق أن جُرّبت في ملف الهجرة وتمويل الملاجئ الآمنة «Sanctuary Cities».
المحللون القانونيون في مراكز أبحاث مثل «Brennan Center for Justice و Heritage Foundation» يشيرون إلى أن تطبيق هذا النمط من التدخل على نطاق واسع قد يخلق سابقة خطيرة تسمح لأي رئيس لاحق بتبرير السيطرة على أجهزة الشرطة المحلية تحت شعارات أمنية أو سياسية، ما قد يفتح الباب لتآكل تدريجي للفصل بين السلطات الفيدرالية والولائية. إضافة إلى ذلك، فإن أي توسع في هذا النهج سيفتح الباب أمام نزاعات قضائية مطوّلة، قد تصل إلى المحكمة العليا التي سيتعين عليها الفصل في ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات تنتهك الحقوق الدستورية للمواطنين أو مبدأ الحكم الذاتي للولايات.
وفي البعد السياسي الأوسع، فإن تكرار هذا السيناريو في مدن أخرى سيؤدي إلى استقطاب سياسي أشد، إذ سيصوره ترامب وأنصاره كإجراء حازم لاستعادة الأمن والنظام، بينما سيصفه خصومه كخطوة نحو مركزية أمنية تهدد الديمقراطية المحلية. هذا الصدام بين التصورين قد يتحول إلى قضية رئيسية في الحملات الانتخابية المقبلة، حيث تصبح علاقة المدن بالحكومة الفيدرالية اختباراً جوهرياً لمستقبل التوازن الدستوري في الولايات المتحدة.