النهار
الأحد 3 أغسطس 2025 07:25 مـ 8 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

أهم الأخبار

المُسيرات.. خطر البشرية الصامت

طائرة بدون طيار
طائرة بدون طيار

من المراقبة إلى شن الضربات القاتلة التي تكبد خسائر مادية وبشرية هائلة، تحولت المركبات غير المأهولة التي تضم الطائرات، والسفن البحرية، والغواصات، والمركبات الأرضية المُسيرة، من مجرد أداة للرصد والاستطلاع إلى سلاح أساسي لدى الجيوش، وسمة تميز الحروب الحديثة، بداية من المراقبة وليس انتهاءً بشن الضربات القاتلة التي تكبد خسائر مادية وبشرية هائلة.

وأصبحت المركبات غير المأهولة تشكل كابوسًا يثير الرعب بين الجيوش، في ظل عدم وجود دفاعات يمكن إيقافها بشكل كامل حتى الآن، فلا يمكن لسفينة عسكرية مزودة بأفضل الأسلحة في العالم النجاة من هجوم تنفذه شبكة مترابطة من الطائرات المُسيرة، إذ لا يوجد حتى الآن "سلاح رادع" لإيقاف تلك الهجمات، كما يمكن أيضا للتنظيمات المُسلحة والإرهابية استخدام الطائرات المُسيرة وتسليحها بقنابل تحتوي على مواد كيمائية أو بيولوجية، وهو ما يمكن أن يُحدث كارثة.

وأحدثت الطائرات المُسيرة نقلة نوعية في أساليب إدارة الحروب، ليس فقط لقدرتها على شن هجمات فتاكة، بل أيضاً لأنها يصعب مواجهتها والدفاع ضدها، وتُزيل الطائرات المُسيرة الحدود التقليدية للمخاطر التي تُشكلها على المهاجم، فعلى عكس الطائرات المأهولة، يُمكن إرسال الطائرات المُسيرة إلى المجال الجوي المعادي دون تعريض الطيار للخطر.

كما يصعب اكتشاف واعتراض الطائرات المُسيرة الصغير، نتيجة صغر حجمها وضعف بصمتها الرادارية خاصةً عند استخدامها في أسراب، كما أن انخفاض تكلفة المُسيرات ومرونتها وقدرتها على العمل دون تعريض الطيارين للخطر، جعلها ذات قيمة متزايدة في الصراعات العسكرية التقليدية.

وتختلف أنواع الطائرات المسيرة حسب مجال الاستخدام، والقدرات، والتصميم، وبات شائعاً اليوم أن الطائرات المسيرة أصبحت تستخدم على نطاق واسع للأغراض العسكرية، كاستغلالها في التدريب على إسقاط الأهداف الجوية، وجمع المعلومات الاستخباراتية، أو استخدامها كأسلحة هجومية أو انتحارية.

وتختلف قدرات كل طائرة مسيرة عن غيرها بناء على مجال استخدامها، فعلى سبيل المثال، تستخدم طائرات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية كاميرات ذات جودة عالية، ويمكن دعم الطائرة نفسها بتقنية الذكاء الاصطناعي الذي يمكّنها من متابعة أهداف محددة، فضلاً عن مدة تحليق كل طائرة في الجو، وأقصى سرعة وارتفاع يمكن أن تصل له الطائرة، وأقصى مدى لها.

أما من حيث التصميم، فهناك تصميمان رئيسيان للطائرات المسيرة، النوع الأول هو الطائرات أحادية ومتعددة المراوح، أما النوع الثاني فيشمل الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، بما في ذلك طائرات الإقلاع والهبوط العمودي والتي لا تحتاج مدرجاً لإطلاقها.

وأدى التأثير الكبير للطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، إلى البحث عن حلول رادعة، في ظل عدم وجود منصة دفاعية يمكنها وقف تهديد الطائرات المسيرة بشكل كامل، إذ لا تزال الجيوش في المراحل الأولى من تطوير تكتيكات لمكافحة الطائرات المُسيرة، كما تقوم الجيوش الكبرى حاليا بتطوير استراتيجيات عسكرية للدفاع ضد المركبات غير المأهولة.

والدفاع ضد الطائرات المُسيرة تتراوح ما بين الدفاعات التقليدية الصاروخية، مروراً بالهجمات الإلكترونية سواء للسيطرة على الطائرة المهاجمة أو التشويش على المشغل، وحتى الحلول المبتكرة مثل أسلحة الطاقة وغيرها.

ويكمن التحدي الأكبر في الطائرات المُسيرة في عددها، حيث قد يكون من السهل التصدي لها منفردة، ولكن بأعداد كبيرة، يُمكنها التغلب على الدفاعات، وتسعى الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وإسرائيل وغيرها من الدول إلى ابتكار أدوات للدفاع ضد الطائرات المسيرة.

مصر ودخول عالم المُسيرات

بالنسبة لمصر، فإنها لم تكن غائبة عن المشهد الدولي، حيث لدى الجيش خطة واضحة لمواكبة التطور العالمي في مجال المُسيرات والمركبات غير المأهولة، حيث قامت مصر بتصنيع العديد من المُسيرات مختلفة الأنواع والمهام بنسبة تصنيع محلية 100% وذلك تماشيا مع الحروب الحديثة.

وتمثل طائرات 30 يونيو و6 أكتوبر وأحمس أحد أبرز هذه المُسيرات، كما أن جميع هذه الطائرات تتميز بالقدرة العالية على أداء مختلف المهام العسكرية، ومن بينها مهام الاستطلاع والمراقبة وجمع المعلومات والمهام الهجومية والقتالية.

كما قامت مصر بتصنيع عدد مختلف من المنظومات لمجابهة المُسيرات على مستوى اختلافها وإمكانيتها، مثل منظومة "حارس" وجهاز التشويش والإعاقة من طراز DJ-400، والعديد من أجهزة التشويش والإشارة والحرب الإلكترونية.