النهار
الخميس 31 يوليو 2025 07:32 صـ 5 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

فن

لطفي لبيب.. الجندي الذي لم يسأل عن الدين بل قاتل من أجل الوطن

لطفي لبيب
لطفي لبيب

رحل الفنان القدير لطفي لبيب، لكنه ترك لنا ما هو أكثر من فن ترك مواقف وإنسانية، وتجربة وطنية تستحق أن تُروى، لا بالأفلام فقط، بل في كتب التاريخ والقلوب.

من وسط ميادين الفن والدراما، كان هناك فصلٌ آخر في حياة لطفي لبيب فصل من البطولات الحقيقية، تحت علم مصر، على جبهة القتال. فقد كان واحدًا من جنود الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، وهي التجربة التي غيّرت وعيه، وألهمته لاحقًا لتوثيقها في كتابه الشهير "الكتيبة 26".

زملائي أدركوا إني مسيحي بعد سنين

في لقاء تلفزيوني مؤثر مع الإعلامي عمرو الليثي، روى لطفي لبيب موقفًا شديد الدلالة، قائلاً: "في الجيش محدش سألني إنت مسلم ولا مسيحي الكلام ده مكانش وارد خالص. بعد سنين، حد سألني: إنت مبتصليش ليه؟ قولت له عندي عذر. قال لي عذر إيه؟ قولت له: أنا مسيحي."

بهذه الكلمات، لخص لطفي لبيب وحدة الصف داخل الجيش المصري، حيث لا مكان للتمييز، بل فقط الإخلاص والسلاح والنصر.

ذكريات لا تُنسى.. ودماء لا تُمحى

في ظهوره ببرنامج "كلام ما بيننا" على قناة صدى البلد، أعاد سرد مشاهد من الجبهة: "ماكانش في خوف جوانا في 67 القائد كان يقول تقدم، في 73 القائد كان يقول: اتبعني."

واسترجع الراحل بألم أسماء رفاقه الشهداء، خاصة الشهيد سيد عبد الرازق، الذي قال لحظة إصابته: "حد ياخد مكاني يا جماعة"، كأنها كلمات كتبت بدم، لتُخلد في الذاكرة والوجدان.

رفض التكريم من العدو

ورغم شهرته الواسعة بعد دوره الشهير في فيلم "السفارة في العمارة"، رفض لطفي لبيب دعوة من السفارة الإسرائيلية لتكريمه قائلًا: "مينفعش أحارب ناس، وأروح يكرموني!" في موقف يجسد وفاءه الحقيقي للرسالة الوطنية والكرامة المصرية.

الكتيبة 26.. الشاهد الصامت

كان ضمن كتيبة 26 مشاة، التي شاركت في اقتحام النقطة القوية للعدو. القائد اللواء عبدالوهاب الحديدي والضابط سيد البرعي نالا وسام "نجمة سيناء"، أرفع وسام عسكري مصري، من بين 27 فقط حظوا بهذا الشرف.

رحل لطفي لبيب، لكن كلماته ستبقى كأنها مرآة تعكس معاني الوطنية الحقيقية.. وطن يجمع كل أبنائه، وفنان لا ينتمي فقط للمسرح والشاشة، بل أيضًا لصفوف الأبطال الذين صنعوا فجر أكتوبر.