النهار
السبت 28 يونيو 2025 05:13 صـ 2 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الهلال الأحمر المصري يقدم خدمات الدعم النفسي لمصابي حادث الطريق الإقليمي بمنوف بالإسم ورقم الجلوس.. نتيجة الشهادة الإعدادية بالمنوفية الدكتور كمال عبيد يشيد برعاية الرئيس السيسي ويعلن التزام مصر بتوحيد الجهود الصحية الأفريقية. العثور على جثمان طالب بالثانوية العامة غارقًا في نهر النيل بطلخا بعد 3 ايام من اختفائه في حملة للعلاج الحر: التوصية بغلق 28 منشأة مخالفة وإنذار 6 أخرى بالكردى انطلاق قافلة الواعظات لنشر الفكر الوسطي بالمنصورة المجلس القومي للمرأة ينعى ضحايا حادث المنوفية: 18 زهرة رحلن في صمت المطرب أمين سلطان: فنان كل اللهجات يطرح ”أجمل كلمة” بمذاق لبناني خاص وبأجواء جيتارات تهديدات بسحب الثقة من مجلس حسين لبيب.. واتهامات بإهدار إيرادات قطاع السباحة بنادي الزمالك كيف كشفت حرب إيران ثغرات فجة في الموقف السياسي الإسرائيلي؟ هل تحقق الصين أمن طاقتها في ظل حروب الشرق الأوسط؟.. تحليل يوضح السيناريوهات الأسوأ بعد مصرع شهيد الواجب.. ”النيابة العامة” تأمر بعرض المتهم علي الطب الشرعي

تقارير ومتابعات

كيف كشفت حرب إيران ثغرات فجة في الموقف السياسي الإسرائيلي؟

رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي
رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي

كشف تحليل أعدته الباحثة مريم صلاح، بالمرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن الإجابة على التساؤل الخاص بـ «كيف كشفت حرب إيران ثغرات فجة في الموقف السياسي الإسرائيلي؟»، موضحة أنه بدى جليًا أن هناك إجماعًا سياسيًا قويًا داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل بشأن توجيه ضربة لإيران، وهو إجماع شمل الجوانب السياسية والأمنية، لا سيما ما يتعلق بتوقيت الضربة والتكتم عليها.

وفق التحليل، رغم أن العملية نُفذت بسرية تامة، فإن التصريحات اللاحقة لبعض الوزراء، مثل وزير المالية بتسلئيل سموترتش، أكدت أن القرار كان معروفًا ومُتفقًا عليه داخل الدوائر الضيقة للحكومة، ما يشير إلى وجود تنسيق مسبق وشامل.

التوافق السياسي

أوضحت مريم صلاح، أن هذا التوافق السياسي جاء في وقت كانت تشهد فيه الحكومة أزمة داخلية حادة، إذ كان يُتداول مشروع لحل الكنيست، وكانت هناك توترات مع الأحزاب الحريدية، بالإضافة إلى مؤشرات على انقسام داخل صفوف المؤيدين أنفسهم. لكن فور اندلاع الحرب مع إيران، لوحظ أن كل هذه الخلافات الداخلية قد جُمِدت مؤقتًا، وحدث نوع من الاصطفاف السياسي والديني خلف الحكومة، ظهر بوضوح في تصريحات المسؤولين والحاخامات، الذين عبروا عن دعم مطلق للعملية واعتبروها خطوة مصيرية.

ومن ناحية أخرى، لوحظ غياب الانقسام السياسي التقليدي في إسرائيل بحسب «مريم»، في ظل ما يمكن تسميته بالإجماع القومي حول الخطر الإيراني، إذ أبدت المعارضة، بقيادة يائير لابيد، تأييدًا واضحًا للهجوم على إيران، في مشهد نادر من التوافق السياسي الداخلي. فقد عبر لابيد عن دعمه الصريح لقرار الحكومة، رغم خصومته السياسية العلنية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مؤكدًا أن إيران تسعى لتدمير إسرائيل، وفي مواجهة هذا التهديد لا يوجد انقسام بل وحدة، مشيرًا إلى أن نتنياهو اتخذ القرار الصحيح في لحظة حساسة، كما أيد الغارات الأمريكية على إيران الذي قال إنه «جنب المنطقة سباق تسلح نووي».

من جهته، أشاد بيني غانتس، زعيم حزب الوحدة الوطنية، بقرار ترامب، مؤكدًا أنه جعل العالم والشرق الأوسط وإسرائيل أماكن أكثر أمانًا، ومشيدًا بـ«القيادة والتصميم الأمريكي الواضح إلى جانب إسرائيل».

الطيف السياسي الإسرائيلي

وذكرت مريم صلاح أن هذه التصريحات تعكس توافقًا سياسيًا شبه شامل داخل الطيف السياسي الإسرائيلي، من الائتلاف الحاكم وحتى المعارضة، إذ نظرت الأطراف المختلفة إلى الحملة العسكرية على أنها خطوة استراتيجية ضرورية، وبالتزامن مع الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش الإسرائيلي بدعم سياسي واسع، ظهرت تحليلات عديدة تُحذر من أن بنيامين نتنياهو يعيش الآن «ربيع قوته» المؤقت، يقود حربًا اختارها ضد إيران ويستعيد صورته كزعيم وطني بعد تراجع طويل، في تحول لافت من تقاعسه خلال كارثة 7 أكتوبر إلى شخصية وحدوية ومسؤولة. وبينما يراه البعض قائدًا منتصرًا يعيد رسم إرثه السياسي، يشير آخرون باستغلال الحرب لتحقيق مكاسب شخصية. ورغم أن اللحظة تبدو مواتية لدوره كقائد عسكري، إلا أن الشكوك تتزايد حول أهليته لقيادة مرحلة ما بعد الحرب، خاصة فيما يتعلق بإعادة البناء وتحقيق تسوية سياسية طويلة الأمد.

استطلاع رأي

أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) يومي 15 و16 يونيو 2025، على عينة من 800 يهودي و151 عربي، تأييدًا واسعًا للهجوم الإسرائيلي على إيران، حيث أيده 73% من المشاركين، واعتبر 76% أن القرار استند إلى اعتبارات أمنية. في الوقت ذاته، أبدى 70% قلقهم من تطورات الحرب، واعتقد 49.5% أن التهديد النووي الإيراني لن يُزال بالكامل. كما رأى 61% أن على إسرائيل استغلال الحملة للعمل على إسقاط النظام الإيراني، بينما فضل 28% الاكتفاء بتحييد الخطر النووي. ومع ذلك رأى 47% أن الحكومة تفتقر إلى خطة واضحة لإنهاء الحملة العسكرية.

وعلى مستوى الجبهة الداخلية، أظهر الاستطلاع رضى شعبيًا واسعًا عن أداء قيادة الجبهة، حيث أبدى 74.5% رضاهم عن إدارتها للهجوم، واعتبر 89% أن التعليمات كانت واضحة. كما عبر 60% عن ثقة عالية في الاستعداد لتحمل الحرب، لكن الشعور بالأمن الشخصي تراجع، حيث قال 32.5% إنهم يشعرون بانعدام الأمن، مقابل 27.5% فقط يشعرون بأمان مرتفع. وبرزت ثقة قوية بالمؤسسات الأمنية 82% في الجيش، 83% في سلاح الجو، 74% في الاستخبارات، فيما بقيت الثقة بالحكومة منخفضة رغم تحسنها، حيث بلغت 30% فقط، وبلغت الثقة بوزير الدفاع 32%.

وأكدت أنه يمكن تحليل موقف الرأي العام الإسرائيلي بأنه في حالة انقسام داخلي بين شعور جماعي بالفخر بالقوة العسكرية وصمود المجتمع في مواجهة تهديد أكبر إيران، وبين تصاعد ملموس في الاستياء من أداء الحكومة، التي تُتهم بعدم تنفيذ قرارات أساسية تتعلق بحماية المدنيين، وهو ما يشير إلى تآكل تدريجي في الثقة المؤسسية لدى شرائح واسعة من الجمهور. أما على الصعيد الخارجي، فيميل الرأي العام إلى تبني نظرة أكثر تشككًا في العالم، إذ تتنامى قناعة بأن إسرائيل تُواجه عزلة دولية متزايدة، ليس فقط من خصومها، بل أيضًا من المنظمات الدولية، وهو ما يعزز توجهًا داخليًا يُفضل الاعتماد على الذات، ويبرر الهجمات الاستباقية كخيار وجودي لا بديل عنه، وان كانت خسائره كبيرة، فبدل انتظار دعم المجتمع الدولي أو نتائج المفاوضات.

شلل مجتمعي وتوتر وخوف

وأوضحت في تحليلها، أن القراءة العامة للرأي العام أيضًا تشير إلى أن التحركات السياسية ومحاولات رفع الجاهزية لم تكن كافية لاحتواء تداعيات الحرب على الجبهة الداخلية. ورغم عدم تشكل جبهة معارضة مؤسسية حتى الآن، فقد أشارت بعض المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي إلى وجود حالة من التوتر والخوف والشلل المجتمعي، فبعد بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران انتشرت حالة من الهلع في مشهد يعيد للأذهان أيام ما بعد هجوم 7 أكتوبر 2023. وتشير أراء الإسرائيليين إلى أزمة نفسية وشعور بعدم الأمان لدى المدنيين، تجلت في محاولات جماعية لمغادرة البلاد.

وفيما يتعلق برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يمكن القول إن الحرب الحالية ساهمت مؤقتًا في تخفيف حدة الانتقادات الشعبية ضده، وربما عززت من مكانته السياسية، إلا أن المؤشرات العامة لا تُظهر تغيرًا جذريًا في موقف الشارع تجاهه. فلا يزال جزء كبير من الجمهور يفرق بين الأداء العسكري الناجح وبين أداء الحكومة برئاسة نتنياهو، حيث لم تُترجم الإنجازات الأمنية إلى رضا سياسي حقيقي. ويبدو أن الهدوء النسبي الشعبي في الانتقادات الموجهة للحكومة يعود إلى طبيعة المرحلة، لكن هذا الهدوء يظل مؤقتًا، وقد يتغير بمجرد انتهاء المواجهات العسكرية أو تزايد التكاليف الداخلية للحرب.