كيف أبهرت السعودية العالم بتنظيم الحج هذا العام؟

أبهرت السعودية العالم بتنظيم الحج هذا العام عبر استخدامها التقنيات الحديثة، والذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لتوفير الخدمات لحجاج بيت اللله الحرام وتسهيل آداء المناسك، وإنقاذ وإسعاف المرضى، وتقديم الخدمات الدعية والافتاء عبر تلك الوسائل الحديثة من خلال الترجمة إلى 35 لغة نجحت ي الوصول إلى جميع حجاج بيت الله الحرام.

وحرضت إدارة الحج على استضافة أكثر من 150 إعلاي وصحفي لمتابعة ونقل الصورة المبهرة لنجاح الإدارة في تنظيم المناسك، والعمل على راحة ضيوف الرحمن.

ووفقًا لرصد دقيق، قدم ضيوف المملكة من الإعلامين أكثر من مليون و100 ألف خبر وتحليل وتقرير إعلامي غطت بها تقريبا كل أنحاء العالم، وشملت تلك الخدمات التي قدمت لـ 1,673,230 حاجا وحاج، وهو ما حول آداء الفريضة هذا العام إلى رحلة سياحة في حب الله ورسوله، حتى أن الحجاج التزموا بجميع تعليمات إدارة الحج التي وثقت بـ 97 % من هؤلاء التزامًا وتنفيذًا لجميع التعليمات الصحية والأمنية والإجرائية، مما يؤكد قناعة وفرحة الحجيج بهذا الموسم.

ولم تكتفي إدارة الحج باستخدام الوسائل والتقنيات الحديثة في إدارة عملية المناسك، ولكنها حرصت على تنظيم أكثر من 62 ألف جولة تفتيشية ميدانية مكثفة لضمان الجودة في الإعاشة والإيواء.

10 آلاف نقطة اتصال انترنت مجانية

أعيد تجهيز البنية التحتية التقنية لدعم التواصل والإعلام في موسم الحج؛ فقد وصلت نسبة تغطية شبكات الاتصالات اللاسلكية (الجيل الرابع والخامس) في مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى أكثر من 99% ، بما سمح لأغلب الحجاج بالتواصل واستخدام التطبيقات الذكية دون انقطاع، كما أنشئت عشرات الآلاف من نقاط اتصال الواي فاي المجانية (أكثر من 10,000 نقطة) في أماكن سكن الحجاج ومشاعر الحج، مما سهل وصول ضيوف الرحمن للمعلومات الإرشادية والاتصال بذويهم في أي وقت.

وقد تم أيضًا ربط أنظمة المراقبة والأمن لهذه الاتصالات بشبكة متطورة لتحسين التتبع الفوري للحشود وتنبيه غرف التحكم إلى أي مشكلة تقنية أو اتصالية أولاً بأول، حيث استطاعت المملكة إنشاء حزام تقني متقدم التغطية رفع من مستوى رضا الحجاج وسلاسة تجربتهم.

إدارة الزحام بالذكاء الاصطناعي

شهد موسم حج 1446هـ اندماجًا واسعًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف الجوانب التنظيمية، لتعزيز السلامة وكفاءة الخدمات، أبرزها تطبيقات الاستشعار والكاميرات الذكية المتطورة في المسجد الحرام والمشاعر؛ حيث أطلقت الرئاسة العامة للحرمين تقنية أرضية متقدمة وحساسات وكاميرات ذكية لرصد تدفقات الحشود عند المداخل والمخارج الرئيسية.

وسمحت هذه التكنولوجيا بتحليل حركة الملايين من الحجاج في الوقت الفعلي، وتحديد أي نقاط ازدحام ومساعد المسؤولين في تحسين خطط التفويج والحركة. بالإضافة لذلك، استخدم تطبيق «نسك» المدعوم بالذكاء الاصطناعي خدمات الترجمة الفورية الصوتية لأكثر من 35 لغة، وتمت بث خطبة يوم عرفة مباشرة إلى 35 لغة مختلفة كي تصل إلى جميع الحجاج بلغاتهم الأم.

كما استفادت الفرق الميدانية من أجهزة ذكية قادرة على ترجمة الكلام والصور في الحال، بما ساعد على التواصل الفعال مع الزوار من جميع الجنسيات.

الطائرات المسيرة لتأمين وإسعاف الحجاج

لعبت الطائرات المسيرة (درون) دوراً فاعلًا في الحفاظ على أمن الحجاج والخدمات المقدمة لهم؛ فقد داومت أجهزة الأمن على تحليق طائرات درون متطورة مزودة بكاميرات حرارية وتقنيات بث مباشر في أجواء مكة والمشاعر المقدسة، لتعقب المخالفين لأنظمة الحج وضبطهم ضمن حملة «لا حج بلا تصريح»، وضمان بيئة حج أكثر انضباطاً.

وفي مسعى استباقي لتعزيز السلامة، ربطت الجهات الأمنية الصور الملتقطة من الدرون بغرف العمليات المركزية، ما مكنها من التحرك الفوري للتصدي لأي مخالفة دون تدخل بشري مباشر.

كما لم تقتصر استخدامات الدرون على الأمن فقط؛ فقد أعلنت وزارة الصحة أيضًا استخدام الدرون والطائرات العمودية في خدمات الإمداد الطبي، لنقل الأدوية والمستلزمات الإسعافية إلى المشاعر في أسرع وقت، وهي الخطوة الأولى من نوعها عالميًا في «إدارة الإمداد الطبي الذكي» إلى حشود كبيرة، لتسهيل تقديم المساعدة الصحية العاجلة دون تأخير.

الروبوت داعية في خدمة الحجيج

وظهرت في موسم الحج هذا العام مجموعة من الروبوتات المتقدمة لخدمة الحجاج، لتشكل مقدمة جديدة من الخدمات التقنية؛ حيث دشنت رئاسة شؤون الحرمين الشريفين «روبوتات منارة» للإجابة عن تساؤلات الحجاج الفقهية والدينية بالإفتاء الذاتي، وهي مجهزة بتقنيات ذكاء اصطناعي وتدعم الحوار بأكثر من 15 لغة، وتم نشر روبوتات ذكية داخل المسجد الحرام وخارجه لخدمة الزوار، فقد ذكر المتحدث الرسمي أنها تقدم الإرشاد والإجابة على الاستفسارات في 15 لغة.

وعلى الجانب الصحي، لاقت الروبوتات الطبية المتنقلة اهتماماً كبيراً، حيث زود أحدها بخوارزميات تشخيصية لتقديم استشارات طبية سريعة حول الإصابات والإجهاد، مما سرع الاستجابة للحالات الحرجة وقلل الضغط على المستشفيات الميدانية.

وقد أسهمت هذه الأنظمة الروبوتية التي تستخدم لأول مرة في الحج بفعالية في رفع كفاءة الرعاية وتسريع التعامل مع الحجاج، إذ خفضت الأخطاء البشرية وساعدت في توزيع المرافق بشكل أمثل داخل الحرم.

رقمنة شاملة لخدمة ضيوف الرحمن

أتمت المملكة رقمنتها الشاملة في موسم الحج 1446هـ، فتجاوزت إجراءات قديمة بالأنظمة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي؛ حيث أطلقت نسخة مطورة من بطاقة «نسك» الإلكترونية تحتوي على خصائص أمنية متقدمة، وترتبط بتطبيقَي «نسك» و«توكلنا» ؛ ما مكن الفرق الميدانية من الوصول الفوري لبيانات الحجاج (مثل معلومات التأشيرة والبيانات الصحية) وتسريع المعاملات والتحقق من الأذونات.

وقد رافق ذلك إنشاء مركز معلومات ضيوف الرحمن بلغات متعددة (20 لغة) يعمل على 90 ألف شاشة عرض وأكثر من 1.2 مليون مادة توعوية مطبوعة، بالإضافة إلى نقاط معلومات متنقلة ثابتة داخل المشاعر وخارجها، وحتى خدمات الأذونات والتأشيرات شهدت رقمنة، حيث سهل تطبيق «قنوات» الإلكتروني إصدار تأشيرات الحج وتصاريح النقل ومتابعة الحالة دون مراجعة ميدانية.

وقد عكس هذا التوجه الرقمي استخدام المنهج الذكي في خدمة الحجاج عبر تطبيقات ومواقع إلكترونية متكاملة، وهو ما سهل بدوره الوصول إلى الخدمات والحد من الازدحام وتقليل الإجراءات الورقية الروتينية.