النهار
السبت 27 يوليو 2024 04:49 صـ 21 محرّم 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

ماهر مقلد يكتب: حصار لودريان فى «كيميت»

ماهر مقلد
ماهر مقلد

النادى الدبلوماسى كان شاهدًا على ضمير مصر، فى وجه المعايير الدولية غير العادلة، حيث واجه المبعوث الرئاسى الفرنسى للمنطقة هجوما غير مسبوق وأسئلة مباشرة تحتاج إلى إجابات منطقية عن موقف فرنسا وأوروبا، لكنه كان لا يملك الإجابة؟ ليس تقصيرا منه ولكنه بسبب مواقف أوروبا التى لا تستقيم مع الإنسانية.

تحولت الندوة الى رسائل كاشفة عن حجم الغضب المصرى مما يحدث فى غزة، حدث هذا فى ندوة مؤسسة "كيميت بطرس غالى للسلام والمعرفة" التى استضافت فيها وزير الدفاع والخارجية الفرنسى سابقًا جون إيف لودريان المبعوث الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون إلى المنطقة للحديث حول تحديات الشرق الأوسط.

ففى الكلمة الأولى التى ألقاها ممدوح عباس رئيس مجلس أمناء المؤسسة قال بلغة صريحة: «إننا نشهد اليوم انهيارًا للنظام الدولى وعدم احترام القانون الدولى والمبادئ التى تبنتها الدول المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية، كما أننا نرى فى تعاملات المجتمع الدولى درجة غير مسبوقة من الكيل بمكيالين فى التعامل مع عدوان بغيض على الشعب الوحيد القابع تحت الاحتلال ويطالب بحقه فى تقرير مصيره منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا».

كان من بين الحضور رموز مصرية مهمة وزير الخارجية سامح شكرى، وعمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، والدكتور مصطفى الفقى مستشار الرئيس الأسبق مبارك للمعلومات، والوزراء السابقون محمد فائق ومنير فخرى عبد النور والدكتور على الدين هلال والدكتور مصطفى حجازى والكاتب احمد المسلمانى المستشاران الإعلامى والصحفى للرئاسة فى عهد المستشار عدلى منصور، وحشد كبير من السفراء وكبار الإعلاميين وأساتذة الجامعة وفى حضور سفير فرنسا لدى القاهرة، إريك شوفالييه.

قدمت السفيرة ليلى بهاء الدين الأمين العام للمؤسسة الندوة، ثم تحدث جون إيف لورديان، فى كلمته وقال إن ما نشهده هو عودة أعنف الحروب، فى الشرق الأوسط، مع الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، بجانب تزايد وتيرة العنف والتوترات بين إيران وإسرائيل فى الأسابيع الأخيرة، وفى أوروبا مع حرب روسيا وأوكرانيا.

وهذا الوضع يتطلب من المهتمين بالسلام عملًا مشتركًا للتأمل والنقاش؛ مثمنًا تنظيم مؤسسة بطرس غالى لتلك الندوة فى هذا التوقيت المهم لتبادل الآراء فى هذا الصدد.

وقال إن معاناة أهل غزة هى فى نظرنا لا تطاق وغير مقبولة.. وأود هنا أن أحيى جهود دول المنطقة، بدءًا بمصر للسماح بدخول وتوزيع المساعدات على المدنيين، كما أود أن أشيد بعمل الجهات الإنسانية الفاعلة التى دفعت ثمنًا باهظًا جدًا فى هذا الصراع.

وقال إن غياب الدولة الفلسطينية، التى هى أصل الصراعات ومصدرها الأول، يؤثر على هذه المنطقة، وإن ما يحدث حاليًا يذكر المجتمع الدولى بأن القضية الفلسطينية ظلت مركزية، ليس فقط بالنسبة للسكان العرب وفى العالم الإسلامى، ولكنها أيضًا لها تأثير على الغرب.

ودافع عن موقف بلاده قائلا: إنه ومن هذا المنطلق، التزمت فرنسا منذ فترة طويلة بتعزيز حل الدولتين، وهو الخيار السياسى الوحيد لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل فى المنطقة، لافتًا إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون أراد الالتزام الكامل بالبحث عن مخرج من الأزمة لفتح الطريق أمام حل سياسى للقضية الفلسطينية، بما يعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة.

وعرض جهود بلاده فى تلك الأزمة لاسيما فى المجال الإنسانى؛ حيث نظمت 3 مؤتمرات واجتماعات لصالح سكان غزة فى نوفمبر وديسمبر وفبراير الماضية، علاوة على إعلان فرنسا عن زيادة المساعدات الإنسانية إلى 100 مليون يورو لعام 2023، وإرسال أكثر من 1200 طن من المواد الغذائية والمعدات الطبية والمراكز الصحية المتنقلة بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين، وخاصة مصر.

مشيرا إلى أن بلاده تواصل دعوة إسرائيل إلى إزالة جميع العقبات والسماح بالتوزيع الآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية فى قطاع غزة، فضلًا عن ضمان الحماية الفعالة للسكان المدنيين والعاملين فى المجال الإنسانى، لافتًا إلى أن العمليات العسكرية فى رفح الفلسطينية لن تؤدى إلا إلى مزيد من القلق الذى نتقاسمه مع شركائنا المصريين.

كانت هذه هى ابرز ما جاء فى ورقة لودريان وبعد أن استمع الجميع لكلامه بدا فى القاعة رفض مكتوم لهذا النهج الذى يرى الفعل واضحًا لكنه لا يفعل ما يتوجب وانهمرت عليه الأسئلة التى كانت من سفراء مصريين تفتخر بهم الدبلوماسية المصرية ومن أكاديميين وبدأها الدكتور مصطفى كامل السيد الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية حول تقاعس فرنسا وأوروبا بالبرهان والمنطق، ثم سؤال للسفير حسين حسونة بحكمة السنين وخبرة الدبلوماسية، يحمّل فرنسا وزر السكوت عما يجرى، وسؤال للسفير حسين ضرار سفير مصر الأسبق فى لبنان يضع فرنسا أمام خذلان الضمير، دون مواربة، وتوالت الأسئلة، وما كان من لودريان إلا أن اعترف بأنه أجاب وفى الوقت نفسه رفض أى اتهام لبلاده، وكلما تقترب الأسئلة من النقطة الرئيسية وهى لماذا يصمت الضمير الدولى عن الإرادة الجماعية يصمت لودريان حتى ولو تكلم بالعلاقات التى يقولها لا تسمع لأنها لا تنطق بالحقيقة.

وخرجت الندوة بتساؤلات عديدة حول الدبلوماسية التى تتجنب تحمل المسئولية.