السبت 18 مايو 2024 06:53 مـ 10 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوادث

أطفال تحت الوصاية.. هل يحق مُقاضاة أطباء تسببوا لهم في عاهات بعد الكبر؟

حلمت "هدى" بطفل يؤنسها في حياتها، ظلت لسنوات محرومة من الإنجاب إلى أن رزقت بمولدها "تيم"، تهللت أساريرها وهنأت معه الحياة، مرت الأيام وأتم ابنها سنة وشرعت في إجراء عملية طهارة له، لكن خطأ طبي تسبب في عاهة مستديمة له، حاولت مررًا بعمليات جراحية إلى أنه لم يتحسن.

قبل إجراء جراحة "الطهارة" إلى الطفل، سألت أقاربها عن طبيب بالقرب من مسكنها في بولاق الدكرور بالجيزة لينجز لها العملية، عرفتها زوجة شقيقها على طبيب "حسام" الأخصائي في جراحة الأطفال، حجزت موعد وذهبت وقتها، أبلغها حينها أن تنظر بالخارج وخلال 30 دقيقة سينجز مهمته كعادة ما يفعله مع أي طفل يأتيه.

تأخر الطبيب في العملية وطالعت أمه منظر صدمة في أعين الممرضات بالخارج وتلاسن فيما بينهما وهمست واحدة منهن بجوارها "الدكتور بيقول الواد حصه عاهة مستديمة"، صرخت الأم في وقتها واقتحمت غرفة العمليات لتسأل الطبيب عن ما جرى، طالبها بالخروج لكنها لم تتحرك، قال لها إن الطفل تعرض لقطع جزء بالخطأ ما يجعله بحاجة إلى قطرة وعملية ترقيع.

أخذت الأم الطفل وذهبت به إلى طبيب آخر فشخصه أنه أصيب بانسداد في البول وقطع في جزء بعضوه الذكري ويحتاج إلى عمليات جراحية كثيرة، اتفقت مع الطبيب الجديد على مواعيد متابعات معه لحين إنهاء مهمته، ومن الناحية الأخرى توجهت إلى محامي وطلبت منه أن يقدم محضرًا في الطبيب الذي تسبب في الكارثة للطفل، حررت محضرًا برقم 22003 واستدعت النيابة المختصة الطبيب وصدر أمر بحبسه على ذمة التحقيقات.

مع الوقت تدخت محامي الطبيب وحاول أن ينهي المشكلة بالتصالح وفق قانون الإجراءات الجنائية الذي أجاز التصالح عن الأخطاء الطبية مادام الطفل تحت الوصاية والعمر وقتها كان قد أتم عامه الأول في الدنيا، رفضت الأسرة مطلقًا ودخلوا في مفاوضات انتهت بتعويض 100 ألف جنيه لعلاج الطفل لما جرى له.

أنهى دفاع الطرفين الأمور وسدد الطبيب التعويض وتنازلت الأسرة عن القضية وخرج الطبيب من محبسه في الحال بعد إثبات التصالح أمام النيابة.

المحامي أحمد الأسيوطي قال في تصريحات خاصة لـ" النهار" أنه يجوز طبقا لتعديل قانون الإجراءات الجنائية في 2006، وفق ما جاء في المادة 18 مكررا ( أ) "أنه للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال".

وأكمل "الأسيوطي" محامي بالاستنئاف أنه "يجوز للمتهم أو وكيله إثبات الصلح، ويجوز الصلح في أيه حالة كانت عليها الدعوى وبعد صيرورة الحكم باتا ويترتب علي الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريقة الادعاء المباشر وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولا أثر للصلح علي حقوق المضرور من الجريمة".

وأكد "الأسيوطي" أن الطبيب بعد الصلح بيمارس حياته طبيعيًا بعد ذلك ولا يدان بأي قضايا، معلقًا "الشق الجنائي انتهى بالتنازل من المجني عليه أو وكيله"، ورجح أن الأهالي تتصالح في مثل تلك القضايا للحصول على المال كتعويض وتنتهي معها القضية والسجال القضائي غير المُحدد بمدة.

قصة "تيم" فسرها المحامي أحمد الأسيوطي من ناحية تنازل الأسرة عن القضية، لكنه أكد أن الطفل مادام تحت الوصاية ليس من حقه بعد الكبر أن يقاضي من تسبب له في أي عاهة مستديمة مادام أنهت عائلته الأزمة.

ما جرى مع "تيم" لم يطبق بالمقاس كما حدث مع "حسين" الذي تسبب له طبيب في نزيف داخلي خلال عملية جراحية دقيقة بالقلب، نجح في نجدته لكنه تسبب له في مضاعفات كان لها توابع فيما بعد على طريقة حياته وعدم قدرة على ممارستها على طبيعته كما كان من قبل.

أسرة "حسين" صممت على قضيتها ضد الطبيب ورفضت أي تعويضات وحكم على الطبيب بالحبس عام وأغلقت عيادته الخاصة في مصر الجديدة.

وتنص المادة 244 من قانون العقوبات على أنه "من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه، بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".