الخميس 18 أبريل 2024 09:51 مـ 9 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

سوشيال المشاهير

أديب القضاة”.. كلمات سابقة لن تُنسى لقاضي ”قاتل نيرة أشرف”

في كلمة وصفها كثيرون بالبليغة، وجه المستشار بهاء الدين المري كلمة للمجتمع والآباء، وإلى المتهم بقتل طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف.

كانت كلمة رئيس محكمة جنايات المنصورة، قبل إحالة أوراق المتهم، الثلاثاء، حيث احتفى بالكلمة بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، على أن للمستشار الذي يعتبره البعض "أديب القضاة" رسائل أخرى وجهها في محاكمات سابقة، لاقت نفس الرواج.

و"المري"، عضو باتحاد كتاب مصر ونادي القصة، وله مؤلفات قانونية، وأدبية بين القصة والشعر والرواية، ويعتبره نقاد وأدباء أحد كتاب الأدب القضائي، وأجريت دراسات نقدية على أعماله الأدبية.

في 2020، وجه المستشار بهاء الدين المري، كلمة لربة منزل متهمة بهتك عرض طفلة تبلغ 4 سنوات، وشقيقها ذو العامين، وذلك أثناء النطق بالحكم عليها، فاضيا بمعاقبتها بالسجن المؤبد.

وقال المري في كلمته: "طفلةٌ لم تَبلغَ الرابعةَ من عُمرها، ويُهتَكُ عِرضُها بإحراقِ مَوضِعَ عفتِها؟ وتُنزعُ أظفارُها، ويُكسَّرُ عَضَدُها وساقُها، فيتخلفَ لديها عاهة! وطفلٌ آخرَ لم يَبلغَ العامَين، يُحرَقُ عُضوُهُ الذَّكريّ وفروةُ رأسهِ ويُتركُ حتى يتقيَّح؟ ومِنْ عصَا وحديدةٍ لتكسير العِظام، إلى مِلعقةٍ بعد إحْمائِها للإحراق، إلى أداةٍ لنَزع الأظفار؟ هل كان ذنبُهُما أنْ سُجنَ والداهُما وتُركَا في رعايتكِ؟ أإلى هذا الحدِّ تكونُ القسوة؟".

وفي كلمات بليغة وجه المري كلمات لتلك السيدة، قائلا "هل بين جَنبَيْكِ قلبٌ يَنبض؟ إنَّ ما جِئتِهِ شُذوذٌ وتَنكيلٌ اعتَرفتِ به وكأنك تتباهَيْن، الأمرُ الذي لم يَسَعْ المحكمةُ معهُ إلاَّ أنْ تُنزلَ بكِ حَدَّ العقاب الأقصى، بل إنها لتَراهُ - وهو الأقصَى- قليلاً".

وفي ديسمبر 2021، وجه المستشار بهاء الدين المري، كلمات قاسية للمتهم بهتك عرض شقيقته، وتعريتها أمام صديقيه، وهما يصورون ما يحدث طمعا في الميراث، وكان الحكم في القضية بالسجن المشدد للمتهم الأول 10 سنوات، ولصديقه السجن المشدد 5 سنوات.

وقال المري في كلمته آنذاك "يا محمود .. ألقت بك المقادير في يم الحياة طفلاً يتيم الأبوين، فقيض الله لك أختا، ما كانت امرأة سوء ولا بغيا، بصرت بك عن قرب وأنت لا تشعر، ومـشت بك في دروب الحياة على استحياء، حتى بلغت رشدك، ولما شببت عن الطوق ما شددت عضدها بل عريتها لغريب ينهش لحمها؛ لتأكل ميراثها ظلما، آمنتك في سربك؛ فروعتها على الملأ، دثرتك في ظلمة الليل؛ فكشفت سترها نهارا، لم ترع فيها يا أخاها إلّا ولا ذمة، ولم ترع لصلة الدم والرحم حرمة، لقد جئت شيئا فريا".

وفي مارس الماضي وجه المستشار بهاء الدين المري رسائل لقاتل زوج شقيقته، حرقا بعدما ألقى عليه مادة سريعة الاشتعال، قبل إحالة أوراقه لفضيلة المفتي، لإبداء الرأي الشرعي في قرار إعدامه شنقا، وقال فيها: "إلى قاتل صهره مستك آفة الوصاية على الدين، فقتلت نفسًا بالتحريق بغير حق فلا يعذب بالنار إلا رب النار، انتفضت لسب الدين، فهدمت بنيان الله وهو الإنسان. من عجب أن فكرت في القتل وأنت تقرأ القرآن، ألم يستوقفك قوله تعالى ومن يقتل مؤمنًا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا، ولكنك تركت مصحفك، وتدبرت خطتك وجئت شيئًا نكرًا، ادعيت الذود عن الدين فأتيت ما نهى، فبئسما يأمرك به إيمانك".

وفي محاكمة، المتهم بقتل نيرة أشرف وجه المري عدة رسائل منها للمجتمع والأبوين ومنها ما له علاقة بالمتهم، قبل إحالة أوراقه للمفتي، كما يلي:

- دُنيا مُقـبلةٌ بزخَارفِها، وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها.

- ماديةٌ سَيطرَت، فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة.

- يَــقينٌ غابَ، وباطلٌ بالـزَّيف يَحيَا، وتَــفاهاتٌ بالجَهر تَتــواتَــر.

- وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر.

- والمؤنسِاتُ الغالياتُ صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة، والقواريرُ فواخير.

- ونَــفـسٌ تَــدثـَـرت بــرداءِ حُــبٍ زائفٍ مَكذوب. تأثرت بثقافةِ عَـصر اختَـلطت فيه المَفاهيمُ.

- الـرغبةُ صَارت حُبًا، والقتلُ لأجلهِ انتصارًا، والانتقامٌ شَجاعةً، والجُرأةَ على قِـيَم المُجتمع وفُحشِ القَـولِ والعلاقاتُ المُحـرَّمةُ، تُسمَّى حُـريةً مَكفولة.

- ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا.

- وَقُـودُ الأمَّةِ صارَ حَطبَها.

- باتَ النشءُ ضَحيةَ قُــدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ، مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها.

- ومن فَــرْطِ شُــيوعــهِ، واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع، زُيِّـنَ لهم فَـرأَوهُ حَسنًا، فكان جُـرمِ اليوم له نِتاجَا.

- أفتذهب نَـفسُنا عليهم حسَـرات؟!

- إنَّ هذا الخَـللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَـلَ ضَرَرُه، وعَـزَّ اتقاءُ شَـرِّه، واتسَع الـرَّتقُ على الـراتق.

- ولكلِّ ما تَقدمَ، تُطلِـقُ المَحكمةُ صَيحَة:

- يَا كُلَّ فِـئاتِ المُجتمعِ لابُـدَّ مِن وَقفَـة.

- يا كُلَّ مَن يَقْـدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا.

- اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُـوَى الإنسانِ المُتابينةْ، لنُنَـمِّيَ فيهِ أجـملَ ما فيه.

- أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية.

- باتَ النشءُ ضَحيةَ قُــدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ، مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها.

- ومن فَــرْطِ شُــيوعــهِ، واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع، زُيِّـنَ لهم فَـرأَوهُ حَسنًا، فكان جُـرمِ اليوم له نِتاجَا.

- أفتذهب نَـفسُنا عليهم حسَـرات؟!

- إنَّ هذا الخَـللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَـلَ ضَرَرُه، وعَـزَّ اتقاءُ شَـرِّه، واتسَع الـرَّتقُ على الـراتق.

- ولكلِّ ما تَقدمَ، تُطلِـقُ المَحكمةُ صَيحَة:

- يَا كُلَّ فِـئاتِ المُجتمعِ لابُـدَّ مِن وَقفَـة.

- يا كُلَّ مَن يَقْـدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا.

- اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُـوَى الإنسانِ المُتابينةْ، لنُنَـمِّيَ فيهِ أجـملَ ما فيه.

- أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية.

- عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَـرينُ السلامْ، قَـرينُ السَكينةِ والأمانْ، لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء.

- أنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ، وليس وَهَجًأ من الجَحيم.

- لا تُشوهوا القُــدوةَ في مَعناها فـتَنحلَّ الأخلاقْ.

- عَظِمُوها تَنهضُ الأمَّة.

- هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحَسنَةِ، بالثقافةِ، بالفَـنِون، بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه، والتَسامُحُ صِفتَه، والـرُشدُ غايَتَه.

- وإلى الآباء والأمهات نقول:

- لا تُضيِّعوا من تَعُــولون.

- صَاحِبُوهم، ناقِـشُوهُم، غُوصُوا في تفكيرهم.

- لا تتركُوهُم لأوهامِهم. اغــرسُــوا فيهم القِـيَم.

- وإلى القاتلِ نقول:

- جـئتَ بفعلٍ خَسيس هــزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس.

- أَهــرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَـناتِ غَـدرٍ جَـريئة.

- ذبَحتَ الإنسانيةَ كلها، يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة.

- إنَّ مَثَـلَكَ كمَثلِ نَـبتٍ سامٍ في أرضٍ طيبة.

- كُلما عَاجَـلَـهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتـدَ، كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَـبتَ فيها.

- ونعودُ إلى الدعوى:

بعد مُطالعة الأوراقِ، وسماع المرافعةِ الشفويةِ والمُداولةْ، فقد اطمأنَّ وجدانُ المحكمةِ تمامَ الاطمئنانِ، وبالإجماع، إلى إعمالِ نصِّ الفقرةِ الثانيةِ من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية.

لذلك قررت المحكمةُ، إرسالَ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهورية، لأخذ الرأي في إنزالِ عقوبة الإعدام بالمتهم. وحددت للنطق بالحكمِ جلسة يوم الأربعاء الموافق السادس من شهر يوليو 2022.