الثلاثاء 23 أبريل 2024 02:18 مـ 14 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مفاجأة جديدة.. اعترافات المتهمة بقتل الصغيرة شرين لسرقة قرطها الذهبي بالدقهلية ”أيادي مصر الشرقية ” إدارة السياحة تنظم معرض لبيع المنتجات اليدوية بجامعة مصر الدولية توريد ٧٥٤٥ طن قمح إلى شون وصوامع البحيرة أحمد جمال: جوميز ”مخترع” والزمالك يدرس رحيله..والأهلي سيتوج بدوري الأبطال بتكلفة 3.2 مليار جنيه.. محافظ القليوبية ورئيس جهاز تعمير القاهرة الكبرى يتفقدان أعمال إنشاء مستشفى شبين القناطر المركزي ”الهجان” يستقبل رئيس جهاز تعمير القاهرة لتفقد إنهاء أعمال التطوير الجارية بالمداخل والحدائق والجزر الوسطى وفداً مركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي يتسلم مشروعات الدورة السادسة من جامعة المنصورة الفيلمان القصيران البحر الأحمر يبكي وصبحية ينافسان بـمهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد منة بهجت تتخطى النصف مليون مشاهدة بأغنية ”اللعب احلو” وزير التجارة والصناعة يستعرض جهود الدولة المصرية للنهوض بمعدلات الصادرات المصرية وزيرة التعاون الدولي تشهد إطلاق برنامج شهادة إدارة التصدير (EMC) في برنامج إصلاح وتنمية التجارة الرقابة المالية تسمح بالتعامل على أسهم الخزينة من خلال سوق الصفقات الخاصة والسوق المفتوح

ثقافة

في ذكرى رحيل شاعر الرباعيات.. تعرف على حكاية إلحاد عمر الخيام وحياته كاملة

رغم كوّن عمر الخيام الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، حبرًا من أحبار التاريخ الإسلامي، إلا أنه اشتُهر بالرباعيات تحديدًا، بل أن رباعياته هي إحدى أشهر الرباعيات الشعرية في التاريخ الإسلامي، وهي عبارة عن مقاطع شعرية يتكون كل منها من بيتين شعريين وله جزآن "أربعة أشطر"، وظل تفسيرها قضية قائمة، حيث رأى البعض أنها نداء للاستمتاع بالحياة والاحتفال بها، بينما نظر لها البعض من منظور صوفي، وآخرون قالوا إن العمل يعزّز النظرة التشاؤمية والعدمية، وقد تأثرت هذه التفسيرات بشكل كبير بالترجمات المتنوعة للمجموعة، ولا أحد يعرف رقم رباعيات الخيام بالتحديد، حيث إنه من المعتقد أن هناك رباعيات عديدة قام شعراء لاحقون بإضافتها للمجموعة الأصلية، ومع ذلك، فقد نُسِبت إلى عمر الخيام عدد 1200 إلى 2000 رُباعية.

ولد عمر الخيّام بن إبراهيم خيّامي في 18 مايو 1048 في مدينة نيسابور التي كانت إحدى المدن الرائدة في خراسان خلال العصور الوسطى التي وصلت إلى ذروتها من الازدهار في القرن الحادي عشر في عهد الدولة السلجوقيّة، وكانت كذلك مركزًا رئيسيًّا للديانة الزرادشتية، ويُعتقد أنّ والد عمر الخيام كان من أتباع الديانة الزرادشتيّة الذين اعتنقوا فيما بعد دين الإسلام.

أمضى الخيّام طفولته في مدينة نيسابور، وتمّ تقدير مواهبه من قبل أساتذته الأوائل الذين أرسلوه للدراسة عند أعظم معلّم في منطقة خراسان وهو الإمام موفّق نيسابوري، الذي كان يُدرّس أولاد النبلاء.

سافر عمر الخيّام بعد دراسة العلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك في مدينة نيسابور، إلى مدينة بخارى في عام 1068، حيث كان يتردّد إلى مكتبة الفلك المرموقة، و انتقل في عام 1070 إلى مدينة سمرقند، حيث كان يعمل "أبو طاهر" حاكم ورئيس القضاة في المدينة، كتب الخيّام خلال عام 1070، أعماله الجبريّة الأكثر شهرة، وأطروحته "رسالة في براهين الجبر والمقابلة" التي كانت مكرّسة لمعلّمه القاضي أبو طاهر .

دخل الخيّام عندما أصبح في سنّ السادسة والعشرين عام 1073 في خدمة السلطان ملك شاه الأوّل كمستشار، فقد دُعي إلى أصفهان من قبل الوزير نظام الملك عام 1076 بهدف الاستفادة منه في المكتبات ومراكز التعليم هناك، وبدأ في ذلك الوقت بدراسة أعمال عالم الرياضيات اليونانيّ إقليدس وأبولونيوس عن كثب.

وشرع بناءً على طلب الوزير نظام الملك في إنشاء مرصدٍ فلكيّ في أصفهان، حيث قاد مجموعةً من العلماء لإجراء عمليّات رصد فلكيّة دقيقة تهدف إلى مراجعة التقويم الفارسي، أنهى في عام 1079 مع فريقه عمليّات قياس طول السنة بدقّة مذهلة، حيث عبّروا عنها بـ 14 خانة: 365.24219858156 يومًا. في الواقع، ووفقًا لأكثر القياسات الحديثة دقّة، كان ذلك الرقم دقيقًا في خاناته الثمانية الأولى، ويحدث الاختلاف من سنة إلى أخرى في الخانة الثامنة، ممّا يجعل التقويم الذي ابتكره النظام الأكثر دقّة على الإطلاق.

بعد وفاة مالك شاه ووزيره فقدَ عمر التأييد الذي كان يضمنه من المحكمة، وسرعان ما انطلق -نتيجةً لذلك- في رحلة حجّ إلى مدينة مكّة، كان أحد الدوافع الخفيّة المحتملة لذهابه إلى الحجّ التي أوردها القفطي، هو إظهار إيمانه للعامّة بهدف تهدئة حالات الاشتباه حول اتّباعه لمذهب الشكّ، وضحد مزاعم التهجّم غير الأخلاقي الذي وجّهه إليه رجل دين معاد، وتمّت دعوته بعد ذلك من قبل السلطان الجديد سنجار إلى مدينة مرو الشاهجان للعمل كمنجّم للبلاط الملكي، وسُمح له لاحقًا بالعودة إلى نيسابور بسبب تدهور حالته الصحية، وقيل أنّه قد عاش حياته -بعد عودته إلى مسقط رأسه- في عزلة عن البشر.

قامت شهرة عمر الخيام على الرباعيات وهي تلك المقطوعات الشعرية المقسمة إلى أربعة أبيات ضمنها فلسفته في الوجود والملاحظ في الرباعيات هو اتفاق البيت الأول والثاني والرابع في الروي واستقلال البيت الثالث برويه وهو مايشبه كثيرا الدوبيت الرباعي الفارسي الأصل.

ولئن اختلف نقاد الأدب ودارسو حياة الخيام في صحة نسبة الرباعيات إليه أو بعضها، فمن قائل أنها ليست لعمر الخيام الرياضي، وإنما لشاعر آخر بهذا الاسم، إلى ناقد آخر يزعم أن بعضها تصح نسبتها إليه، وبعضها الآخر مدسوس عليه خصوصا ما تعلق بالإشارة إلى الغيب والقدر والإيمان والبعث، وقد تعمد كثيرون تشويه صورة الخيام غيرة وحسدا فنظموا شعرا ونسبوه إليه حتى تثور عليه العامة وينتهي أمره إلى الحاكم الذي سيأمر بقتله رميا بالزندقة.

ولقد رأى نقاد الأدب المحدثون الرأي الأول أي صحة نسبة بعض الرباعيات إلى الخيام وإنكار البعض الآخر وتحمسوا لها تحمسا منقطع النظير، وقام الإنجليزي فيتزجرالد الإنجليزي بترجمة الرباعيات فأحدثت دويا كبيرا تجاوز إنجلترا إلى أروبا و أمريكا ، مما جعل أدباؤنا ونقادنا ينتبهو إلى قيمة الرباعيات ومضمونها الانساني وغناها الشعوري وقيمها الفنية والجمالية وتحمسوا لنقلها إلى لغة الضاد ومنهم من عربها عن الإنجليزية كمحمد السباعي ومنهم من عربها عن الفارسية كالشاعر المصري أحمد رامي الذي سافر إلى باريس لدراسة اللغة الفارسية عامين منقبا وباحثا في الأدب الفارسي ورباعيات الخيام تحديدا، وعقب عودته توظف أمينا بدار الكتب المصرية وكان قد تهيأ له زاد أدبي فأسقط كثيرا من الرباعيات وعرب ما وثق أنه تصح نسبته إلى الخيام وقد شاعت هذه الترجمة بعد أن غنت أم كلثوم بعضا منها .

وربما كان في ترجمة رامي بعض التصرف غير أنه سعى جهده حتى لا يتقول على الخيام ما لم يقله أو أن يخرج عن روح الرباعيات ساعيا جهده في ذات الوقت أن تكون الرباعيات في العربية تحفة بيانية و إنسانية وغير السباعي ورامي من الذين ترجموا الرباعيات الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي و أحمد الصافي النجفي وقد عرباها عن الفارسية، ووديع البستاني و الشاعر البحريني إبراهيم العريض وقد عرباها عن الإنجليزية.

رباعيات الخيام ترنيمة حزينة تنعى إلينا زوال الانسان وهيمنة الزمن وقهره للموجودات وانقلاب لحظات المتعة شقوة وانقلاب أيام الانسان مجرد ذكرى شأن الجذوة تشع نارا ونورا ثم تخبو رمادا و الانسان لا حول له و لا قوة أمام هذا القهر الكوني المتجلي في الموت الذي يطال بسيفه الانسان ثمرة الوجود ومكمن العبقرية وسر الحياة ومستودع المشاعر فيغدو ذلك الكائن رهين اللحد والدود والظلام الأبدي كأن لم يكن بالأمس ذلك الشاعر أو العالم أو الحاكم أو الفقيه أو الثري الذي ملأ الأسماع و الأبصار ، وتغدو لحظات صفوه و أنسه مجرد ذكرى.

توفي عمر الخيام عن عمر يناهز 83 عامًا في مدينة نيسابور في الرابع من ديسمبر عام 1131، ودُفن في قبر كان قد تنبأ بموقعه في شعره، في بستان تسقط فيه الإزهار مرتين في السنة، ويطلق على ذك المكان الآن ضريح عمر الخيّام.