الخميس 25 أبريل 2024 03:00 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

الدروس الخصوصية.. أزمة فى البيوت المصرية

أيام قليلة ويبدأ ماراثون امتحانات الثانوية العامة فى هذه السنة الدراسية التى تمثل بعبعا للبيوت المصرية, يتكالب أولياء الأمور ويتزاحمون أمام مراكز الدروس الخصوصية حتى يحصل ابناؤهم على اعلى الدرجات ويلتحقوا بأفضل الكليات.
وبالتالى زاد الاستغلال المادى لأولياء الأمور الذين يقتطعون من ميزانية بيوتهم مبالغ طائلة للإنفاق على الدروس الخصوصية.
اكد المتخصصون فى التعليم ان الامر بحاجة الى إصلاح شامل فى مجال التعليم بكل أبعاده ومستوياته المختلفة, فالمشكلة لها ابعاد كثيرة تصل بنا فى النهاية الى مراكز الدروس الخصوصية التى تستغل الظروف.

بداية، يوضح الدكتور محمود كامل الناقة، رئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس وعضو أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا والأستاذ بجامعة عين شمس، أن منظومة التعليم بحاجة لوجود جهة عامة تكون مهامها التفتيش والرقابة والمتابعة لضمان جودة التعليم، والحد من انتشار مراكز الدروس الخصوصية.   
ويمسك الدكتور عبدالمنعم الحاج، أستاذ أصول التربية بجامعة السويس والخبير السياسى، طرف الحديث، قائلاً: نحتاج لتوافر إرادة سياسية للتطوير والتنفيذ، وتهيئة السبل أمام أعضاء الرقابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المخالفين أو المقصرين فى عملهم، وذلك بالتوازى مع تنفيذ استراتيجيات عاجلة للنهوض بالتعليم فى مصر، بداية من الاهتمام بالمعلمين مادياً ومهنياً، ومراجعة وتطوير المناهج التعليمية لمواكبة مستجدات العصر، وتوفير أساليب مبتكرة لزيادة موارد الوزارة، والابتعاد عن أسلوب التلقين والحفظ، وتطوير أساليب الاختبارات، والتقليل من كثافة الفصول، وأخيراً تدريب التلاميذ على التعلم الذاتى، للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة فى العلم والمعرفة والابتكار، والتقدم التقنى والتكنولوجى، وبذلك تندثر المراكز الدراسية الخاصة.
ووافقه الرأى السابق، الدكتور صفوت جرجس، رئيس المركز المصرى لحقوق الإنسان، مؤكداً ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ النظام داخل المدارس، ومحاربة مراكز الدروس الخصوصية والمدارس "غير المرخصة"، وزيادة فرص العلم والتدريس، وتهيئة البيئة التعليمية الآمنة للطلاب لضمان استقرار المدارس وسير العملية التعليمية بانتظام، وتكثيف الجهود التربوية والتوعوية واللقاءات المستمرة مع أولياء الأمور بما ورد فى لائحة الانضباط المدرسى، حتى يكون الجميع على دراية كاملة بها حفاظاً على مستقبل الأجيال الراهنة والمستقبلية.  
وبدورها، قالت الدكتورة زينات طبالة، خبيرة التعليم ومدير مركز دراسات التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومى: لابد أن تتفرغ الوزارة باعتبارها المؤسسة العلمية المختصة فى هذا الشأن، لتطوير المناهج والمعلم معاً، من خلال آليات التخطيط والتدريب نحو التغيير الإيجابى فى السلوك الإنسانى والتربوى، وتعزيز مكانه المعلم العلمية والاجتماعية.
وتضيف: إذا نجحنا فى تطوير المدخلات التعليمية للطلاب فسنحصل على مخرجات علمية تتناسب مع الاحتياجات المطلوبة لسوق العمل، وهذا هو الهدف من تطوير التعليم.
أما الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، فيرى ضرورة وجود إرادة سياسية قادرة على التغيير والتطوير لكى يمكنها تنفيذ رؤى واضحة لتطوير منظومة التعليم المتدنى فى مصر، وما يتبعها من برامج  وخطط  تنموية، ثم تحديد آليات التطبيق على أرض الواقع، والكوادر المؤهلة والمدربة فى مجال التعليم والمعلومات طبقاً لمعايير الجودة، والاهتمام بالمعلمين مادياً ومهنياً ونفسياً، حتى يمكن الوصول إلى مستوى أفضل فى تعاملهم مع بعضهم البعض ومع تلاميذهم وتسهيل المحتوى العلمى والمعرفى للجميع، ووضع الميزانيات المناسبة، بما يعكس رؤى إيجابية فى مجال التعليم.
من جانبه، قال الدكتور طارق زغلول، الناشط الحقوقى، المدير التنفيذى للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: أوافق بالتأكيد على وجود آلية عقاب رادعة تنفذ على المقصرين فى عملهم التربوى أو حيال المنشآت المخالفة، وهى تمثل ضمانات أساسية تحول دون وقوع تلك المخالفات الكارثية، والنهوض بالعملية التعليمية، وتلبية متطلبات التنمية، لأنه بذلك يكون أجدى.
ويرى زغلول أهمية الإسراع فى وجود ضوابط للقيم المهنية والأخلاقية تضمنها وترعاها المؤسسات التعليمية، لاستكمال مسيرة التغيير والإصلاح الشامل داخلها، على أن تكون مهامها الإشراف والإدارة الحسنة، ووضع ضوابط لحسن الأداء، وأيضاً تطوير المناهج التعليمية لمواكبة المستجدات والتقدم التقنى والتكنولوجى المطلوب.
ومن جهته، يرى الدكتور على ليلة، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة عين شمس، أنه لابد من إيجاد آلية مناسبة للتعامل مع الخلل التعليمى والحد من آثاره السلبية، ومن هنا ضرورة إصلاح منظومة التعليم ككل.
وأشار "ليلة" إلى أهمية اتخاذ قرارات حازمة ورادعة على مستوى وزارة التربية والتعليم، وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الجهات التربوية والتدريبية والإشرافية التى لها صلة بالمنظومة التعليمية، وبالتالى لابد من إصلاح المنظومة التعليمية بحزمة من الإجراءات.
ورحب بالرأى السابق، الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، موضحا أنه يجب وضع اإستراتيجية تعليمية للمساهمة فى خلق بيئة تعليمية متكاملة وطموحة يمكنها تحقيق الأهداف المبتغاة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تأهيل المعلم مهنياً وتقنياً ومنحه كافة الحقوق الواجبة، وإتاحة الوسائل التعليمية المناسبة.
فيما رأى الدكتور محمد المفتى أن مشكلة التعليم فى مصر متعددة الجوانب ويأتى المعلم كعنصر أساسى فيها والذى يتطلب إرادة سياسية حقيقية للتغيير من "التربية والتعليم" وتواصل حقيقى بين المعلمين والمديرين فى هذا المجال وبينهم وبين المؤسسات التعليمية بما يؤدى إلى جودة التعليم وكفاءة العاملين فيها، لكونهم أهم الأسباب فى إحداث التطوير المطلوب.
ويوضح "المفتى" أن وضع التعليم فى مصر يحتاج إلى تطوير عاجل فى كافة جوانب العملية التعليمية، وهى 7 محاور رئيسية  أولها  ضرورة وجود رؤية واضحة لتطوير منظومة التعليم المتدنى فى مصر، وثانياً زيادة أعداد التربويين ذوى السمعة الطيبة والمؤهلين علمياً، فى ضوء الالتزام بأخلاقيات مهنة التعليم، بما يضمن تحقيق الأهداف المبتغاة من وراء تقديم الرسالة التعليمية، وثالثها تطوير المناهج التعليمية بما يخدم العملية التعليمية بوجه عام، ورابعاً تطوير المعامل والفصول وصيانة المبانى التعليمية، وخامساً زرع المبادئ الإنسانية والتربوية فى الصغار من غرس قيم الالتزام والأخلاق والفضيلة والانتماء الوطنى ليتخرج جيل جديد من الملتزمين تعليمياً وأخلاقياً والقادرين على حماية الوطن، وسادساً العمل على تطوير الأداء الوظيفى للعاملين داخل الإدارات التعليمية المختلفة نحو الإشراف التربوى على مستوى التلاميذ أو فيما يعرف بـ"التفتيش" و"التوجيه التربوى"، لاكتشاف نقاط القوة والضعف عند المعلمين، وأيضاً الإشراف الإدارى على انتظام الفصول، وسابعاً زيادة الميزانية المخصصة للتعليم سواء الجامعى أو الأساسى أشبه بالدول المتقدمة.