تامول الجيل الهندى ...أحدث وسائل تغييب الشباب المصرى

أصبحت تجار]ة المخدرات وتناول العقاقير المخدرة من سمات العصر, حيث نجد كثيرا من الشباب يلجأون إلى هذه الوسيلة رغبة فى الهروب من الواقع و تجسيدا لمحاولة العيش فى حلم لم يأت بعد، الأمر الذى أدى لشرخ كبير داخل المجتمع نتيجة لعدم قدرة الكثيرين على التعامل الحسن مع المجتمع ، المشكلة أنه فى الفترة الأخيرة حدث اختفاء للعقاقير المخدرة الترامادول والتامولوجميع الأقراص المخدرة التى يستخدمها كثيرون للخروج من الحالة الطبيعة، والبعد عن الواقع ولزيادة تحملهم العمل الشاق, مما كان له أثر سلبى على حالتهم والتى ظهرت بشكل واضح فى سلوكيات العديد منهم فى الشارع المصري ..
الغريب أنه ظهر مؤخرا بدائل لهذه الأشياء ومنها التامول الجيل وهو صناعة هندية يباع الكيس منه بخمسة جنيهات !!
لذلك كان من الضرورى البحث فى الزاوية النفسية والأمنية والاجتماعية حول خطورة تناول مثل هذه العقاقير ودوافع اللجوء إليها منها بالإضافة إلى دور المجتمع والأسرة للخلاص من هذه الآفة.
بداية أوضح الدكتور يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة القاهرة، خطورة الأدوية المخدرة على البشر بشكل عام، فهذه الأدوية تعمل دائما على الجهاز العصبي والمخ وتؤثر فى تركيزة، الأمر الذى يؤدى إلى أن يكون المتعاطى فى حاله من التخدير وحالة من الهياج والثورة وأحيانا تكون هناك حالة من حالات التوهان، وشرح الدكتور عبدالمحسن أن هذه السلوكيات الشاذة تكون نتيجة مباشرة لتأثير الأدوية على المخ الأمر الذى يؤدى إلى عدم السيطرة على السلوكيات بحيث تصبح غير محسوبة.
وعن الطريقة المثلى لمنع تناول العقاقير المخدرة أو المخدرات اوضح عبدالمحسن أن منع تناول هذه العقاقير فى المقام الاول هو مسألة تربوية يشترك فيها الجامع والكنيسة والمدرسة والجامعة بحيث نمنع الإقدام على تناول هذه العقاقير، وأضاف أن منع التناول له شق أمنى ايضا حيث يجب قطع روافد هذه العقاقير من المنبع بحيث لا يصبح من السهل على اى احد تناولها، مؤكدا أن الطريقة المثلى لعلاج معتادى تناول هذه الادوية المخدرة ياتى من خلال عزلهم عن الناس والتعامل معهم وفق ما يقره الطب فى هذا الشأن.
وأنهى عبدالمحسن حديثه ردا على الاتهامات الموجهة لأطباء علاج الإدمان بأنهم يصعبون من مهمة العلاج من الإدمان قائلا بأن مصر مليئة بالمستشفيات التى تعالج الإدمان مجانا فعلى سبيل المثال هناك مستشفى العباسية والخانكة وحلوان وطنطا وغيرها منوها إلى ضرورة تجفيف منابع تناول العقاقير المخدرة بالإضافة إلى ضرورة التوعية الدينية والقضاء على البطالة والفراغ الموجود لدى الشباب حتى لا يتوجه إلى مثل هذه العقاقير القاتلة.
من جانبها قالت الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق أن مجرد التوجه لأخذ المخدر يعد شكلا من اشكال الخروج من الواقع، وهو الذى يعمل عليه تجار السموم ليروجوا لبضاعتهم، وأضافت أن تجار هذه السموم عملوا فترة كبيرة على علاقة الشباب الذين يتناولون مثل هذه السموم والاحساس بالامان الجمعى والشعور بالطمأنينة الاجتماعية التى ضعفت فى هذه الفترة حيث قل معدل الشعور بالامان الجمعى لدى عامة الناس الامر الذى دفع الكثيرين إلى الوحدة والرغبة فى ترك مصر و البحث عن عمل خارج البلاد حيث لم يعد لدى الناس حلول للمشاكل التى تواجههم بالإضافة إلى تآكل الطبقى الوسطى التى تعد الحصن الاهم للدفاع عن قيم ومعتقدات اى مجتمع لما يمثله من قوة فى الفكر والفن والسياسة، معتبرة أن سقوط نظام التعليم و ظهور خطاب دينى مشغول بالتدين الشكلى الزائف على حساب التدين الحقيقى بالإضافة إلى انحدار التفكير العلمى السليم، كل هذه العوامل خلقت بيئة مناسبة وحاضنة لتناول المخدرات رغبة فى الأمان الزائف.
وعن خطورة هذه العقاقير أوضحت الدكتورة هدى أن هذه العقاقير مثل السرطان ومحاولات الشفاء منها تكون صعبة حيث تحتاج لإمكانيات مادية كبيرة بالإضافة إلى إرادة قوية، مؤكدة أن الإدمان عادة ما يستهدف الشباب الذى ليس لديه اى مشروع فجاءت المخدرات لتأتى له بالمشروع الوهمى حيث إن العالم الخيالى افضل بكثير من العالم الحقيقى.
ومن الناحية الاجتماعية أوضحت الدكتورة هدى أن سبل العلاج من هذه المشكلة ليست بالصعبة فعلى الرغم من تواطؤ البعض فى نشر المخدرات فى مصر إلا أن هذا ليس له أهمية عندما تكون هناك رغبة حقيقية فى التغيير للأفضل، مستشهدة بالصين التى قامت بريطانيا قديما بنشر المخدرات بين شعبها حيث ان اغلب الصينيين كانوا يتناولون المخدرات ومدمنين لكن الآن انظر إلى درجة وعى الشعب الصينى الذى اصبح مثالا يحتذى به فى التفوق والانضباط فهذا الصينى الذى تفوق على اغلب شعوب الارض لم يكن من المتوقع فى يوم من الايام ان يكون جده متعاطيا للمخدرات، مشيرة إلى أن القيادة السياسية لديها هدف و رؤية واضحة، وهو الأمر الذي ساهم فى نجاة شعب بأكمله، ففى مصر عندما ثار المصريون على النظام السياسى فى 25 يناير فهم فى الحقيقة ثاروا على واقعهم الاجتماعى والسياسى الذى كانوا يعيشونه، ومن هنا فإنه يجب التفاؤل بأن الرغبة فى الهروب قد زالت وأن المصريين قادمون لكى يعيشوا فى المجتمع الذى ثاروا لأجله.
وفى الختام أوضحت الدكتورة هدى بأنها تؤمن بأن الوقاية خير من العلاج وبالتالى يجب أن نقوى جهاز المناعة لدى جموع الشعب المصرى من خلال التوعية والتعليم ونشر الوازع الدينى لدى الناس بالإضافة إلى تعزيز الشعور بالانتماء والوطنية لهذا البلد حتى لا يتجه أى من الشباب للمخدرات فى المستقبل.
وفى سياق مختلف أوضح محمد مصطفى احد عمال البناء بأنه يلجأ لتناول العقاقيرالمخدرة مثل الترامادول لرغبته فى مواصلة العمل حتى لا ينقطع رزقه حيث ان هذه العقاقير تساعده على الاستمرار و المواصلة فى أداء عمله، و اضاف محمد بان ضغوط الحياة قد زادت و بالتالى فالرغبة و القدرة على تحمل مصاعب الحياة قد تضاعفت الامر الذى يستوجب معه اخذ شيء يساعد على المواصلة.
من جهة أخرى دافع أحمد أبو سليم سائق ميكروباص عن تناوله مثل هذه العقاقير بأنه يعمل لمدة تزيد على الاثنتى عشرة ساعة يوميا فى ظل تقلبات الجو وزحمة الحياة بالإضافة إلى الضغوط الحياتية التى يعيشها المجتمع بأسره وبالتالى فكيف يستطيع العمل والمواصلة!!
وعلى الجانب الأمنى أوضح اللواء عبد الرحمن الفيل مساعد مدير الادارة العامة للمرور سابقا بأن المخدرات هى القاسم المشترك لأغلب الحوادث نتيجة لتعاطى السائقين للمخدرات.. وعن الاجراءات التى يتعين ان تاخذها وزارة الداخلية للحد من ظاهرة تعاطى السائقين للمخدرات اوضح اللواء الفيل بأن وزارة الداخلية بها أجهزة لتحليل البول والكشف عن المخدرات كما انه يجب على الوزارة أن تقوم بمداهمة الأكشاك التى تقوم ببيع هذه المخدرات على الطرق السريعة منوها إلى ضرورة تشديد العقوبة على السائق الذى يتم ضبطه وهو يقود متعاطيا للمخدرات و فى حال التكرار فيجب ان تكون العقوبة أشد.
وعن الطريقة المثلى للخلاص من المخدرات اوضح اللواء الفيل أنه يجب ان يتم تشديد عقوبة الاتجار بالمخدرات وفى الأخير وجهه الفيل نداء لوزير الداخلية الجديد اللواء مجدى عبدالغفار حيث طالبه بضرورة ضبط الشارع من خلال التواجد الشرطى الكافى للسيطرة على الباعة الجائلين وتجار المخدرات حيث إن ضبط مصر بالكامل يبدأ من ضبط الشارع فالسلوكيات أصبحت غير مراقبة بشكل كبير.