النهار
الأربعاء 9 يوليو 2025 03:55 مـ 13 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
موعد انطلاق بطولة الدورى المصرى للموسم الجديد 2025 – 2026 عاجل.. انبعاث دخان من قطار في محطة قويسنا بالمنوفية «رئيس الوزراء» يشدد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من السلامة الإنشائية لـ «سنترال رمسيس» بعد حريق سنترال رمسيس.. وزير الاتصالات: استرجاع 95% من خدمات المحمول أحمد السقا يحتفل بعرض ”أحمد وأحمد” في الإمارات وزيزو يشاركه تقطيع التورتة قصة وأبطال فيلم ماما وبابا.. كوميديا جديدة تكشف أسرار الحياة الزوجية بأسلوب ساخر زيزو يشكو الزمالك رسميًا لاتحاد الكرة للمطالبة بـ82 مليون جنيه مستحقات متأخرة إبراهيم نجم: عشرات العلماء والمفتين والمتخصصين حول العالم أكدوا مشاركتهم في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء أغسطس المقبل شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة قضايا الدولة ويهنئه بمنصبه الجديد ريبيرو يحدد موعد عودته إلى القاهرة بعد انتهاء إجازة إسبانيا بعنوان “حد شافنا”.. إيهاب توفيق يطرح أحدث أعماله الغنائية اليوم بسبب كاف.. إقامة السوبر المصري في نوفمبر

ثقافة

عددهم مليون ونصف المليون

أحياء ولكن يسكنون القبور

كتبت:هيام محمداكثر من مليون ونصف المليون مصري أحياء حكمت عليهم الاقدار بالعيش داخل المقابر ينامون ويصحون علي مناظر القبور الصماء صمت لا يقطعه سوي صراخ زوار الموتي علي ذويهم.... أو البحث عن لحظة عشق او فرح قبل الدخول في الموضوع نشير إلي أن المقبرة تسمي عند سكان المقابر حوش وكلمة حوش بفتح الحاء وسكون الواو تعني شبه حظيرة تحفظ فيه الدواب والأشياء .تجولنا داخل مقابر القاهرة ، وسط مخاوف شديدة من المكان لمن لم يعتد هذه الحياة ...فكثيرا ما نسمع عن حوادث الخطف والسرقة في هذه الاماكن فضلا عن الاحساس بالفزع من جلالة الموت ومهابة المكان.....تحدثت مع سيدة تجلس امام احدي المدافن قالت : اسمي فوزية عايشة هنا مع اخويا واولاده منذ 30 سنة احنا كمان اتولدنا هنا ومعندناش مكان تاني ، مأجرين الحوش من صاحبه وطبعا ممعناش ورق ولا حاجة تثبت يعني ممكن يطردنا برة في اي وقت لكن علي فكرة ... القعدة في الحوش وسط الميتين احسن من النوم علي الرصيف وسط الحرامية وقطاعين الطرق.تركتها والتقيت باخري تدعي أم علاء قالت : أنا اتجوزت هنا في الحوش وقاعدة فيه بقالي 20 سنة بنام واصحي مع الميتين ممكن ابقي قاعدة انا والعيال في امان الله ونلاقي اصحاب الحوش داخلين علينا بالصوات علشان يدفنوا حد ، والعيال طبعاً بتخاف وبتتفزع يعني انا عندي البنت الصغيرة عندها مرض في المخ والدكتور قالي حالة نفسية وخليها تلعب وتغير جو واحنا معندناش حتة تانية يعني هخليها تغير جو في القرافة اللي جنبنا ، وكمان الحرامية وبتوع الخدرات هنا كتير وكل يوم بيقفوا يتعاطوا إبر الماكس والحشيش وطبعا بخاف علي عيالي لحسن حد يأذيهم و أول ما الليل يليل ادخل واقفل الباب وادعي ربنا ان النهار يطلع بسرعة.اما الحاج محمود نجار وجدناه داخل حوش وقد حوله من مكان لدفن الموتي الي ورشة ليمارس فيها مهنته علي اجساد الموتي وروي لنا قصته قائلا : انا بشتغل نجار وعندي 5 عيال في المدارس وكنت ساكن في بيت قبل ما اجي هنا لكن البيت وقع واحنا اترمينا في الشارع وعندي بنات وأخيراً ولاد الحلال قالوا لي علي الحوش وهو سكن ولقمة اما السيدة ام شروق ادهشتنا بما تحمله من رضا وقناعة عندما كتب لها العيش في هذا المكان : انا عايشة هنا من يوم ماتجوزت وخلفت عيلين شروق وعلاء وانا راضية ومبسوطة كمان ؟ ربنا أعطي النعمة دي لينا يبقي نقول الحمد لله واصحاب الحوش هنا ناس كويسين وقعدنا فيه عشان نحرصه الحوش وانا مش عايزة حاجة من الدنيا ولو اتمني شقة يبقي لعيالي من بعدي ..قلت لها يام شروق ألا تخافي هنا قالت : الخوف مش من الاموات الخوف من الحرامية اللي بيسرقوا وبتوع المخدرات اللي بيستخبوا هنا وبيجي البوليس يقبض عليهم وبنسمع ضرب النار ، لكن جيراني كويسين وبنخاف علي بعض وانا راضية والحمد لله وعمري ما بصيت لعيشة غيري طبعا اللي يبص لعيشة غيره تحرم عليه عيشته .و علي النقيض تماما الحاجة سعدية التي تروي لنا قصتها وهي تبكي : حكمت علينا الظروف اقعد هنا بعد ما جوزي اتسجن في قضية وصولات امانة مقدرش يسددها وصاحب البيت طردني ملقتش غير الحوش ده وبعد حبس جوزي توفي ومبقاش عندي امل اني اخرج من المكان ده كل يوم بنشوف الموت بعنينا وبفضل حاطة ايدي علي قلبي لغاية ما اولادي ترجع من المدرسة قبل كدة بنت حصلها حادثة اغتصاب هنا ده غير الحرامية وقطاعين الطرق وانا ولادي علي وش جواز بس مين هيتجوز واحدة حياتها كلها وسط الحرامية انا حاسة ان انا وولادي مدفونين بالحياة نفسي اعيش قبل ما اموت وانجد اولادي.واثناء تجولنا وجدنا الأطفال يلعبون ويلهون وسط احضان الموت احدهم قال لنا ..ساعات اصحابي في المدرسة بيعايروني اني ساكن هنا وبيقولولي يا تربي ..بزعل شويه لكن بعد كده بضربها طناش.بعد أن تركنا المقابر وسكانها الأحياء ذهبنا إلي الدكتور شعبان عبد الصمد - استاذ علم الاجتماع - علي هذه الظاهرة قائلا : ترجع ظاهرة سكان المقابر الي دوافع عديدة من اهمها البحث عن مأوي بعد الهجرة من الريف الي المدن فلا تجد هذه الفئة سوي المقابر تضمهم وتشجعهم علي ذلك وجود اقارب لهم وهم ينقسمون الي فريق يعمل والثاني فريق لا يعمل و هناك منهم الحرفيون وهم الطبقة التي تمثل ابرز السكان ونسبتهم 37 % وذلك وفقا لدراسة اجراها د/ الجوهري وتشير الي ان الذين يسكنون المقابر ممن يعملون بالاعمال المتصلة بالمقابر تبلغ نسبتهم 5.5 % والموظفون تبلغ نسبتهم 9.4% والعيش داخل هذه الاماكن يتسم بالعزلة الاجتماعية التي تعد سمة من سمات حياة المقابر مثل الخوف من بعض المعتقدات مثل الجن والعفاريت وهي تعتبر بؤر شديدة التخلف علي المستويات الاجتماعية والاقتصادية لارتفاع معدلات البطالة والامية بالاضافة الي انهم يفتقروا ابسط الحاجات الانسانية ، فضلا عن تمركز المجرمين وتجمعهم داخل هذه الاماكن ووالعيش داخل هذه الاماكن يخلق نوعان من الشعور اما تبلد المشاعر واثارة دوافع القتل والعنف والحقد علي المجتمع او مشاعر الاكتئاب والخوف والفزع الشديد وكلاهما قد يدمر حياة الانسان.أما عن رأي الدين في سكان المقابر فأكد الدكتور محمد فؤاد - استاذ الشريعة الإسلامية - : ان للمقابر والموت حرمة وقدسية خاصة ولا يجوز التعدي عليها فكل ما نراه من اساليب العيش فوق المقابر حرام شرعا فهناك حديث للرسول - صلي الله عليه وسلم - ألا يجلس احدكم علي جمرة فتحرقثيابةفتخلص الى جسدة خير لهمن ان يجلس على قبرة