النهار
السبت 14 يونيو 2025 01:09 صـ 16 ذو الحجة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

الإرهاب والإرهابيين.. صـــــــــــناعة أمريكية

لماذا صمت العالم أمام مقتل الأسرة المسلمة؟

الإرهاب لا دين ولا وطن ولاهوية له، ولكن رغم ذلك ، نجد أمريكا والعديد من الدول الأوربية بمجرد وقوع أى حادث إرهابى، فى أوروبا أو أمريكا، سرعان ما يلصقون التهم بالعرب ويشيرون بأصابع الاتهام إلى الإسلام.. الغريب أن هناك العديد من التقارير والأبحاث التى تؤكد أن معظم الجماعات الإرهابية ما هى إلا صناعة أمريكية وأوروبية ، ليس هذا فقط، بل إنه فى حالة تعرض أمريكى أو أوربى لحادث يقولون الإرهاب الإسلامى، فى حين عندما يتعرض مسلم أو عربى لحادث إرهابى يصمتون ولا يعرفون أى شىء عن حقوق الإنسان أو حقوق بنى آدم، إنها أمريكا معصوبة العينين التى لا ترى إلا ما تريد أن تراه ولا تسمع إلا ما تريد أن تسمعه.

الملف التالي يستعرض الدول المصدرة للإرهابيين عربيا ودوليا، كما يستعرض آراء متخصصين فى الصمت العالمى عن الحادث الإرهابى الأخير الذى استهدف أسرة مسلمة من قبل ملحد متطرف، ويستعرض الملف أيضا تقريرا لمركز بصيرة حول آراء المصريين فى أسباب العمليات الإرهابية التى تحدث فى سيناء .

 

عنصرية جديدة بدأت تطيح بالعالم لم تعد هى الفوبيا التى يعتقدها البعض أو أن العالم يخشى من كل ما هو إسلامى ولكنها هى العنصرية غير المبررة والتى تطيح بكل ما هو إسلامى دون مسئولية أو مساءلة أو حتى أدنى شعور بالذنب، تلك العنصرية التى أسمت ما حدث فى فرنسا حادثا إرهابيا واعتبرت ما حدث فى أمريكا خلافا على مكان سيارة. من قتل منكم أجنبيا فهو إرهابى عدو للحياة تقام الحروب من أجل الثأر منه . ومن قتل منكم عربيا فهو مجرم يقدم للعدالة ليأخذ القانون مجراه.

يشجع ذلك ويـأخذ بيده منظومة إعلامية عالمية لها القدرة على تبديل الحقائق فى لحظات، ولها القدرة على تحويل الحق إلى  ضلال والعكس، تقف هذه المنظومة متكاتفة مع العنصرية الجديدة لصنع عالم جديد، بل إن الأمر وصل إلى  حد السخرية من صمت الرئيس الأمريكى وإدارته، وفي لندن احتشد عدد من الأشخاص الخميس أمام مقر هيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي"  للاحتجاج على عدم تخصيصها أخبارا بالشكل الكافي عن حادث قتل ثلاثة مسلمين في ولاية كارولينا الشمالية.

وأطلق مجموعة من الأشخاص حملة أطلقوا عليها اسم " قف ضد العنصرية" ، وقاموا بوقفة احتجاجا على عدم تغطية " بي بي سي"  حادث مقتل المسلمين الثلاثة كما ينبغي.                  

واتهم المحتجون المؤسسة البريطانية بالصمت حيال قتل المسلمين الثلاثة وهم يرددون هتافات مناهضة للعنصرية ولظاهرة " الإسلاموفوبيا" ، وذلك من قبيل " كفوا عن إظهار المسلمين كإرهابيين" ، و" حياة المسلمين مهمة أيضا" ، و" لا للإسلاموفوبيا" ، و" ليذهب الإسلاموفوبيا إلى  الجحيم" .

وأشاروا إلى  أن " وسائل الإعلام الغربية والعالمية دائما ما تتهم المسلمين بكونهم إرهابيين وتتسابق في نشر مثل هذه الأخبار، لكن حينما يذهبون هم ضحايا للإرهاب نراها تصمت ولا تحرك ساكنا" .

إدانة سرية

الاستنكار وكل مظاهر الاعتراض أصبحت تتم من خلال وسائل الإعلام المقابلة التى تدعى الشفافية والحياد!..بهذه الكلمات بدأ الباحث والأستاذ الجامعى محمد بسيونى خبير حقوق الإنسان كلامه قائلا: نعم الإدانة أصبحت سرية, تتداولها المواقع الإخبارية وشبكات الإعلام المحلية ولا عزاء لحقوق الإنسان التى تسأل أول ما تسأل عن من هو هذا الإنسان وهل هو عربى أو أجنبى, مسلم أم مسيحى أم بلا دين, أين يعيش فى الشرق أم فى الغرب, وكلما زادت التساؤلات تأكد انه لا حقوق محايدة لاى إنسان !!

وأضاف بسيونى أنه بتحليل بسيط لكل ردود الأفعال ذات الصلة نجدها تمت بشكل هادئ وكأنه سرى حتى إن وسائل الإعلام المصرية تناولته هى الأخرى بشكل هادئ نظرا لأحداث التفجيرات المتلاحقة التى تشهدها شوارع القاهرة, فمثلا نجد وكالة الأناضول الإخبارية قد تلقت من إبراهيم نجم مستشار المفتى إدانة واستنكارا لهذا الصمت العالمى الراهيب، وتجاهل الإعلام الأمريكي مقتل هذه الأسرة المسلمة، وتساءل لو كان القاتل مسلماً فماذا ستكون ردة الفعل؟! مع إدانتنا ورفضنا لكل عمل إرهابي

مؤكدا أن قتل الطلاب " جريمة إرهابية عنصرية بكل المقاييس تكشف عن الوجه القبيح للإسلاموفوبيا التي زادت وتيرتها مؤخرا في العالم"، مطالبا بالقصاص من الجانى .

كما طالب السلطات الأمريكية بإدانة هذه " الجريمة الإرهابية على كافة المستويات الرسمية والشعبية والإعلامية" ، مشيراً إلى  أن هذه " الجريمة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإرهاب والقتل والعنصرية لا دين ولا وطن لها" .

كما أدان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة يوسف القرضاوى مقتل أسرة مسلمة على يد مواطن أمريكي بولاية نورث كارولينا الأمريكية، مستنكرا حالة تجاهل الإعلام الغربي لهذا " الحادث الإرهابي الآثم".

محذرا من عدم مواجهة هذه الاعتداءات بالإجراءات القانونية اللازمة، والاهتمام الإعلامي المطلوب، وتجاهلها، أو التهوين منها، وذِكر أسباب غير حقيقية لها، لأن هذا نوع من الإغراء لأصحاب هذه الأفكار والسلوكيات المتطرفة لارتكاب مزيد من الجرائم" .

وقال الاتحاد إنه " يدين هذه الحادث المجرم، ويعتبره حادثا إرهابيًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، ويتقدم بالتعازي لأسر الضحايا ومحبيهم، ويدعو الله لهم بالرحمة والمغفرة، ويدعو الجهات الرسمية والإعلامية إلى  إدانة الحادث، اتفاقا مع القيم الإنسانية".

واستنكر الاتحاد "حالة التعتيم الإعلامي والرسمي المتعمدة في الغرب تجاه هذا الحادث الأليم، وعدم تناوله كما يتم تناول قضايا يقوم بها المسلمون، أو يشتبه في قيامهم بها، مما يعكس ازدواجية المعايير وتردي القيم والمبادئ والعدالة" .

وطالب الاتحاد الولايات المتحدة "بعدم تهميش القضية، والإفصاح عن التحقيقات الجارية فيها أمام الرأي العام العالمي، وعدم تصدير أسباب وهمية، وكأن الحادث وقع لشجار قديم حول موقف السيارات."

أما منظمة التحرير الفلسطينية فوصفت الحادث بـ"الجريمة البشعة وأن قتل الفلسطينيين الثلاثة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقع على خلفية التعبئة الفاشية، والدعاية التي تديرها بعض الأوساط اليمينية المتطرفة وأوساط في اللوبي الصهيوني، ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين هناك".

النسيان

وعلى الجانب العالمى نجد أن التويتات هى سيدة الموقف فى إدانة هذا العمل الارهابى فنجد مئات التويتات على موقع تويتر ومئات المنشورات على موقع الفيس بوك تدين هذا العمل الإرهابى وتطلب الإفصاح العالمى عن الاسباب الحقيقية رافضة هذا التكتيم الاعلامى الظالم لهؤلاء الأبرياء.

واعتبر بسيونى أنه بهذا التكتيم  الاعلامى سوف تموت الحقيقة وهو الأمر الذى يلعب عليه الغرب، ولكن كل تعصب إرهاب مهما كان موطنه وديانته ومهما حاول الكبار اللعب على نسيان العالم.

أكبر دولة إرهابية

أما الدكتورة مها يوسف خبير حقوق الإنسان بأحد المراكز الحقوقية فترى أن أمريكا هى أكبر داعم للإرهاب فى العالم فهى مع شريكتها إسرائيل يتزعمان منظومة لمسح الهوية العربية وأكبر سلاح لهم في ذلك هو الإعلام فأمريكا التى تتجاوز كل الحقوق الدولية والإنسانية وتتعدى حدود الدول للقبض على مجرم متهم فى قضايا ترويع وانفجار أو أى حوادث إرهابية بل ونجدها تتعامل بكل وسائل التعذيب الممنوعة والمجرمة والوحشية القاسية مع المتهمين، تتجاوز فى الوقت الذى تريده وبالشكل الذى تريده عن أى حادث آخر لا يروق لها.

وتضيف مها أن الفرق بين الحادثين، بغض النظر عن مكان الحدث، هو ديانة القاتل والمقتول، إذ إن المقتولين في حادث " شارلي إيبدو"  مسيحيان والقاتل، بحسب، وسائل الإعلام الفرنسية، شخص مسلم، أما في حادث "تشابل هيل"  فإن القاتل ملحد والمقتولين 3 طلبة مسلمين، ضياء بركات هو طالب سنة ثانية في طب الأسنان وأن يسر محمد أبو صالحة كانت تعتزم بدء دراستها في الخريف، ورزان أبو صالحة طالبة في جامعة كارولينا الشمالية".

وما بين كل هذه الأحداث لم يعط الإعلام الغربي، ولو جزءا صغيرا، من التغطية التي أعطاها لحادث " تشارلي إيبدو" ، فلا بث مباشر على مدار الساعة ولا ردود أفعال، مما جعل بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ينتقدون الأمر، قائلين إنه إذا قتل مسلما أصبح "إرهاب"  أما إذا قتل غير مسلم فهي "جريمة كراهية". وهو الأمر الذى يثير الجدل والاستفزاز لمشاعر الناس فى العالم ولكن تمر الأيام وتضيع الحقوق التى لا ينادى أصحابها بها.

 

35 %من المصريين يرجعون تفجيرات سيناء إلى التطرف الدينى

أجرى المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) استطلاعاً لرأي المصريين حول الأحداث الإرهابية التي شهدتها مصر خلال الشهور الماضية، وكذلك الهجمات التي حدثت في سيناء في نهاية شهر يناير الماضي..

وتشير نتائج الدراسة إلى أن المصريين منقسمون في الحكم على أسباب التفجيرات التي شهدتها مصر خلال الشهور الماضية حيث يرى 33% من المصريين أن السبب وراء هذه التفجيرات التطرف الديني بينما يرى 35% أن هناك أسبابا سياسية هي التي تقف وراء هذه التفجيرات، و6% يرون أسبابا أخرى لهذه التفجيرات بينما 26% أجابوا بأنهم لا يستطيعون تحديد السبب.

وبالرغم من عدم وجود اختلاف بين الحضر والريف في نسبة من يرون أن التطرف الديني هو سبب هذه التفجيرات ترتفع نسبة من يرجعونها لأسباب سياسية من 30% في الريف إلى 41% في الحضر، وفي المقابل تنخفض نسبة من أجابوا بأنهم لا يستطيعون التحديد من 33% في الريف إلى 18% في الحضر. كما ترتفع نسبة من يرجعون التفجيرات لأسباب سياسية من 30% في الوجه البحري إلى 37% في الوجه القبلي و45% في المحافظات الحضرية.

وبينما يرى 35% من الشباب في العمل من 18-29 سنة أن التطرف الديني هو السبب وراء هذه التفجيرات و41% يرجعونها إلى أسباب سياسية يرى 44%  من الذين بلغوا من العمر 50 سنة فأكثر أن التطرف الديني هو السبب وراء هذه التفجيرات و23% فقط يرجعونها إلى أسباب سياسية.

ومع ارتفاع المستوى التعليمي يزداد الميل إلى الاعتقاد بأن هناك أسبابا سياسية هي التي تقف وراء هذه التفجيرات حيث ترتفع نسبة من يرون ذلك من 30% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 49% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى، كما تنخفض نسبة من لا يستطيعون التحديد من 34% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 8% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى..

وبسؤال المستجيبين عمن يعتقدون أنه وراء الهجمات التي حدثت في سيناء في نهاية شهر يناير أجاب 48% بأنهم لا يعرفون، و24% يرون أن الإخوان المسلمين هم من قاموا بهذه الهجمات بينما ذكر 9% جماعات إرهابية أخرى داخل مصر و18% جماعات إرهابية أخرى خارج مصر، و12% يرون أن هناك دولاً تقف وراء  هذه الهجمات حوالي نصفهم يرى أنها قطر بينما حوالي الثلث ذهبوا إلى التفكير في أمريكا والثلث في إسرائل والثلث في تركيا، بينما 4% ذكروا أن حماس هي من تقف وراء هذه الهجمات.

وترتفع نسبة من يرون أن الإخوان المسلمين هم من قاموا بهذه الهجمات من 21% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 28% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى، كما ترتفع نسبة من يرون أن هناك دولا وراء هذه الهجمات من 10% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 18% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى..

وقد تم سؤال المستجيبين عما إذا كانوا يرون أن الإجراءات التي قامت بها الدولة للرد على هذه الهجمات مناسبة أم لا، وأجاب17% بأن الإجراءات مناسبة جداً و31% يرونها مناسبة بينما 15% يرونها غير مناسبة و14% يرونها غير مناسبة على الإطلاق و23% أجابوا بأنهم لا يعرفون.

وترتفع نسبة من يرون هذه الإجراءات غير مناسبة من 22% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 47% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى، وفي المقابل تنخفض نسبة من يرونها مناسبة من 38% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 35% بين الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى.

وقد تم إجراء الاستطلاع باستخدام الهاتف المنزلي والهاتف المحمول على عينة حجمها 1024 مواطناً في الفئة العمرية 18 سنة فأكثر غطت كل محافظات الجمهورية، وقد تمت كل المقابلات يومي 1 و2 فبراير 2015. وبلغت نسبة الاستجابة حوالي 53%..

 

الدول المصدرة للمتطرفين الإرهاب

تعد ظاهرة الإرهاب من أخطر المشكلات التى تواجه العالم بأسره سواء كانت بلادا إسلامية أو غير ذلك، فقد هز أركان العالم وأصبح يهدد كل البلاد، ولكن الجدير بالذكر أن البلاد العربية الإسلامية كان لها النصيب الأكبر من خطر الإرهاب، فقد وصل إلي حد لم يصل له من قبل, حيث أصبح أقوي من بعض البلدان, فقد استطاع أن يدمر سوريا والعراق وليبيا،  واستغل ما حدث من اضطرابات في الأنظمة داخل البلاد خاصة بعد ثورات الربيع العربي، حتى يستمد من ذلك قوته واستغلت الجماعات الإسلامية المتطرفة ذلك من أجل العمل علي مساحة أوسع وأخذت من الفوضي أرضا صلبة للوقوف عليها.

وانتبهت كافة الدول إلي هذه المشكلة باحثين عن منبعها, متهمين بلادا بعينها بأنها هي التي ترعى الإرهاب وتحتضنه، وكذلك وجدنا الكثير من الدراسات الأوربية التى تدرج البلدان المصدرة للعناصر الإرهابية، وتعد سوريا والعراق وليبيا أكثر البلاد المتضررة من الإرهاب في الوقت الحالي، وقد اتهم المشرف العام علي قوات الحشد في العراق هادي العمري تركيا والأردن بدعمهم لداعش .

وكذلك جدد المندوب السوري الدائم لدي الأمم المتحدة الجعفري مطالبته مجلس الأمن الدولي بمحاسبة الدول الراعية للإرهاب في بلاده، واتهم الجعفري في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك دول السعودية وقطر وتركيا بدعم وتدريب وإرسال المسلحين في سوريا .

وتعد بلجيكا وخاصة فنلندا الاسكندنافية هي الأعلي في نسبة التجنيد من أبناء الجاليات المسلمة فيها، وقد أكدت تقارير أمنية أوروبية أن فيينا أصبحت قبلة جهاديي أوروبا ونقطة تجمعهم في طريقهم إلي سوريا عبر البلقان ثم تركيا .

وكذلك لم تخلُ السويد من تصدير الإرهاب حيث إنها صدرت أحد أهم قادة "حركة الشباب الصومالية "فؤاد شغولي الذي يحمل الجنسية السويدية، وكان مقيماً فيها لسنوات طويلة, تمكن خلالها من جمع الكثير من التبرعات .

وفي هذا الإطار نجد العديد من التقارير الأوروبية التى وجهت إدانات لبعض البلاد العربية في تصديرها للعناصر الإرهابية، فقد أشار تقرير أمريكي إلي أن تونس والسعودية والمغرب في مقدمة الدول المصدرة للإرهاب، وكشف تقرير للمركز البريطاني للأبحاث "بوي" أن تونس جاءت في المركز الأول عالمياً من حيث تصدير المسلحين لسوريا للقتال في صفوف داعش وتأتى من بعدها السعودية ثم المغرب .

حيث بلغ عدد المقاتلين المغاربة في كل من سوريا والعراق 1122 شخصاً، وبأن 200 منهم قتلوا، وتم اعتقال 128 شخصاً أثناء عودتهم إلي بلادهم، وعدد المغاربة الذين قاموا بعمليات انتحارية 20 شاباً .

وذكر التقرير، أن تونس احتلت المرتبة الأولى على الصعيد العالمي في تصدير المسلحين نحو سوريا حيث بلغ عددهم ثلاثة آلاف مقاتل. أما السعودية فقد خرج منها أكثر من 2500 شاب قاصدين سوريا من أجل القتال إلي جانب الجماعات الإرهابية، أما الأردن فقد خرج منها 1400 شابا .

أما في الدول الأوروبية فتحتل فرنسا الصدارة, كأكثر البلاد الأوروبية تصديراً للعناصر المتطرفة, بأكثر من 700 شاب فرنسي، حسب تقرير المركز البريطانى، ثم أتت بريطانيا في المركز الثانى بحوالي 500 شاب مقاتل .

وفي هذا الإطار يري خالد الزعفراني الخبير في الحركات الإسلامية، أنه لا توجد بلاد راعية للإرهاب أو تناصره، وإنما هى ترعاه لتحقيق مصالح لها، وتتعدد المصالح بين الدفاع عن بلدها أو محاولة تفتيت دول أخري قوية تعاديها، أو لخلق قوي منافسة لقوي إقليمية .

فالتقرير البريطانى الذاكر أن تونس والسعودية والمغرب هم دول مصدرة للإرهاب، هو تقرير غير دقيق، لأن الإرهاب الموجود ترعاه العديد من الدول، فالإرهاب الأول يتمثل في داعش والتى ترعاه تركيا وهناك دول إقليمية أخري تقدم له الدعم .

وأضاف أن دول أوروبا الغربية وأمريكا لم تأخذ موقف واضح من داعش، وواضح أن هذه الدول تتعامل بحسابات وموازين مختلفة مع هذه الجماعات لتحقيق مصالح إستراتيجية، ففي ليبيا علي سبيل المثال وجدنا حلف الناتو قام بضرب ليبيا وقذف القذافي بضربات جوية متتالية، أما الآن وفي وسط كل ما تشهد ليبيا، التى أصبحت من أكبر معاقل الإرهاب وأكثر البلاد المتضررة منه، لم يقم حلف الناتو بضرب هذه الجماعات أو المساعدة في ذلك .

كما أن هذه الجماعات الإرهابية تقوم بتصديرالبترول إلي الدول الأوروبية وتقوم هذه البلاد بشرائه، مما يدعمهم أكثر ويقوم بتوفير التمويل لهم، مما يساعدهم علي القيام بعمليات إرهابية أكثر .

وتعد أمريكا وغرب أوروبا وتركيا وبعض البلاد الإقليمية، هي الدول الداعمة للإرهاب والمستفيدة منه من أجل تحقيق مصالحها الفردية .

أما أحمد بان القيادى السابق بجماعة الإخوان، والخبير بشئون الحركات الإسلامية, فيري أن المواجهة الفكرية هي مواجهة متشعبة تأخذ في الاعتبار، استعادة حيوية مؤسسات التنشئة سواء كانت وزارة التربية والتعليم والأزهرالشريف الذي يبث الخطاب الدينى الوسطى ويقف ضد التطرف، ووزارة الأوقاف وسيطرتها علي المساجد وتقديمها للخطاب الدينى المعتدل، وزارة الإعلام ووزارة الثقافة وما تقدمه من مواد تشتبك مع الوجدان المصري، كل هذه عناصر تنهي علي التطرف الفكري الذي يغذو العالم، لذلك يجب استعادة الحد الأدنى من حيوية هذه المؤسسات، وانشغالها برعاية العقل والوجدان من جديد، بالشكل الذي يحصن شبابنا من هذا الفكر المتطرف ويبنى قدرتهم الفكرية وتصوراتهم بشكل ناضج يجعلهم أقوي من أن يتم استقطابهم من قبل هذه المجموعات .

وتابع: أما فكرة وجود دول راعية للإرهاب، لا أتصور أن هناك دولة في العالم معنية برعاية هذا الفكر، وإنما الفكرة أن بعض أجهزة المخابرات في العالم توظف هذه الجماعات لخدمة أهدافها ومصالحها السياسية، ولكنها في نفس الوقت غير معنية بإنتاج هذا الفكر، بل إنها مستغله له ليس أكثر، فالمسئولية تقع علي المؤسسات الاجتماعية التى غابت عن أداء دورها وتركت شبابها فريسة لمثل هذه الجماعات .

أما التطرف الفكري فهو السبب الرئيسي في مساندة هذه الجماعات، حيث إن غياب مؤسسات التنشئة الاجتماعية وخاصة بعد ثورات الربيع العربي،  أدي إلي سهولة استقطاب الشباب من قِبل هذه الجماعات، لذلك تسعي بعض المنظمات العربية إلي مواجهة التطرف الفكري الحادث، عن طريق توحيد النظم التعليمية فى مرحلة التعليم الأساسى لمواجهة الازدواجية بين أشكال من التعليم المدنى أو الدينى أو الأجنبى، لضمان تشكيل العقل العربى بدون تشرذم واضطراب والاعتماد على التوازن المعرفى بين العلوم الطبيعية والإنسانية وتربية وجدان النشء على الإبداع وترسيخ ثقافة الديمقراطية. ومواجهة الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، والحرص على تنمية التجارب الديمقراطية السليمة.

 من جانبها تري سامية خضر صالح أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن غياب الثقافة المجتمعية هى سبب رئيسي لسيطرة الفكر المتشدد علي العقول والقلوب في مصر وفي العالم العربي، ويعد الإعلام من أكثر المنظمات والوسائل المسئولة عن إهدار الثقافة، فقد ترك الموضوعات الهامة التى تغذي العقل والوجدان وانتبه إلي قضايا غير هامة نهائياً، فنحن الآن ليس لدينا توجه ثقافي قوي، بدليل أنه لو سألت طالبا في كلية اللغة العربية عن يحيي حقي فلن يعرفه،  فلم ينتبه أحد الي التراث الذي هو جزء من ثقافتا، وأصبح الكتاب والمفكرون، ذوى العقليات الرائعة والفكر العالي المعتدل المبدع، لا يحظون بأى اهتمام، لذلك يكون داخل الشباب فراغا، يساعد الجماعات المتطرفة علي استقطابهم، والتأثير علي عقلياتهم .

فالثقافة أصبحت هشة، والانسان بدون ثقافة كالجسد بدون مناعة، من السهل ان يصاب بأي مرض،  لذلك فانعدام الثقافة ادي إلي سهولة إصابة العقل بالأمراض.

أما إنشاد عز الدين عز الدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، فاعتبرت أن الخلل في التنشئة الاجتماعية هو السبب الرئيسي في الانحرافات السلوكية، فالشخص السوي هو الشخص المتسق مع نفسه في أفعاله وتصرفاته ولديه القدرة علي أخذ القرار في الوقت المنسب.

لذلك مع حدوث اي خلل في التنشئة نتيجة تذبذب في المعاملة بين الشدة واللين نتيجة عدم المصداقية في التعامل، وانعدام القدوة، كل ذلك من شأنه أن يجعل الشخص غير واثق في ذاته وغير واثق من نفسه، وهذا يجعله عرضة للتطرف.

كما أن للأسلوب الديمقراطي تأثير ايجابي، فيجعل له القدرة علي المناقشة وقادرا علي التعبير عن رأيه، علي عكس التربية بالأسلوب السلطوي، اي ان ينفذ الأوامر الذي تلقي عليه دون مناقشة نهائياً، فهذا يكون سهل استقطابه للفكر المتطرف، لأن اسلوب تربيته عودة علي تنفيذ الأوامر دون نقاش، فأصبح شخصا تابعا، فتربية الأبناء علي الأسلوب الديمقراطي وتقبل الرأي الآخر امر يجعل منه شخصا سوي غير تابع،  له آراؤه المستقلة، من الصعب جدا استقطابه لفكر تطرفي وإقناعه به .

كما أن انعدم العدالة الاجتماعية سبب في هذ النوع من التطرف لأنه يصنع شخصيات متمردة رافضة للمجتمع ومعادية له، ويجعلها جاهزة لأي فرصة للخروج علي المجتمع ومهاجمته، فعلي الدولة أن تحاول جاهدة منح فرص متكافئة للجميع، من أجل مجتمع سوي ديمقراطي سليم.