الثلاثاء 16 أبريل 2024 06:47 مـ 7 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
رسميا.. بتروجيت اول الصاعدين إلى الدورى الممتاز بثنائية نظيفة فى شباك راية جامعة المنوفية الأهلية تنظم ندوة عن مكافحة الفساد والحوكمة زجاجة عطر بـ170 جنيها.. اعترافات المتهم الأول في رشوة الجمارك ووزارة العدل خبير اقتصادي يكشف تأثير تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي على أسعار النفط والذهب عالميا هيئة المسرح السعودية تنتج عرضا أوبراليا يعد الأضخم على مستوى العالم العربي الشرقية: حملات يومية لرفع كفاءة منظومة النظافة بالشوارع والطرق العامة محافظ الشرقية يطمئن على إخلاء العمارتين 6 و7 الآيلتين للسقوط بمنطقة النحال بمدينة الزقازيق محافظ الشرقية يُعلن بدء موسم حصاد وتوريد القمح لعام 2024 مياه الشرقية بالتعاون فرع ثقافة مشتول السوق تُنفذ ندوة توعوية عن أهمية ترشيد استهلاك المياه محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل بالديوان العام إحالة أوراق المتهمون بقتل شاب ببورسعيد بأسلحة بيضاء وحيوان يثير الرعب للمفتي إحالة أوراق المتهم بهتك عرض صغيرتين حملتا منه سفاحا ببورسعيد إلى فضيلة المفتي

فن

بالصور ..لامؤاخذة جدول حصص في فقاعة هواء

كتب : عربي أحمد 

 

 

وكأنه لحن ماهوش جميل.. وأنا جوة منه نغمة شاذة

وكأن وشي قناع مخيف..  وسط الوشوش المستفزة

وكأني مش محسوب ف وسط المعادلة

 وكأني مش مكتوب ف جملة عدلة

ماشي في الحياة زي الألف.. بس برضة ناقصني همزة

تنقصه الهمزة: كم شخص في العالم يشعر بأنه ينقصه شيء ما؟ كم شخص فشل في إيجاد ما ينقصه كي يكون كاملا في نظر المجتمع؟ كم شخص في الحياة ينغلق على نفسه وكأنه في فقاعة معزولة لا يخرج منها؟ كم شخص يحمل أسرارا مؤلمة له ولا يستطيع البوح بها؟ كم شخص يحاول أن يكون مبهرا لمن حوله ويفشل؟ أسئلة كثيرة لن تجد إجاباتها في الفيلم، ولكنك ستشارك في محاولة الوصول لحل ما في قضايا عجز الكثيرون عن حلها.

يحدث هذا لطفل مسيحي الديانة في الرابعة عشرة من عمره، حيث يتعرض الطفل هاني عبد الله لتغيير جذري في حياته عندما يتوفى والده مدير البنك، وتكتشف والدته أن عليه الكثير من الديون، فتُضطر لنقل هاني من المدرسة الخاصة الأجنبية عالية المستوى إلى مدرسة حكومية عادية، وهناك يتعرض الطفل لصدمة حضارية كبيرة عندما يقارن بين وضعه الحالي ووضعه السابق، وتتفاقم الأمور عندما يظن جميع من حوله من مدرسين وطلبة بأنه مسلم مثلهم.

لماذا لا ندخل المدرسة لنتعرف على القصة من البداية للنهاية؟

 

الحصة الأولى: البداية

لم تكن البداية سهلة ويسيرة كما توقع البعض لفيلم يقوم ببطولته طفل، ولكننا سنرجئ الحديث عن المعوقات الرقابية إلى النهاية.

الفكرة بدأت كقصة قصيرة كتبها المخرج عمرو سلامة منذ وقتٍ طويل، وظلت عالقة في ذهنه "فيلم لامؤاخذة هو واحد من ثلاثة أفلام كتبتهم، ويعتبر هو الفيلم الأقرب إلى شخصيتي، لأن هناك الكثير من أحداث الفيلم حدثت لي بالفعل، فقد كنت أعيش في السعودية، وعندما عُدت إلى القاهرة تعرضت لأكبر صدمة حضارية في حياتي، لأن الحياة مختلفة تماماً في السعودية عن مصر، دخلت مدرسة حكومية ووجدت أنك قد تجد في الفصل ما يقارب الخمسين طالباً، بينما في السعودية لا يتخطى عدد الطلاب خمسة عشر طالباً، ولا تجد اهتمام بالزي المدرسي، لذا كانت تلك الفترة صعبة للغاية يتطلب مني فيها أن أندمج مع أشياء أراها لأول مرة في حياتي، كما أنه كان هناك مدرساً أسمه هاني سوسة مسيحي الديانة، وكان له تعامل خاص معي، كل هذه الأشياء المستجدة في حياتي أثرت فيّ بشكلٍ كبير في كتابة القصة القصيرة، ومن هنا دمجت الأحداث ببعضها وصنعت قصة، ثم بدأت أفكر فيها كسيناريو، فبدأت أضيف إليها بعض الأحداث لتزيد من محتوى القصة لتدعم الفكرة ومن ثم كتبت الفيلم وعرضته على أصدقاء لي، فوجدت أن هناك كثير من أصدقائي يقولون إن هذا العمل من أفضل الأعمال التي كتبتها وكان من بينهم المنتج محمد حفظي، ثم كتبت السيناريو بشكلٍ كامل في 2009" يحكي عمرو.

وبعد فترة من المماطلة والشد والجذب مع الرقابة بدأ العمل في الفيلم ليدق الجرس إيذانا بانتهاء مرحلة وبداية مرحلة أخرى.

 

الحصة الثانية: الاختيار

فيلم يقوم بالكامل على رؤية طفل لمن حوله، إذا فكان لا بد من أن يكون أهم الاختيارات في هذا الفيلم هو للطفل الذي سيجسد شخصية هاني عبد الله بيتر سوسة بطل الفيلم ومحرك الأحداث.. وهي المرحلة الأطول للفيلم على الإطلاق.. شهور طويلة قضاها عمرو سلامة في البحث عن أطفال يصلحون للقيام بالأدوار المكتوبة في الفيلم.

"فكرة أن الفيلم بأكمله قائم على الأطفال شيء صعب للغاية، أن تجد أطفال يمثلون ويعرفون كيف لهم أن يظهروا المشاعر التي تريد أن توصلها أمر صعب للغاية، لذا فوقت البحث استغرق حوالي 9 أشهر، رأيت فيهم ما يقارب 5000 طفل كي أختار من بينهم 5 فقط، ذلك بجانب صعوبة أن تجد الطفل الذي يستطيع أن يفعل ما تريد، وأن تفهمه كيف يتعامل امام الكاميرا. الغريب أنني وجدت أن الأطفال يسهل توجيههم عن الكبار، كما يأخذون المخاطر بشكل أكبر وبشجاعة كبيرة، خاصة عندما تصنع فيلما في زمن قصير وبإمكانيات محدودة" يتذكر عمرو سلامة فترة الاختيار.

تصفيات كثيرة خاضها أحمد داش حتى يصل للمرحلة النهائية ويصبح هو بطل الفيلم، ورغم عدم وجوده من البداية في مرحلة الاختيارات، إلا أن موهبته وذكاءه جعلاه مرشحا قويا لخوض غمار البطولة، وفي حوار طفولي يقول أحمد داش الطفل الذي يهوى لعب كرة القدم "عرفت بعد مشاركتي في عملية الكاستينج أن عمرو كان يبحث منذ حوالي 6 أشهر عن طفل ليقوم بأحد الأدوار في الفيلم، قمت بعمل أدوار إعلانية كثيرة من قبل مع أكثر من مخرج، ووقتها اتصل بي أحد العاملين في الفيلم ليخبرني أنهم يريدون عمل كاستينج واختبار لي، وبالفعل ذهبت لأول مرة لشركة The Producers Films في شارع مصدق وقمت بعمل اختبار أداء وأتذكر أنه مشهد لشخصية هاني مع شخصية مؤمن التي قام بدورها معاذ أثناء قيامه بحلق شعره، كان معي في هذا اليوم خمسة أطفال آخرين لاختبار نفس الدور، بعدها غنيت أغنية لمحمد منير وذهب، وبعدها بأكثر من يوم اتصلوا بي مرة أخرى للذهاب لمروة جبريل في المعادي وعمل كاستينج آخر هناك، وهناك وجدت طفلا واحدا آخر، ويومها قمت بأداء أربعة مشاهد أخرى مختلفة من الفيلم، ولم أكن أعرف موضوع الفيلم بالكامل، وبعدها ذهبت مرتين لـمروة جبريل وفي آخر مرة شاهدني عمرو سلامة، وكان من الواضح أنه استقر علي لأداء دور هاني، يومها تحدث معي عن الفيلم وأرسل لي السيناريو عبر الإيميل، وطبعته وقرأته، وفوجئت وقتها أن هاني هو بطل الفيلم، وهي صدمة مفرحة، وخاصة أنني كنت معجبا جدا بشخصية الطفل، ولكني كنت قلقا لأني سأتحمل كل هذا القدر من العمل، وخاصة أن الشخصية موجودة في كل مشاهد الفيلم تقريبا، ولكنني أحببت العمل مع عمرو وتدربت طويلا على أداء معظم المشاهد".

وعن اختيار كندة علوش لأداء دور الأم كريستين، وهاني عادل ضيف شرف الفيلم لدور الأب قال عمرو "لم يكن اختيارهم صعباً إطلاقاً، بل كانا من أوائل الترشيحات ووافقا بمجرد عرض الدورين عليهما. كندة كانت متعاونة جداً، حيث إن الفيلم أخذ وقتاً كبيرا في التصوير حوالي 9 أشهر من المعاناة والتعب، وهاني كان مؤمنا جدا بالفيلم وشعر من البداية أنني أتحدث عن شخصيته لأن بطل الفيلم يُدعى هاني وهو اسمه هاني، وكان في الماضي قد حكى قصة شبيهة بقصة الفيلم حدثت له في الواقع، حيث كان زملاؤه والمدرسون في المدرسة أنه مسيحي، ولم يحضر حصص الدين لفترات طويلة".

أما كندة علوش فتقول عن الفيلم "من البداية لم يتحدث معي عمرو، ولكن كان مسؤول الإنتاج الذي اتصل بي وسألني عن استعدادي للمشاركة في فيلم يدخل في إطار الأفلام المستقلة، خاصة وأن الأفلام المستقلة في مصر لها شروط خاصة في التصوير والاتفاقات وغيرها من الأمور، أخبروني أن المشروع لـعمرو سلامة وهو الذي كتبه وسيخرجه، فكان ردي أنني موافقة من حيث المبدأ ومن قبل القراءة، فأنا احترم للغاية تجربة الأفلام المستقلة في مصر وأؤمن أنها يجب أن يتم دعمها بأي شكل وبكافة صور الدعم، كما أنني احترم عمرو سلامة جدا واحترم تجربة محمد حفظي في الإنتاج، وتبقى فقط أن أجلس مع عمرو وأقرأ النص، وبالفعل جلست معه وشرح لي الفكرة وقرأت السيناريو، فوجدته مختلف جدا عن أفلام كثيرة في السينما المصرية، لديه خصوصية شديدة، أعجبني كيف أن عمرو يرى الواقع بعين طفل، كنت أشعر أنني أقرأ كل المشاهد من عين الطفل، وكأن هذا الطفل يأخذك من يدك كي تقتحم عوالم الفيلم، ومن وقت قراءتي وأنا أشعر أن شخصية الأم كريستين دورها مهم جدا في حياة الابن، ولكنها لم تكن شخصية حرة الإرادة.. فعادة أقوم أنا بخلق الشخصيات التي أقوم بتمثيلها ثم أشعر أنها حرة، ولكن هنا كان الأمر مختلفا، فهي شخصية بيني وبينها وسيط وهو الطفل، واتعامل معها من خلال الطفل. باختصار كنت في البداية متحمسة، وزاد حماسي للغاية بعد مناقشاتي مع عمرو وقراءتي للسيناريو".

 

 

الحصة الثالثة: الإنتاج

كعادته يسير محمد حفظي على الخط الدقيق الذي رسمه لشركته فيلم كلينك، فهو من ضمن منتجين قلائل في مصر يسعون لعمل وإنتاج أفلام مختلفة عن السائد في السوق، وهو مع عمرو سلامة من البداية في الفيلمين السابقين "عمرو صديق قبل أن يكون أحد المبدعين في سوق السينما المصرية، هو مختلف عن السائد، ففي كل مرة أجده يختلف عن أفلامه هو شخصياً، وهذا الفيلم أخذ مراحل طويلة حتى يدخل حيز التنفيذ، ولكنها كانت أمور خارجة عن إرادتنا. وقفنا خلفه ودعمناه من البداية في مشكلة الرقابة، حتى حصل الفيلم على التصريح الرقابي وبدأ العمل عليه، أنا شخصيا معجب بأفلام عمرو، وسأظل أدعمه طويلا" يقول حفظي.

أما عمرو سلامة فيؤكد هو الآخر على كلا حفظي قائلا "علاقتي بمحمد حفظي جيدة من قبل الفيلم، وكل شيء أكتبه لا بد من أن يطلع عليه، لأنني أحب دوماً أن أعرف رأيه بصفته صديق، وأن يرى السيناريو بصفته منتج، وعندما أوقفت الرقابة تصوير الفيلم، هدأ حفظي قليلاً ولكني حاولت مرات كثيرة من مع الرقابة حتى حصلت على الموافقة وفزت بمنحة من وزارة الثقافة لإنتاج الفيلم، كذلك المنتج هاني أسامة تكلم معي معبراً عن رغبته لإنتاج فيلم لي عبر شركته The Producers Films، ومن هنا شارك محمد حفظي في إنتاج الفيلم، وكان التعامل بيننا سهلاً جدا ذلك بسبب التشابه الواضح بين شخصياتنا".

كندة علوش لم تعمل من قبل مع حفظي وشركة فيلم كلينك، ولكن من الواضح أنها كانت تنتظر هذا الأمر منذ زمن "قبل أن أعمل في التمثيل ككل كنت أعرف هذه الشركة، وأنا في المطلق أحب الناس الذين يريدون يقدموا أشياء مختلفة، وكذا في السينما، وحتما فإن فيلم كلينك من هذه النوعية منذ بدايتها وحتى الآن، واستطاعت خلال سنوات عملها أن تخلق خطا مختلفا تماما عن السائد، فعندما تتحكم شركات الإنتاج في السوق، ومع ظروف البلد التي فرضت شكلا معينا من الأفلام؛ بمعنى أن هناك من يقول أن هناك من يقول الآن أن الجمهور لن يدخل سوى أفلام كوميدية أو شعبية أو أكشن، وتأتي شركة وتقول أنها لن تنصاع لهذا التصنيف وستقدم سينما مختلفة ولن يفرض عليها أحد ذوقه، سينما محترمة وجيدة والعامل الفني هو الهدف الأساسي لي، وأن تقدم فرصا لمخرجين جدد أو مخرجين يقدمون أشكالا وأفكارا سينمائية مختلفة، ولا يحكمها شباك التذاكر ولكن ما يحكمها هو التجربة الفنية المحترمة. هذا الأمر أنا احترمه للغاية، وقد شاهدت معظم أعمال فيلم كلينيك، وهي تجارب بالفعل تستحق الاحترام، حصلت على جوائز ووضعت اسم مصر في المهرجانات وأشاد بها النقاد، والآن أنا احترمها أكثر وأكثر، وهو الأمر الذي أكرره دائما بعدما عملت معهم، فنحن في وقت السينما تعاني من كل شيء، قلة أفلام، وطغيان شكل واحد أو اثنين من الأفلام، وقلة الجمهور الذي يذهب لدور العرض، وفي هذا الوقت تقوم الشركة بإنتاج 4 أفلام في عام واحد، فبالنسبة لي يجب أن أقف باحترام عند هذه التجربة، وكل الأفلام كانت متميزة ومختلفة.. في نفس الوقت الذي خاف فيه منتجون كبار جدا من العودة للعمل، هو أمر يستحق الاحترام، وأحب أن أكون جزءً وأشارك في هذه المنظومة".

 

فسحة

وفضلت أدور وألف       همزة بتستني ألف
مجرد حرف وحيد        كان نفسي أئتلف

ألف نزلت م السطر      نزلت تشرب م البحر
كان خطي كتير بيميل    مستني يلاقي البر

التصوير لم يكن مثل الفسحة على الإطلاق، كان الفيلم الأصعب، هل تتخيل التعامل مع 300 طفل عليك السيطرة عليهم وجعلهم ينفذون ما تريد؟ هذا هو الأمر الأصعب الذي واجه عمرو في حياته "قبل أن أتكلم عما حدث في المدرسة، هناك أمر أهم وهو ديكور المدرسة نفسه، التصوير استغرق في هذه المدرسة 15 يوما، حيث كان من المفترض أن يتم هدم تلك المدرسة وأوقفنا أمر هدمها لنصور فيها، لذا أخذت وقتاً كبيراً ومجهودا كبيرا في عمل الديكور الخاص بها، بينما استغرق التصوير في البيت حوالي عشرة أيام".

أما الأمر الأصعب فكان في التصوير نفسه، يستكمل عمرو "فناء المدرسة بالنسبة لي كان الجحيم الأكبر، وكذلك السيطرة على 50 طفلاً في فصلٍ واحد أمر صعب جداً، والطفل لا يعرف مسؤولية عمل الكاميرا، وأن المشهد سيُعاد مرة أخرى، كذلك كانت هناك أوقات يأتون لك بأطفال غير الذين صورتهم مسبقا، فتجد أن الأمر مكشوف جدا وواضح أن الأطفال متغيرون، وكذلك عندما يتكلم طفلان في آخر الفصل فيُعاد المشهد بأكمله، ولكن التصوير في البيت كان سهلا لأنه مكان مغلق". استغرق الأمر وقتا حتى استطاع المخرج أن يسيطر على هذه المجموعة الفوضوية، "المساعدين رأوا الويل، من أشياء مثل أن تطلب من طفل أن يأتي بملابس معينة خاصة بالمشهد وينسى، ولكن في نهاية الأمر حدثت علاقة جيدة بيني وبين الأطفال، وبدأت أحفظ أسمائهم جميعاً، وذلك بعد أن خرجت في أحد الأيام عن شعوري وصرخت وخرجت وجلست في السيارة حتى أهدأ.. كانت أياما صعبة للغاية بالفعل" يضيف عمرو.

تصوير الفيلم أخذ حوالي 5 أسابيع تصوير، وتم تصوير معظم المشاهد في منطقة مصرالجديدة بالقاهرة، المدرسة كانت هناك وكذا مشاهد الكنيسة والشوارع، أما المنزل فكان في بيفرلي هيلز.

يسترجع عمرو هذه الفترة قائلا "الفيلم مرهق جدا، والجميع تعب جدا معي، فالتحكم في الأطفال مرهق سواء في الفناء المدرسي أو في الفصل، كذلك عند تحفيظهم الحوار، وذلك بجانب الممثلين الذي آمنوا بالفكرة وحاولوا دعمها، وتقديرهم التام بأن الفيلم مرهق ولابد من بذل أقصى جهد حتى يخرج مثلما نريد، ذلك بجانب الظروف الإنتاجية الصعبة والإمكانيات المحدودة، وهناك الكثير من الأشخاص لا بد لي من أن أشيد بهم، مثل بيومي فؤاد الذي أدى دور الناظر وسامية أسعد التي أدت دور المدرسة، ومحمد عادل مدرس اللغة العربية، ورامي غيت مدرس الألعاب، فهؤلاء الأربعة تعبوا كثيرا من أجل هذا الفيلم وأنا أقدر لهم ذلك".

أما كندة فقد تعاملت مع الأطفال بشكل أسهل "كنت أعمل معهم أثناء وجودي في سوريا قبل احتراف التمثيل، ورغم أن الأطفال في سن هاني بطل الفيلم هم الأصعب، ولكن التجربة كانت بالنسبة لي ممتعة، فعالم الأطفال بكل شقاوته أكثر براءة من عالم الكبار، لا يوجد زيف ولا رياء ولا وجوه متعددة.. وبالنسبة لـأحمد داش فقد كان بالنسبة لي طفل شديد الذكاء والموهبة والحضور والخصوصية، مختلف ومميز للغاية، وكنت مستمتعة بالعمل معه، ولكنني أقدر بالفعل التعب الذي واجهه عمرو سلامة لأن المطلوب منه كان أكثر مني بكثير، وهو السيطرة على أطفال بعدد كبير للغاية، كما أن عملي في المدرسة اقتصر فقط على مشهدين، وباقي مشاهدي كلها في الغالب كانت مع الطفل أحمد فقط".

 

الحصة الرابعة: الكواليس

رغم صعوبة التصوير، إلا أن الكواليس كانت مليئة بالمواقف الكوميدية الكثيرة والنابعة من الطفل أحمد داش، ففي أحد الأيام ولأنه كان يشعر بالجوع ذهب إلى عمرو سلامة وأخبره أن الإنتاج أخبر فريق العمل بأن وقت الأكل والراحة قد حان، وذهب داش ليكمل القصة ويخبر مساعد المخرج بأن عمرو قرر أن وقت الراحة الآن، ليصنع هو في الوقت الذي جاع فيه، ويتورط الجميع فيهذا الأمر (وهم لا يعرفون هذه الخدعة حتى الآن، وإلى أن يقع هذا الكتيب في أيديهم).

المرة الأخرى كانت متعلقة بكرة القدم، عندما لم يذهب أحمد للتصوير رغم تحديد موعد مسبق لأنه كان مرتبطا بموعد التمرين في النادي، ووقتها حاول أن يصالح عمرو سلامة لفترة طويلة حتى سامحه.

أحمد في اليوم الثاني للتصوير في البيت طلب طلبا غريبا، فقد كان مطلوبا منه أن يبكي وهو يتذكر والده ويصلي للمسيح، وأعاد المشهد أكثر من مرة وفي النهاية طلب من عمرو أن يقوم بالتصوير الحد الأدنى من طاقم العمل (Minimum Crow)، أي يخرج الجميع ليتبقى المصور ومهندس الصوت وعمرو فقط.. ورغم مفاجأة عمرو من هذا الطلب، إلا أنه نفذه له وأخرج الجميع من المكان بأمر أحمد في ثاني أيامه بالتصوير.

يستمر أحمد في سرد حكايات حدثت له أثناء تصوير الفيلم، ومنها مشهد بين هاني ومؤمن صديقه وعلي بلطجي الفصل، والذي تمت إعادته كثيرا، وفيه يتحدث علي معه وهو يضرب مؤمن على قفاه، أكثر من مرة، وبعد أكثر من عشر مرات بكى معاذ ( الذي يقوم بدور مؤمن) بحرقة قائلا لعمرو "اشمعنى أنا اللي أنضرب؟".. وأخذ وقتا طويلا حتى هدأ مرة أخرى.

كندة ظهرت بالمدرسة في مشهدين فقط، ومعظم تصويرها كان في المنزل، وقد كانت تواجه أمرا آخرا، وهو الاختلاف التام بين شخصيتها وشخصية كريستين التي ستؤديها "كريستين لا تشبهني، فأنا عاطفية جدا، وتظهر مشاعري على وجهي جدا، وأحنو على الأطفال للغاية رغم عدم وجود أبناء لي إلى الآن، أنا لا أدين كريستين ولا أقول أنها مخطئة، ولكنني على عكسها تماما وخاصة في موضوع الأطفال، كريستين عملية للغاية ولها طريقة معينة في معاملة طفلها، ولا تظهر مشاعرها رغم أنه من الممكن أن يكون بداخلها حنان ودفء، قاسية على ابنها، قلقي الوحيد هو خوفي من أن تخونني مشاعري وتظهر في المشهد، ففي بعض المشاهد بين الأم والطفل، والصراحة أن في بعض المرات كانت تهرب مني نظرات حنان ويطلب مني عمرو أن أعيد المشهد دون هذه النظرة لأنه يريد حدة وحيادية أكثر. الملخص أن أكثر صعوبة في الفيلم كانت ضبط المشاعر الظاهرة على وجهي".

 

الحصة الخامسة: الرقابة

خاض الفيلم صراعا طويلا للغاية مع الرقابة حتى يخرج للنور، استمر هذا الصراع لما يقرب الأربع سنوات، وبالتحديد من عام 2009 بعد أن انتهى عمرو من كتابة النص الأول وأرسله للرقابة.

"الرقابة رفضته رفضاً تاماً، جلست وقتها مع رئيس الرقابة ودار بيننا حوار ساخن جدا وسألني وقتها: أتختبرنا وتتحدانا بهذا السيناريو؟. وكانت إجابتي أن وقتي ضيق لدرجة لا تجعلني متفرغا كي أكتب خصيصا لأتحداه أو أختبره، فجلست مع أربعة رقباء ودار بيننا نقاش رهيب وانتهى بإحباطٍ تام، كانوا جميعاً يحومون حول أنهم لا يريدون أن يُدخلوا الدين في السينما بقدرٍ كبير، فتجد شخصاً يقول لا داعي للحديث عن الدين، وآخر يقول أنني أدخل الدين في الكرة، وآخر يقول أن الفيلم لا يحتوي على رومانسية، وآخر يقول أنني بهذا العمل أشوه التعليم المصري، وآخر مسيحي الديانة هذه المرة يقول إن السيناريو يُقلل من المسلمين، كلهم يقولون وكلها أسباب غير منطقية تدفع المرء إلى الجنون، خرجت من الحوار وأنا في إحباط رهيب، وقدمت تظلّما، وتوقعت أن قرار التظلمات سيكون في صالحي ويُعيد حقي، وجاء قرار التظلمات أكثر إحباطاً، فقد كان الكل رافضاً تماماً للسيناريو، ثم بدأت في فيلم أسماء وانتهيت من تصويره، بعدها حدثت الثورة فقدمت الفيلم مرة أخرى على أمل أن الثورة غيرت كثيرا في الجميع، ولكن جاء الرفض القاطع للمرة الثانية، وبعد فترة علمت أن هناك مسابقة من وزارة الثقافة، فتقدمت بسيناريو الفيلم وأخذت منحة من نفس الوزارة التي رفضت الفيلم مرتين، ووقتها وبعد منحة الوزارة وفوز الفيلم قررت أن أقدمه مرة أخرى لنفس الوزارة لعل وعسى، ولكنهم طلبوا أن أغير بعض الأشياء في محتوى الفيلم فرفضت، وقيل وقتها إن الفيلم به احتقار للمدرسين، وعندما كنت في أحد البرامج مع خيري رمضان كلمني رئيس الرقابة وقتها على الهواء وكان الحوار به حدة ما، ولكن انتهى الأمر بأن أغير في الفيلم مرة أخرى وأن ابدأ في تصوير الفيلم، وبالفعل بدأت".

كندة علوش رأيها في الرقابة مثل رأي عمرو "أنا ضد الرقابة، ورأيي لن يكون مختلفا، فليس هناك رقابة على الأفكار، من الممكن أن تكون هناك رقابة على الصورة، بمعنى عندما أقدم صورة خادشة للحياء عنف ودموية أو إيحاءات ومشاهد جنسية مبتذلة، فيها كسر للمقدسات بشكل معيب، أنا ضد هذا، ولكني ضد الرقابة على الأفكار طالما الفكر مطروح بشكل واعي وناضج ومسؤول، وعمرو سلامة يطرح أفكاره بشكل مسؤول وليس شكلا مراهقا، ليست جرأة من أجل الدعاية، فالمشكلة شعر بها عمرو وناقشها بشكل عميق.. أنا على كل حال لست في صف الرقابة".

 

الحصة السادسة: النتيجة

وماليش محل من الإعراب         وماليش مكان وسط اللمة

ساكن ف حلم طلع كداب           محتاج لحضن قوي وضمة

بيني وبين الناس فصلة               ومليون علامة استفهام

طريقي تاه ومالوش بوصلة         وعنواني ضايع م الأحلام

"أتوقع أن الجمهور سيسأل عن أشياء عدة، وسيواجهون أنفسهم بالكثير، منهم من سيغير من نفسه سريعا ومنهم من سيقول عندما أكبر سأغير، منهم من سيرى أنه يفعل الكثير من الأشياء التي تشوه مصر تشوه التعليم والأطفال وتشوه حضارة البلد، عندما كنت في البرنامج مع خيري رمضان كان هناك شخص هاتفني على الهواء يقول في حدة إننا لا نعلم كم الفلوس التي تدخل مصر لهز استقرارها وأمنها، لذا فأنا منتظر النقد الحاد للفيلم وربما ترفع قضايا وهناك ليبراليين سيرون أن هذا ليس وقته وأن هذا الفيلم يصب في صالح الأشخاص الذين يؤكدون أن بمصر مشاكل كثيرة"

- عمرو سلامة

 

"متوقعة أن يحب الجمهور الفيلم، لأنه خفيف وعميق في نفس الوقت، مبهج وفي نفس الوقت ليس تافها، يعالج موضوع مهم جدا وغير تقليدي، هذه التركيبة تعجبني، وسيلمس من يريد أن يشاهد الأفلام العميقة، وسيسلي من يريد أن يتسلى.. أتمنى وهي أمنية أن يستطيع تحقيق معادلة جيدة كفيلم يوائم بين أكثر من شريحة من الجمهور، فهو فيلم عائلي لطيف، وفيلم لجمهور الأفلام الأجنبية، وفي نفس الوقت من الممكن أن يكون فيلم للشريحة الواسعة من الجمهور الذي يريدون الضحك"

- كندة علوش

 

نفسي قوي أصرخ وأقول
أنا الفاعل ومش مفعول
أنا المعلوم ومش مجهول
أنا ضمير عمره ما هينام

 

الأغاني

تأليف: وليد عبد المنعم

ألحان وغناء: هاني عادل