الفساد يزلزل عرش أردوغان

كرة ثلج كلما تدور تكبر وتكبر لكى تفضح كل الأروقة الفاسدة المحيطة برئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، وحكومته وحزبه العدالة والتنمية، أحد أذرع التنظيم الدولd لجماعة الإخوان المسلمين.
استمر القضاء التركي فى توجيه أصابع الاتهام إلى كل المقربين والمحيطين برئيس الوزراء التركي، والذين كان آخرهم اعتقال 16 شخصًا بينهم نجلا وزيرين مقربين من أردوغان ومدير بنك مملوك للدولة، فى إطار اتهامات متعلقة بالفساد واستغلال النفوذ، لينضموا إلى نحو 52 آخرين وجهت لهم الاتهامات ذاتها.
وقالت القناتان التركيتان "إن تى فى" و"سى إن إن ترك": إن القضاء وجه اتهامات إلى نجلى وزيرى الداخلية والاقتصاد، وقرر توقيفهما إلى جانب مدير عام مصرف هالكبنك العام؛ ليصل مجموع من وجهت لهم الاتهامات حتى الآن أكثر من 60 شخصًا، معظمهم مقربون من أردوغان، وأبرزها تلك التى تطول ابن الميلياردير وأحد أقطاب البناء فى تركيا والشرق الأوسط أغا أوغلو.
وأصيب الشارع التركى بحالة من الغضب، عقب قرار رئيس الوزراء بمجموعة واسعة من الإقالات فى الشرطة، ردًا على كشفها قضايا الفساد تلك، والتى كان على رأسها إقالة مدير أمن إسطنبول وأكثر من 14 قياديًّا فى الشرطة، ووصفته بأنه مجرد تصفية حسابات للحكومة.
وأطلق أردوغان على الإقالات الشرطية بأنها «حملة تطهيرية»، وصفتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأنها للتصدى إلى أكبر تهديد لحكمه.
وزعم رئيس الوزراء التركى إنها تمثل «مؤامرة مدعومة من الخارج لتقويض سلطاته، وإقامة دولة داخل الدولة، ووصفتها بأنها تصفية حسابات واضحة، مشيرة إلى أن السبب الحقيقى لتلك الحملة هو أن المسؤولين رفضوا إطلاق قياداتهم التابعة لإخوان تركياعلى تلك التحقيقات حتى تقدموا بها رسميًّا إلى الجهة القضائية المسؤولة، خوفًا من أن يقوموا بالتكتم عليها، وطمس الأدلة الخاصة بها.
وأثارت تلك الحملة الانتقامية من أردوغان ضد الشرطة، غضب عدد كبير من نواب البرلمان، خصوصًا نواب حزب الشعب الجمهورى المعارض، وهو ما جعل النائب فى ذلك الحزب موسى كاميرا يرفع يوم الجمعة لافتة فى البرلمان ينتقد فيها تلك الحملة الانتقامية من أردوغان، ويصفه بـ"اللص" الذى غضب وخاف من أن تفضحه الشرطة.
واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن فضيحة الفساد التى تقترب شيئًا فشيئًا من رئيس الوزراء التركى، التى باتت لا تهدد حكمه فقط، بل كشفت عن انقسام يتفاقم بينه وبين حليف سابق ويمزق الحكومة.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن هذا الحليف هو الداعية التركى فتح الله جولن، المقيم فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، والذى ينتمى إلى نوع من الإسلام الصوفى، ويقال إن أتباعه يشغلون مناصب مهمة فى الحكومة التركية، بما فى ذلك الشرطة والقضاء وكذلك التعليم ووسائل الإعلام والتجارة.
وأضافت أن أردوغان يتبع الاستراتيجية ذاتها التى استخدمها فى معركته مع آلاف من المحتجين الأكثر تحررًا الصيف الماضى، بسبب مشروعات تطوير فى إحدى حدائق إسطنبول، حيث قال إنه يحارب «عصابة إجرامية» لها صلات بالخارج.
كما تزداد الضغوط الواقعة على كاهل حكومة أردوغان، بعدما كشفت شركة جوجل عن تقرير الشفافية الخاص بها أن تركيا تحتل المركز الأول من بين دول العالم التى تتقدم بطلبات لديها وتضغط على إدارتها من أجل فضح بيانات معارضيها وحذف المحتوى الخاص بالإنترنت عبر خدمات جوجل مثل محرك البحث وموقع يوتيوب والمعارض لآراء حكومة أردوغان.
وأشارت جوجل إلى أنها تلقت أكثر من 1673 طلبًا من الحكومة التركية لإزالة أكثر من 12 ألف محتوى إنترنت معارض لحكومتها.
كما أسهمت فضائح الفساد تلك إلى تهاوى الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكى واليورو الأوروبى، فى ما وصف بأنه الهبوط التاريخى للعملة التركية.