صحراء الجزائر تحت وطأة النووي الفرنسي: أزمة بيئية وسياسية تتجاوز الحدود
تشهد العلاقات الجزائرية–الفرنسية توترًا متصاعدًا بعد إعادة الجزائر فتح ملف التفجيرات النووية التي نفذتها باريس في صحرائها خلال ستينيات القرن الماضي. وربط الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أي تطبيع للعلاقات مع باريس بمدى استعدادها لتسليم الخرائط الطبوغرافية الأصلية لمواقع دفن النفايات المشعة، وتحمل مسؤوليتها الكاملة عن تجاربها النووية والأسلحة الكيميائية في الجنوب الجزائري. فيما ترفض فرنسا الكشف عنها وتزداد الأزمة تصاعداً. مع بدء الهيئة الرئاسية الجزائرية خطة علمية لتطهير مواقع الانفجارات، أصبح الملف أزمة سياسية وبيئية تتجاوز حدود الجزائر تمس السيادة والأمن الأقليمي.
ويؤكد منسق اللجنة الجزائرية للتاريخ والذاكرة، محمد لحسن زغيدي :"هذه الخرائط مهمة جدا لأنها الخرائط الحقيقية التي استعملتها فرنسا في الجزائر خلال تفجيراتها وبالتالي تعتبر جزءا من الملف المتعلق بهذه التفجيرات ومن حق المعتدى عليه أن يطلع على كل ما من شانه أن يسبب أضرار مستقبلية لأبناء البلاد".
أما رئيس الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات، البروفيسور محمد هشام قارة، فيحذر من أن التفجيرات النووية ليست قضية جزائرية فقط، مشيرًا إلى أن آثارها الإشعاعية تجاوزت الحدود ووصلت إلى أوروبا ودول إفريقية.
وهنا تبرز أخطر زوايا الملف: انتشار الجزيئات المشعة مع الرياح والتيارات الرملية حوّل الصحراء الكبرى إلى مسار مفتوح للتلوث العابر للحدود. فالدراسات التي أجريت خلال العقدين الماضيين تشير إلى رصد آثار نظائر مشعة في مناطق إفريقية مثل مالي والنيجر، حيث تعتمد المجتمعات على مياه جوفية شديدة الحساسية لأي تسرّب. وفي الاتجاه الشمالي، تشير القياسات البيئية الأوروبية إلى وصول "غبار نووي دقيق" إلى جنوب القارة، ما يهدد السلسلة الغذائية ويرفع احتمالات الإصابة بأمراض سرطانية على المدى الطويل. هذا الامتداد الإقليمي جعل الخبراء يصفون الملف بأنه قضية دولية خطيرة تتجاوز حدود العلاقات الجزائرية-الفرنسية.
وعلى الأرض، تواجه الفرق العلمية الجزائرية معضلة العمل دون بيانات دقيقة، وهو ما يجعل أي خطة للتطهير عملًا ناقصًا قد يحد من المخاطر دون أن يقضي عليها. فالخبراء يؤكدون أن النفايات المشعة قد تظل خطيرة لمئات السنين، ما يفرض معالجات علمية تستند إلى خرائط أصلية لا تزال في حوزة فرنسا.
وبين الموقفين السياسي والعلمي، يظل الملف مفتوحًا، والكارثة مستمرة في صمتها الإشعاعي.


.jpg)

.png)














.jpeg)

.jpg)



