في ذكرى مولده.. لماذا يُعد كرم مطاوع الأكثر تأثيرًا بتاريخ المسرح المصري؟
تحل اليوم ذكرى ميلاد واحد من أهم صناع الوعي والجمال في المسرح العربي؛ الفنان الكبير كرم مطاوع، الرجل الذي لم يكن مجرد ممثل أو مخرج، بل قائد حركة فنية غيرت وجه المسرح المصري في واحدة من أكثر لحظاته تألقًا، و رحل مطاوع لكن بصمته لا تزال مشتعلة، وروحه الفنية ما زالت تُلهم أجيالًا كاملة حتى اليوم.
ولد كرم مطاوع في 7 ديسمبر 1933 بمدينة دسوق، قبل أن تبدأ رحلته الجادة في المعهد العالي للفنون المسرحية، ويطير بعدها إلى إيطاليا لدراسة الإخراج في أكاديمية روما، لم تكن سنوات أوروبا مجرد دراسة عابرة، بل كانت المختبر الحقيقي الذي أعاد فيه مطاوع اكتشاف نفسه وفهم المسرح بعيون جديدة، ليعود إلى مصر محملًا برؤية أكثر حداثة وجرأة.
عند عودته، لم يتعامل مطاوع مع المسرح كمنصة تقليدية، بل كمساحة مفتوحة للتجريب وإعادة صياغة علاقة الجمهور بالعرض الفني، وكان أول من وضع الإضاءة والديكور والإيقاع الحركي في مقدمة عناصر التشكيل المسرحي، وجعل من الإخراج عملية إبداع كاملة، تتجاوز تنسيق المشاهد إلى خلق تجربة حية تلامس فكر المتلقي ووجدانه في آن واحد.
قدم مطاوع قراءة معاصرة للنصوص الكلاسيكية، وأعاد إحياءها بروح جديدة ألهمت الجمهور والنقاد، وغير طريقة تعامل الممثل مع دوره، مؤمنًا بأن الممثل شريك في الخلق لا مجرد منفذ للتعليمات بهذه الفلسفة، صنع أجيالًا من الفنانين الذين حملوا رؤيته واستثمروا في مدرسته الإبداعية، لتستمر تأثيراته حتى بعد رحيله بسنوات طويلة.
لم يكن كرم مطاوع مجرد عقل مبدع، بل شخصية راقية تجمع بين قوة الفكر ورهافة الحس، واستطاع أن يحافظ على مكانته واحترامه الفني حتى في أكثر المراحل صعوبة وفي المعهد العالي للفنون المسرحية، ترك إرثًا إنسانيًا قبل أن يكون فنيًا، فكان مربيًا وصاحب رؤية يؤمن بأن الفن لا يزدهر إلا مع الانضباط والثقافة والوعي.
وعلى المستوى الشخصي، مر مطاوع بمحطات إنسانية مؤثرة، كان أبرزها زواجه من الفنانة سهير المرشدي، ثم زواجه القصير من الفنانة المعتزلة ماجدة الخطيب، قبل أن يرحل عام 1996 بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا لا يزال شاهدًا على عبقريته ومكانته الاستثنائية في تاريخ الفن العربي.


.jpg)

.png)



.jpg)



