القصة الكاملة لطلب نتنياهو العفو ماذا يحدث داخل إسرائيل الآن؟
كشف الدكتور محمد وازن، خبير الشئون الإسرائيلية والدراسات الاستراتيجية عن القصة الكاملة لطلب بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي العفو، موضحاً أن إسرائيل تعيش هذه الأيام واحدة من أخطر لحظاتها السياسية والقضائية منذ تأسيسها، فبعد سنوات من التحقيقات والمحاكمات، وحربٍ مفتوحة على غزة وجبهات أخرى، فاجأ بنيامين نتنياهو الجميع بتقديم طلب رسمي إلى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ للعفو عنه وهو طلب غير مسبوق، لا في توقيته ولا في مضمونه ولا في دلالاته.
وبرر «وازن» في تحليل له دوافع نتنياهو لطلب العفو، تزامناً مع ملفات الفساد التي تلاحقه وهي ليست جديدة، موضحاً أن
التحقيقات بدأت قبل حوالي 10 سنوات، والمحاكمة مستمرة منذ 6 سنوات كاملة، وشهدت عشرات الجلسات وشهادات حساسة من مقربين ووسطاء ومسؤولين إعلاميين، لكن اللحظة الحالية مختلفة.
وذكر أن إسرائيل في حالة حرب، الجبهة الداخلية مهتزة، الاحتجاجات لم تخمد، والضغوط من الخارج تتصاعد، ووسط كل هذا، أصبح ملف المحاكمة عبئًا سياسيًا وشخصيًا على نتنياهو لذلك جاء طلب العفو بلغة واضحة: «استمرار المحاكمة يمزق المجتمع… ويضعف الجبهة الداخلية… وعلى الرئيس التدخل لوقف النزيف»، أو بمعنى آخر: «إمّا أن تحميني… أو تتحمّل أنت مسؤولية الانقسام».
وحول الإجابة على التساؤل الخاص بـ«ماذا يعني عفو بلا اعتراف»، قال إنه في هذه الحالة تكمن المفاجأة، فنتنياهو لا يطلب عفوًا على الطريقة التقليدية فهو لايعترف بأي ذنب، ولا يعتذر، ولا يتعهد بالانسحاب من الحياة السياسية، فهو يريد عفوًا مجانيًا كاملًا، دون أي تنازلات، وفي إسرائيل، العفو قبل الإدانة نادر جدًا، ويُمنح عادة لمن يعترف أو لمن يتنحى عن منصبه، أما نتنياهو فيريد تثبيت سابقة خطيرة وهي أن رئيس الحكومة يمكنه إلغاء محاكمته بقرار سياسي من بيت الرئيس، وهو جالس على كرسي الحكم: «هذه الخطوة ـ لو قُبلت ـ ستضرب العلاقة بين السياسة والقضاء في إسرائيل في الصميم».
أما بالنسبة للدور المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتدويل القضية، أكد الدكتور محمد وازن، أنه قبل أسابيع، وصل إلى بيت الرئيس هرتسوغ خطاب رسمي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يطالبه فيه صراحةً بمنح نتنياهو العفو، مؤكدًا أن محاكمته ذات دوافع سياسية، وأرفق نتنياهو رسالة ترامب داخل ملف طلب العفو نفسه: «هذا التطور أثار ضجة كبيرة داخل إسرائيل».
وذكر خبير الشئون الإسرائيلية، أن هذا الإجراء آثار العديد من الأسئلة أهمها: «كيف يستخدم رئيس حكومة رسالة من الخارج للتأثير على قرار قضائي داخلي؟ وهل أصبح القضاء الإسرائيلي شأنًا أمريكا؟ وكيف يمكن لزعيم سياسي أن يستقوي بعلاقاته الدولية للهروب من محاكمته؟»، موضحاً أن هذه الأسئلة فجّرت انقسامًا جديدًا، وأعادت النقاش حول تآكل استقلال القضاء.
وقال الدكتور محمد وازن، إن إسرائيل على حافة أزمة مؤسسات والكرة الآن في ملعب الرئيس يتسحاق هرتسوغ،
لكن هامش المناورة لديه ضيق للغاية فإذا وافق على العفو
سيتّهمه الشارع والقضاء بخيانة مبادئ سيادة القانون، وبتدمير ما تبقى من استقلالية القضاء الإسرائيلي، وإذا رفض
قد يدخل في مواجهة مباشرة مع نتنياهو، تعيد إشعال أزمة الانقلاب القضائي التي هزّت إسرائيل العام الماضي، وربما تُطلق موجة احتجاجات جديدة في وقت تغلي فيه الجبهات العسكرية.
بمعنى آخر، أكد الدكتور محمد وازن، أن طلب نتنياهو يهدد بإشعال أزمة دستورية كاملة داخل إسرائيل، والصورة اليوم داخل إسرائيل واضحة لمن يتابعها بعمق: «انقسام داخلي حاد،
صراع بين الحكومة والقضاء، تآكل الثقة في القيادة، ومجتمع ممزق بين الحرب والاقتصاد والسياسة وفي المقابل، يُحاول نتنياهو أن يقدّم نفسه كركيزة الأمن والاستقرار، وكأنه يقول للإسرائيليين: «أنا الضمانة الوحيدة… وإن سقطت، ستنهار الدولة»، لكن الحقيقة أن إسرائيل تمر بأحد أضعف مراحلها، وأن مؤسساتها تُختبر بقوة.


.jpg)

.png)


.jpg)


.jpg)
.jpg)
