التداعيات الاقتصادية المحتملة لقرار الرئيس الأمريكي بشأن وقف الهجرة من العالم الثالث
كشفت الصحف الأجنبية في تحليل معمق التداعيات الاقتصادية المحتملة لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن وقف الهجرة من العالم الثالث، موضحة أن التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذه السياسات لا تقل أهمية عن أبعادها الحقوقية، فالاقتصاد الأمريكي يعتمد في قطاعات واسعة – من الرعاية الصحية إلى التكنولوجيا والزراعة – على عمالة مهاجرة من دول الجنوب، وقطع شريان الهجرة من عشرات الدول دفعة واحدة قد يرضي المزاج الشعبوي على المدى القصير، لكنه يهدد بإحداث فجوات في سوق العمل ويُضعف مرونة الاقتصاد على المدى المتوسط.
وأوضحت أن الملف يخلق أيضًا توترا إضافيا مع حلفاء واشنطن في أوروبا، الذين يواجهون هم أنفسهم أزمات لجوء وهجرة، لكنهم – في أغلبهم – يتحركون ضمن أطر قانونية تتجنب التعبيرات و التعميم من نوع «العالم الثالث». التوجه الأمريكي الجديد قد يشجع التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا، لكنه في الوقت نفسه يحرج الحكومات الحليفة التي ترفع شعار «القيم المشتركة».
وذكرت أنه على مستوى صورة الولايات المتحدة في الجنوب العالمي، تبدو الرسالة قاتمة أن الدولة التي رفعت لسنوات شعار «استقبال اللاجئين الفارين من الاستبداد» تعلن الآن أن الانتماء إلى جغرافيا بعينها أو مستوى دخل معين كافيان لإغلاق الباب في وجهك. هذا يُضعف القوة الناعمة الأمريكية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويمنح خصومها فرصا إضافية لتقديم أنفسهم كبديل أقل عدائية تجاه شعوب الجنوب.
ونوهت إلى أنه من منظور داخلي، سيؤدي القرار إلى تعميق الاستقطاب بين المدن الكبرى المتعددة الثقافات، التي تستفيد من طاقة المهاجرين وخبراتهم، وبين مناطق الريف والضواحي التي ترى في الهجرة تهديدا لهويتها. النقاش حول الهجرة في الكونجرس والإعلام سيصبح أكثر حدة، مع اصطفاف واضح بين معسكر يركز على الأمن والهوية، وآخر يحذر من انهيار منظومة القيم الليبرالية التي قامت عليها الدولة.
وأكدت أن القرار يضع ضغوطاً إضافية على الأجهزة البيروقراطية، فعلى سبيل المثال، وزارة الأمن الداخلي، ودوائر الهجرة، والمحاكم الإدارية ستجد نفسها أمام جبل من الملفات لإعادة النظر في «كل» بطاقات الإقامة من دول محددة، ومراجعة آلاف قرارات اللجوء في وقت قصير، وهي مهمة شبه مستحيلة من الناحية العملية إذا أُريد لها أن تكون جادة لا مجرد أداة للترهيب السياسي.
ونوهت إلى أن منظمات الحريات المدنية والمحامين المتخصصين في قضايا الهجرة ستتجه على الأرجح إلى الطعن في القرارات على أساس مبدأ عدم رجعية القوانين، والانتهاك المحتمل لبنود التعديلين الخامس والرابع عشر في الدستور، المتعلقة بالمساواة أمام القانون والحماية المتساوية. معركة طويلة أمام المحاكم تبدو شبه حتمية، كما حدث مع قرارات الحظر السابقة.
وأكدت الصحف الأجنبية، أنه في الوقت نفسه، سيستثمر الديمقراطيون والجناح المعتدل من الجمهوريين هذه الأزمة لتصوير موقف ترامب كتهديد مباشر لسيادة القانون وللمؤسسات، وليس فقط كخلاف حول سياسات الهجرة. الخطاب المضاد سيحاول إعادة التركيز على أن المتهم شخص واحد خضع أصلا لتدقيق أمني مكثف، وأن الخطأ – إن وُجد – في آليات المتابعة والدمج، لا في وجود مجتمع مهاجر بأكمله.
وأوضحت، أن إشكالية التعاون الاستخباراتي مع شركاء محليين تبرز في مناطق الصراع، حالة لكنوال، الذي عمل مع وحدات مدعومة من وكالة الاستخبارات، ثم أصبح لاحقا هدفا لحملة سياسية، قد تجعل كثيرين من المتعاونين المحتملين حول العالم يفكرون مرتين قبل ربط مصيرهم بالولايات المتحدة، خوفًا من أن يتحولوا في لحظة لاحقة إلى «خطر أمني» أو ورقة في معركة انتخابية.
ونوهت إلى أن إقحام مصطلح «الحضارة الغربية» في قرارات الهجرة يعيد إنتاج ثنائية «نحن» و«هم» على مستوى كوني، لا على مستوى تهديدات محددة. بهذا المعنى، تنتقل الولايات المتحدة من سياسة أمن حدود إلى سياسة «هندسة ديموغرافية وثقافية»، تحاول عبرها ضبط تركيبة المجتمع نفسه بما يتوافق مع رؤية أيديولوجية معيّنة. هذا توجه يحمل في جوهره خطر تحويل الصراع السياسي الداخلي إلى صراع حضاري مفتوح.


.jpg)

.png)


.jpg)


.jpg)
.jpg)
