عمرو أديب: موقع مصر المتميز أصبح وبالًا عليها بسبب الحرب في السودان

تشهد الساحة السودانية واحدة من أخطر مراحل التصعيد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعدما أطلق قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" تصريحات أثارت قلقًا إقليميًا واسعًا، قال فيها إن أي طائرة تقلع من دولة مجاورة للسودان ستكون هدفًا لقواته.
التصريح اعتبره الإعلامي عمرو أديب في برنامجه الأخير إشارة واضحة إلى أن الوضع في السودان لم يعد شأنًا داخليًا، بل تحول إلى أزمة تهدد أمن المنطقة بأكملها، مؤكدًا أن ما يجري في الخرطوم ودارفور أصبح "وبالًا على مصر" التي تتابع التطورات عن كثب.

السيطرة على الفاشر... آخر معاقل الجيش في دارفور

أديب أوضح أن قوات الدعم السريع باتت تفرض سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، ما جعل ميزان القوة يميل بشكل حاسم لصالح قوات حميدتي.
المدينة، التي كانت تُعد آخر خطوط الدفاع في الإقليم، شهدت معارك عنيفة خلال الأيام الماضية، انتهت بدخول قوات الدعم السريع إليها، وسط أنباء عن انهيار جزئي في الاتصالات وخروج المستشفيات عن الخدمة بسبب نقص الإمدادات وانقطاع الكهرباء.

أزمة إنسانية تتفاقم

وفي مداخلة على الهواء، نقل مراسل قناة العربية في بورسودان عمار أبو شيبة صورة قاتمة لما يحدث في الميدان، مؤكدًا أن دخول قوات الدعم السريع إلى الفاشر جعل المدينة "بلون الدماء" بسبب المواجهات والاشتباكات، وأن آلاف الأسر تحاول الهرب في ظل ظروف معيشية وإنسانية بالغة الصعوبة.
وأضاف أبو شيبة أن الاتصالات شبه مقطوعة في الإقليم، ما يعقّد من مهمة توثيق حجم الخسائر البشرية والمادية.

تحركات دبلوماسية مصرية

وفي القاهرة، أكد عمرو أديب أن وزير الخارجية المصري بدأ سلسلة اتصالات ومشاورات مع خمس دول إقليمية ودولية لبحث تطورات الموقف السوداني، في محاولة لاحتواء التصعيد ومنع امتداد تأثيراته إلى دول الجوار.
وأشار إلى أن التحرك المصري يأتي في ظل قلق متزايد من تحول الصراع إلى ساحة مفتوحة للجماعات الإرهابية والمرتزقة، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن تسلل عناصر مسلحة من خارج السودان للمشاركة في القتال.

خطر يمتد إلى الإقليم

أديب حذر من أن التهديدات الصريحة التي أطلقها حميدتي تمثل تطورًا خطيرًا يمكن أن يفتح الباب أمام مواجهات إقليمية أو ردود فعل دولية، خصوصًا أن السودان يشترك في حدود طويلة مع مصر وتشاد وجنوب السودان وإريتريا وليبيا، وكلها مناطق حساسة أمنيًا.
وأضاف أن استمرار الحرب بهذا الشكل سيؤدي إلى مزيد من الانقسام، وإلى تداعيات اقتصادية وإنسانية يصعب احتواؤها، مؤكدًا أن الحل السياسي الشامل هو المخرج الوحيد قبل أن تنزلق البلاد إلى فوضى شاملة.

الفاشر... المدينة التي تنزف

تقارير ميدانية أشارت إلى أن الفاشر أصبحت بلا خدمات تقريبًا، حيث توقفت إمدادات المياه والكهرباء والوقود، وأغلقت معظم المستشفيات أبوابها بسبب نقص الأدوية والطواقم الطبية.
ويخشى المراقبون من أن تتحول المدينة إلى مركز لأزمة إنسانية كبيرة، مع نزوح آلاف المدنيين نحو مناطق أكثر أمانًا وسط ظروف معيشية قاسية ونقص حاد في المساعدات.

دعوات للتهدئة وحلول عاجلة

في ختام حديثه، شدد عمرو أديب على أن الأزمة السودانية لم تعد قضية داخلية بل تهديد مباشر لاستقرار المنطقة، داعيًا الأطراف الإقليمية إلى التحرك سريعًا لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية آمنة للمدنيين، لأن استمرار القتال بهذا الشكل يعني "أن السودان كله مهدد بالانهيار".