ما هي الاهمية الاستراتيجية لمدينة الفاشر السودانية بعد سقوطها في يد الدعم السريع ؟
في اعقاب سقوط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ووالتي اعلن الدعم السريع الاستيلاء عليها عقب عام كامل من حصارها وذلك بعد نحو 600 يوما من القتال المستمرمنذ بداية الحرب المدمرة في السودان وتمكنها من إحراز تقدم لافت في إقليم كردفان خلال الايام القليلة الماضية وباتت قوات الدعم السريع تتحكم في العمق الغربي من البلاد فما هي التداعيات العسكرية والسياسية التي يمكن أن تنجم عن هذا التطور الميداني الاخير؟
يقول اللواء اركان حرب دكتور خالد عطية الخبير الاستراتيجي ان مسألة السيطرة على الفاشر من قبل قوات الدعم السريع والتي تمثل سقوط آخر معاقل الجيش في دارفوروهذا الإقليم الذي يشكل ربع مساحة السودان وتعد عمقا استراتيجيا لولايات كردفان والشمالية ونهر النيل وتربط السودان بشريط حدودي حساس يمتد إلى ليبيا تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان خاصة وان السيطرة على الفاشر تعني حسم المعركة في الشريط الغربي الممتد من دارفور إلى كردفان ما يمنح الدعم السريع تحكما بخط الدفاع الغربي للسودان وتمنح السيطرة على دارفور الدعم السريع موقعا تفاوضيا قويا، إذ يشكل الإقليم بوابة نحو أربع دول أفريقية ذات امتدادات قبلية واقتصادية خاصة وان الإقليم غني بالموارد والثروات المعدنية، ويضم نحو 20% من الثروة الحيوانية السودانية.
واضاف اللواء عطية ان أهمية سقوط الفاشر تنبع من ثلاثة محاور: ميزان القدرات العسكرية الوضع المعنوي للمقاتلين وتغير استراتيجيات القتال خاصة وأن قوات الدعم السريع ما زالت تحافظ على قوة اندفاعها وقدرتها على التسليح وتأمين الإمداد بالمقاتلين رغم مرور أكثر من عامين ونصف على اندلاع الحرب وهذا الانتصار الذي تحقق بعد أكثر من عام ونصف من الحصار سيمنح قوات الدعم السريع دفعة معنوية كبيرة في كل محاور العمليات وسينعكس سلبا على معنويات الجيش والقوات المتحالفة معه".
ويرجح اللواء عطية أن تتجه قوات الدعم السريع نحو تكثيف عملياتها في كردفان خصوصا في مدينتي الأبيض وبابنوسة وفتح ممرات نحو العمق الشمالي بينما قد يرد الجيش بكثافة في الضربات الجوية عبر المسيرات تكتسب السيطرة على إقليم دارفور أهمية سياسية كبيرة، إذ تحسن من الوضع التفاوضي للجهة المسيطرة بالنظر إلى عمقه الجغرافي واتصاله بأربع دول مجاورة. كما أن الترابط القبلي بين دارفور ودول الجوار يمنحها بعدا إقليميا معقدا واضافة الي الأهمية الاستراتيجية لإقليم دارفور ستقوي الموقف التفاوضي لقوات الدعم السريع وتمنحه ورقة ضغط رابحة.
ويعتبر الدكتور محمد فوذي استاذ الجغرافيا السياسية بجامعة القاهرة أن سيطرة الدعم السريع على دارفور تمثل تحولا استراتيجيا بالغ التأثير في ميزان الصراع السوداني نظرا لموقع الإقليم الذي يربط السودان بتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان حاصة وان هذا الامتداد الحدودي يمنح الدعم السريع منفذا سياسيا وعسكريا واقتصاديا خارج سيطرة الحكومة المركزية في بورتسودان ويفتح أمامه فرصا لتأمين خطوط إمداد والحصول على دعم أو ملاذات من جماعات مسلحة في تلك المناطق الهشة.
وأضاف الدكتور فوذي ان هذه السيطرة ستعزز نفوذ الدعم السريع كقوة أمر واقع قادرة على التفاوض من موقع قوة في أي عملية سياسية مقبلة وقد تدفع بعض الأطراف الإقليمية للتعامل معه كفاعل مستقل وهذه التطورات في دارفور تمثل تحديا خطيرا للجيش والسلطة في بورتسودان إذ تعمق من عزلة الحكومة وتضعف سيطرتها على الأطراف كما قد تثير مخاوف من انتقال الفوضى إلى دول الجوار أو تحول دارفور إلى منطقة نفوذ عابرة للحدود تهدد الأمن في وسط وغرب إفريقيا وتمنح السيطرة على الفاشر قوات الدعم السريع هيمنة عسكرية على كامل دارفور وتتيح لها تأمين الإمدادات بسهولة أكبر والتوجه لحسم المعارك في كردفان وسياسيا تقوي هذه السيطرة الموقف التفاوضي وتجعل الدعم السريع فاعلا إقليميا و اقتصاديا فيربط إقليم دارفور السودان بسوق حيوية في أربع دول أفريقية يعيش فيها أكثر من 100 مليون نسمة ويضم الإقليم نحو 20% من الثروة الحيوانية في السودان إضافة إلى احتياطات كبيرة من المعادن مثل الحديد والرصاص والكروم والنحاس والألومنيوم والنيكل واليورانيوم.
وتعد سيطرة الدعم السريع على دارفور قد تحدث تغييرات جذرية في معسكر الجيش السوداني. فمدينة الفاشر كانت آخر معقل استراتيجي خارج قبضة الدعم السريع، كما كانت مقر القيادة العسكرية العليا للحركات المسلحة في الإقليم وهو ما يشبه زلزال سياسي يهدد الشرعية الرمزية لما تبقى من حكومة بورتسودان التي كانت تتهم أصلا بالعجز أمام الحصار المتصاعد للمدينة.


.jpg)



.jpg)


.jpg)

.jpg)
