جوزيف عون: رئيسٌ لإعادة بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها

أثار أعلان الرئيس اللبناني جوزيف عون التفاوض مع إسرائيل تساؤلات حول مستقبل لبنان في خضم التوازن الإقليمي المتغير، خصوصًا في ظل الضغوط الأميركية والدولية لتحقيق خطوات نحو السلام.
وأكدت تصريحات عون على أهمية فتح حوار لحل المشاكل العالقة بين لبنان وإسرائيل، مستندًا إلى التجارب السابقة في ترسيم الحدود البحرية التي جرت برعاية أميركية.
وقال عون إن "الجو العام اليوم هو جو تسويات"، مشيرًا إلى أن لبنان لا يمكنه تجاهل التحولات الإقليمية، وإلا فإنه سيُجرف بفعل التغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة.
وأوضح عون، في تصريحات أمام وفد من الإعلاميين الاقتصاديين: "سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أمريكية والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية".
وسأل عون: "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة؟"، مضيفًا: "اليوم، الجو العام هو جو تسويات ولا بد من التفاوض".
وأعطت تصريحات الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون حول لبنان ودعمهما للرئيس اللبناني والحكومة في قرار حصرية السلاح بيد الدولة زخما دوليا للسلطة اللبنانية.
فقد برز الجنرال جوزيف عون كشخصيةٍ جامعةٍ للبنان في مرحلةٍ حرجة. بعد مسيرةٍ عسكريةٍ متميزةٍ تُوِّجت بتعيينه قائدًا للجيش عام ٢٠١٧، انتُخب رئيسًا في يناير ٢٠٢٥، منهيًا بذلك أكثر من عامين من الفراغ السياسي .
فقد حظيت رئاسته بدعمٍ من ائتلافٍ برلمانيٍّ واسعٍ وتأييدٍ دوليٍّ - لا سيما من الولايات المتحدة وفرنسا وعدة دولٍ عربية - التي ترى فيه قادرًا على إخراج لبنان من أزمته.
وخلال فترة قيادته للجيش، التزم عون موقفًا محايدًا تجاه الفصائل السياسية اللبنانية، بما في ذلك حزب الله، الذي لم يعترض على ترشيحه رغم تحفظاته السابقة، كما عرف عون بنزاهته وأسلوبه القيادي العملي، وقد تعهّد بالسعي إلى إصلاحات قضائية واقتصادية وإدارية شاملة تهدف إلى مكافحة الفساد وإنعاش الاقتصاد.
وفيما يتعلق بمسألة سلاح حزب الله، تبنى عون نهجًا حازمًا ولكنه تدريجي، واصفًا إياه بأنه "مسألة سيادية داخلية"، ومتعهدًا بتجميع جميع الأسلحة تحت سلطة الدولة من خلال الحوار الوطني، كما دعا في الوقت نفسه إلى وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية والاحترام الكامل لقرارات الأمم المتحدة، محققًا التوازن بين السيادة والردع، ينظر العديد من اللبنانيين إلى عون كمصلح منضبط قادر على استعادة مؤسسات الدولة وسيادة القانون، ومع ذلك، فإن تفكيك عقود من الرعاية الطائفية وإعادة بناء الثقة العامة سوف يشكلان الاختبار النهائي لرئاسته وقدرته على ترجمة الدعم المحلي والدولي إلى انتعاش ملموس.
وتقف لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم موقفها الإقليمي، وذلك مرهون بحسن إدارة ملف التفاوض، والقدرة على التوازن بين الدعم الدولي والمواقف الداخلية، بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة.