في ذكرى رحيله.. عمر الحريري رحل في صمت وبقي في وجدان الفن

رحل في هدوءٍ يشبه طباعه، وترك وراءه ضجيجًا من الحنين لا يخفت، في مثل هذا اليوم، السادس عشر من أكتوبر، تمر أربعة عشر سنة على غياب الفنان عمر الحريري، ذاك الرجل الذي لم يكن مجرد ممثل، بل كان ملامح عصرٍ من الرقي والوقار، لم يبحث يومًا عن ضوءٍ زائف، بل كان هو الضوء ذاته، يدخل القلوب دون استئذان بابتسامته ونبرته الحانية وحضوره الذي لا يُنسى.
من الطفولة إلى المجد
بدأت أول خيوط الحلم مبكرًا حين شارك طفلًا في فيلم «سلامة في خير» عام 1937، قبل أن يختار طريق الفن عن يقين، ويتخرج في المعهد العالي لفن التمثيل العربي.
وكانت انطلاقته الحقيقية عام 1950 من خلال «الأفوكاتو مديحة»، ليعلن منذ البداية أن هناك نجمًا يولد بهدوء لكنه يفرض حضوره بقوة الموهبة.
إرث من الجمال والصدق
قدم عمر الحريري ما يزيد عن مائة عمل سينمائي، لم يكن فيها مجرد ممثل بل حالة من الأناقة الفنية.
شارك في أفلام خالدة مثل «سكر هانم»، «نهر الحب»، «الرباط المقدس»، «الآنسة حنفي»، و«معالي الوزير»
جمع بين عمق الأداء وخفة الظل، فكان قادرًا أن يبكيك في مشهد ويُضحكك في آخر، دون أن يفقد هيبته أو رُقيه لحظة واحدة.
المسرح والدراما.. قلبه النابض
لم يكن المسرح عنده مجرد عمل، بل بيتًا وروحًا عاش فيها عمرًا، وقف على الخشبة في أعمال لا تُنسى مثل «شاهد ما شافش حاجة» و الواد سيد الشغال»، وترك فيها بصمة من الرقي والكوميديا الراقية.
وفي التلفزيون، أطل على جمهوره في روائع مثل «أوراق الورد»، «أحلام الفتى الطائر»، «ساكن قصادي»، و«شيخ العرب همام»، ليؤكد أن الفن بالنسبة له رسالة وليست مهنة.
رحيل هادئ.. وذكرى باقية
في 16 أكتوبر 2011، أسدل عمر الحريري الستار على رحلة فنية امتدت أكثر من خمسين عامًا، قضاها بين الكاميرا والمسرح كنبيلٍ عاشقٍ للفن،
رحل كما عاش، في صمتٍ يليق بالرجال الكبار، تاركًا وراءه أثرًا لا يُمحى وقلوبًا لا تزال تشتاق لحضوره.
ربما غاب وجهه عن الشاشة، لكن صوته وصورته وابتسامته لا تزال تسكن ذاكرة الفن المصري، كأحد آخر ملامح الزمن الجميل.